story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

الدوران في المتاهة!

ص ص

كانت انتظارات الجمهور المغربي كبيرة من وديتي أنغولا وموريتانيا، لكي يرى ماذا سيقوم به الناخب الوطني وليد الرݣراݣي من تدبير للمرحلة الجديدة التي تلت الإقصاء المذل من كأس إفريقيا للأمم بالكوت ديفوار، وكيف سيقوم بالتغييرات التي وعد بها في خروجه الإعلامي مع قناة الرياضية، في إطار السعي لامتلاك منتخب قادر على المنافسة على الكان المقبل الذي سيحتضنه المغرب السنة القادمة.

نقطة الضوء الوحيدة التي تحققت في هذا الحديث الحماسي عن التغيير، هو استقطاب لاعب فذ من قيمة إبراهيم دياز إلى المنتخب الوطني بعد مسلسل تشويقي طويل انتهى بنهاية سعيدة للمغرب، إضافة إلى إلياس بن الصغير الفتى الواعد الذي أبهر الجميع بمهاراته وفنياته التي تبشر بنجم عالمي في الطريق.

عدا ذلك لم نلمس أي تحسن في الآداء الجماعي للفريق الوطني مقارنة مع ما شاهدناه في سان بيدرو، بل إن الأمور كانت أسوأ بكثير خصوصا في المباراة أمام موريتانيا، على مستوى الإنسجام والتناغم بين اللاعبين، لقد بدا وكأنهم كل واحد يلعب لنفسه، وكل عنصر يبحث عن مكانته في التشكيلة الأساسية بإظهار إمكانياته المهارية ومحاولة التسجيل بأنانية غريبة.

الدخول في التفاصيل والإحصائيات التقنية للمبارتين لن يفيد في شيء، وانتقاد كل لاعب على حدة قد يكون فيه الكثير من التجني على أولاد صغار السن لاذنب لهم سوى أنهم وجدوا أنفسهم في دوامة مرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الضغوطات و”التخربيق” في تجريب طريقة لعب جديدة تجعل المنتخب الوطني هو المبادر للهجوم بدل خطة انتظار الخصم في مناطقنا الدفاعية.

مشكل الفريق الوطني ليس مشكل لاعبين وفرديات ومن يصلح أفضل من الآخر في مركز من المراكز. مشكل الفريق الوطني هو في تذويب هؤلاء الوجوه المتألقة في أنديتها داخل قالب تكتيكي واحد، لكي يتحدثوا لغة كروية متناغمة، ويحصلوا على الإنسجام الكفيل بحل شفرة المنتخبات الإفريقية التي تجيد اللعب في الخلف وإغلاق المنافذ وخنق أنفاس الخصم، وأي حديث عن أحقية لاعب على الآخر في الفريق الوطني أراه بدون معنى ومضيعة للوقت مادام أنه لن يلعب لوحده على أرضية الملعب ويحتاج وجود نظام لعب يكون هو قطعة فيه فقط.

و”باش نجيو من لخر” كما تقول دارجتنا المعبرة، ولكي لا نستمر في استهلاك بطاريات الكلام في التحليل “الخاوي”.. فنحن لن تقوم لنا قائمة في إفريقيا كرويا ما دامت نفس أسباب الفشل هي التي تؤسس سياستنا الكروية على صعيد المنتخبات الوطنية، فالطريقة التي نُشَكّل بها الفريق الوطني أثبتت أنها “ما واكلاش”، وأن هذا الإعتماد الكلي على لاعبين ولدوا وتربوا في بيئات كروية مختلفة من الصعب جدا أن تصنع منهم كتلة منسجمة تلعب بطريقة متناغمة وأسلوب محفوظ عن ظهر قلب.

قد يقول قائل لماذا الأندية الكبيرة تستطيع صناعة مجموعة منسجمة رغم أن لديها لاعبين قادمين من مدارس و بلدان مختلفة ؟؟ الجواب بسيط .. المنتخبات ليست هي الأندية .. المنتخبات لديها حيز زمني قصير في التجمعات لا تدوم أكثر من أسبوع خلال كل شهرين أو ثلاثة أشهر ، و هي فترة غير كافية للإشتغال على تحقيق الإنسجام التكتيكي و خلق لغة كروية موحدة تتحدث بها المجموعة و تكتسب بها ملامح البطل في النهائيات .. عكس الأندية التي تشتغل بشكل يومي و على مدار الأسبوع و طوال السنة على ذلك.

واضح أنه لكي تفك شفرة المنتخبات الإفريقية الصعبة المراس التي تلعب في الخلف، يجب أن تتوفر أنت أولا على منتخب “إفريقي” متمرس ومنسجم ويحفظ لاعبوه بعضهم وتكونوا في منظومة كروية موحدة، ولكي تحصل على هذا المنتخب المنسجم يجب أن تتوفر على سياسة تَدَرّج الفئات السنية مجتمعة في المنتخبات الوطنية داخل هوية كروية محددة، حتى عندما تجد نفسها في المنتخب الأول بنصف التشكيلة على الأقل، تكون هي “النواة” التي نتحدث عنها منذ عقود بشكل ساخر في المغرب.

قد يقول قائل.. ماذا سنصنع بأولاد جاليتنا الذين يتألقون في الأندية العالمية؟ هل ليس لديهم حق في اللعب لمنتخب أصولهم؟

الجواب بسيط.. يجب أولا أن تكون قاعدة المنتخب الوطني الوطني الكبيرة مُشَكّلة من لاعبين تربوا في بيئة كروية واحدة ولعبوا مع بعضهم لسنوات طويلة وتدرجوا مجتمعين عبر مختلف الدرجات والفئات في المنتخبات السنية، وبعد ذلك يمكن أن تضيف إليها الوجوه من أبناء الجالية المتألقين جدا في المستوى العالي عالميا التي من المفروض فيها أن تنصهر في طريقة اللعب الجاهزة والمتمرس عليها في الفريق الوطني.

غير ذلك سنبقى ندور في حلقتنا المفرغة، ونبيع الوهم للمغاربة بتغيير المدربين و”تلصيق” الفشل في هذا وذاك، وفي أشياء هي تحصيل حاصل لسياسة كروية أثبت فشلها منذ عقود.