story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

حقوقيون ينددون “بالمقاربة الأمنية” في التعامل مع المهاجرين ويطالبون بوضع سياسة تنموية

ص ص

بين الفينة والأخرى يحاول مئات الشباب المغاربة ركوب البحر المتوسط بحثاً عن ظروف معيشية أفضل، بين من تتكلل محاولته بالنجاح معانقاً “الفردوس الأوروبي” حسبما يعتقد، ومن يلتطم بأمواج البحر لترجعه جثة هامدة إلى سواحل القارة السمراء، إذا لم يصطدم بحواجز السلطات الأمنية وما يعقب ذلك من متابعات وعقوبات قد ترقى لحالات تعدها أصوات حقوقية “انتهاكاً لحقوق الإنسان”.

من موجة الهجرة عبر قوارب “الفانطوم” سنة 2018، واختراق سياج سبتة في يوم واحد من قبل الآلاف سنة 2021، إلى اغتنام فرصة الضباب قبل يومين ومحاولة الوصول إلى المدينة المحتلة سباحة، تتعدد العوامل التي مهدت الطريق سواء كانت بفعل المناخ أو السياسة أو الجريمة المنظمة لكن الدافع واحد، حسب حقوقيين يرون كذلك أن “الحل الوحيد هو معالجة الأسباب التي تؤدي إلى هذه الهجرات”.

في هذا الصدد، يرى محمد بنعيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الشباب الذين يحاولون الهجرة “معظمهم من الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة وينحدرون من فئة اجتماعية هشة أو فقيرة، وغالباً ما يتسم مسارهم الدراسي بالتعثر، ومحيطهم الأسري بالمشاكل الاجتماعية كالتفكك والطلاق، ليزيد الطين بلة المستقبل الغامض في تمثلاتهم”.

وانتقد بنعيسى “التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية للشباب بالمقاربة الأمنية عوض المقاربة التنموية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية”، معبراً عن استيائه من “احتكار العقل الأمني المغربي التعامل مع ظاهرة الهجرة المتعددة الأبعاد وفق رؤية واحدة عوض إدماج باقي المقاربات”.

ويعتبر المتحدث ذاته، وهو باحث في الهجرة، أن إبعاد الشباب المغربي من الحدود باتجاه مدن بعيدة، “يعبر عن سياسة التخبط والترقيع وغياب المعنى”.

بدوره عدّ محمد البازي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة المضيق محاولات الهجرة الجماعية غير النظامية والقاصرين إلى سبتة المحتلة، تعبيراً عن “فشل السياسات العمومية في الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب”، إلى جانب “عدم إيجاد بدائل حقيقية توفر فرص شغل كريمة بعد إغلاق المعبر الحدودي باب سبتة”.

وأدى إغلاق المعبر الذي كان يشغل يد عاملة كبيرة بمنطقة الشمال، حسب البازي، إلى “ارتفاع نسبة البطالة في المنطقة بشكل مهول، خاصة مغ غياب منافع اقتصادية بديلة”، ما يبين أن دافع هذه الموجات من الهجرة، يضيف المتحدث “اقتصادي محض”، مطالباً المسؤولين بالتعامل مع هذه الأحداث وفق مقاربة اجتماعية- اقتصادية عن طريق فتح أوراش حقيقية بعيداً عما أسماها بـ “سياسة تزييف الحقائق”، لأن المنطقة تعيش “بؤساً اقتصادياً” حسب تعبيره.

وانتقد محمد البازي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، عمليات الإرجاع الفوري التي قامت بها السلطات الإسبانية بتعاون مع نظيرتها المغربية، معتبراً إياها “خرقاً للقوانين الأوروبية والمواثيق الدولية”، في الوقت الذي “تغيب فيه المعاملة الإنسانية وتوفير الحماية القانونية للأطفال”.

كما شدد على أن قيام السلطات المغربية “بالترحيل القسري” لعدد من الشباب القاطنين في المضيق والفنيدق وتطوان إلى مدن الداخل، أو عرض الموقوفين أثناء محاولة الهجرة أمام المحاكم “إجراءات عقابية تعسفية وغير قانونية”، مندداً في الوقت نفسه “بالاعتداء الجسدي على المهاجرين”.

واستنكر “المقاربة الأمنية وما يرافقها من خروقات وإجراءات تعسفية لدى الجانبين المغربي والإسباني”، لافتاً إلى أن ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وشروط العيش الكريم لكل المغاربة، “يظل السبيل الوحيد لمواجهة هذه المآسي الإنسانية”.

هذا ونبه الناشط الحقوقي إلى أن محاولات الهجرة لا تتوقف، وتؤدي إلى فقدان العديد من الشباب والقاصرين، ما يبين “قصور المقاربة الأمنية في مواجهة هذه الظاهرة الإنسانية، باعتبار الهجرة حقاً إنسانياً تؤكده جميع المواثيق الدولية”، داعياً المنظمات الحقوقية والمدنية المغربية والإسبانية إلى فضح وتوثيق كل الانتهاكات والخروقات، والنضال من أجل إلزام الدولتين بتطبيق تعهداتهما الحقوقية على المستويين الوطني والدولي.

ويذكر أن مندوب الحكومة في سبتة المحتلة كريستينا بيريز، قالت إن حوالي 1500 شخصاً حاولوا دخول المدينة الأحد الماضي خلال موجة الهجرة غير النظامية الأخيرة، مشيرة إلى حدوث حالة من الضغط الشديد بالمدينة التي تشهد في المتوسط محاولة 500 شخص دخولها بشكل يومي.

وأضافت أن متوسط من تعيدهم سبتة المحتلة للمغرب يومياً يتراوح ما بين 150 و200 شخص، بموجب الاتفاق الذي يسمح للسلطات الإسبانية بإعادة الراشدين من المغاربة الذين يصلون إلى المدينة بشكل غير نظامي، بينما يتم استقبال القاصرين في مراكز خاصة بهم.

وتأتي هذه الأرقام، بعدما استنفرت موجة هجرة غير نظامية قوية سلطات مدن الشمال، بما فيها والي الجهة الذي حل بمدينة الفنيدق صباح الإثنين 26 غشت 2024، للوقوف على تطورات الحدث في المدينة.

وانتشرت مقاطع فيديو توثق حالات “هروب جماعي” لمئات الشباب من الفنيدق إلى سبتة، تم توقيف جلهم من طرف الحرس المدني الإسباني الذي أعاد الراشدين منهم للسلطات المغربية، بينما نقل قاصريهم إلى مراكز الاستقبال، في حين تم اعتراض آخرين من قبل السلطات المغربية في عرض المتوسط، أثناء عبورهم سباحة نحو المدينة المحتلة.