“أسهم في انكماش التطبيع”.. بونعمان: 7 أكتوبر كان له تأثير عميق على الفضاء الأكاديمي المغربي
عاشت الجامعات خلال سنة كاملة، منذ بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، على وقع حراك اكاديمي مواز للحراك الشعبي في الشارع المغربي ويدعم المقاومة الفلسطينية كما يندد بحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل، ويرفض التفاقيات التطبيع مع جامعات هذه الأخيرة.
ومن أبرز مظاهر التضامن مع القضية الفلسطينية داخل الجامعة المغربية، ما شهدته المدرسة العليا للتكنولجيا بالدار البيضاء عندما صعدت الطالبة خديجة أحتور منصة التتويج مع الكوفية الفلسطينية رغم رفض مسؤول جامعي توشيحها، مطالباً إيها بخلع الكوفية قبل أن يفضل الانسحاب وسط تصفيقات الحاضرين دعماً للطالبة، معبرين عن استنكارهم لسلوك المسؤول الجامعي الذي أثار استياء عارماً بين المغاربة.
في هذا الصدد، يرى سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن حدث السابع من أكتوبر وتداعيات معركة طوفان الأقصى كان لهما تأثيراً عميقاً على الفضاء الأكاديمي والرأي العام الطلابي، والذي أسهم في تصاعد “رفض التعامل الأكاديمي مع الكيان المحتل والتصدي للاختراق الصهيوني تحت مسميات الشراكة العلمية وتبادل الخبرة أو التطوير البحثي”.
ويرصد بونعمان هذا التأثير على عدة مستويات بينها “تراجع التطبيع الأكاديمي الرسمي وانكماشه بعدما كانت هناك جهود لتسميم الأجواء الأكاديمية بعقد اتفاقيات شراكة مع جامعات الاحتلال أو التنسيق معه في مشاريع البحث والتطوير”، لافتاً إلى أن النخبة الجامعية تصدت لمحاولات اختراق الجامعة العمومية وتحويلها لفضاء لتبرير الاحتلال ومنح الشرعية للإبادة”.
ويشر الأكاديمي المغربي إلى أنه من آثار ذلك “نفي رئاسة جامعة عبد المالك السعدي اعتماد الجنسية الإسرائيلية للتسجيل بمؤسساتها”، مشيداً بالمواقف النقابية في هذا الصدد، ومناهضة غالبية الأساتذة للتطبيع الأكاديمي مع الكيان المحتل، والتي كان من بينها “الإضراب الوطني للأساتذة الذي نظم احتجاجاً على مجازر الاحتلال وتضامناً مع غزة”، إضافة إلى الوقفات الرمزية التضامنية مع القضية الفلسطينية، ومشاركة الهيئات النقابية والجمعيات العلمية للأساتذة في مختلف مسيرات الشعب المغربي المليونية للتضامن مع الفلسطينيين ورفض الإبادة الجماعية.
ومن تأثير تاريخ 7 أكتوبر داخل الأوساط الجامعية، يذكر سلمان بونعمان “المبادرات الرمزية التي اتخذها معظم الجامعيون والطلاب بارتداء الكوفية خلال حفلات التخرج، ومناقشات البحوث وأيام الامتحانات، والتي تم الإصرار عليها بعد الحادثة المعزولة لرفض أحد عمداء الكلية تتويج طالبة متفوقة خلال حفل تخرج بمؤسسة جامعية بسبب توشحها بالكوفية”، معتبراً أن هذا السلوك “لا يمت لجهود المغاربة في دعم فلسطين رسمياً وشعبياً بصلة، كما لا يعبر عن روح الجامعة المغربية التي ظلت عبر التاريخ سداً منيعاً ضد سياسات التطبيع والتقسيم والصهينة”.
هذا بالإضافة إلى قرار المناقشة الرمزية لأطروحة الدكتوراه في القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش للطالب الفلسطيني “هاني رواشة” الذي استشهد قبل مناقشتها، يضيف المتحدث مشيراً إلى توشح أعضاء اللجنة العلمية بالكوفية الفلسطينية تعبيراً عن “التضامن العلمي والإنساني مع قضية فلسطين وطلابها النجباء”.
ويشدد الأستاذ الجامعي المغربي إلى أن كل هذه المؤشرات تؤكد بأن معظم النخبة الأكاديمية بالجامعة المغربية “اجتهدت ما أمكن للقيام بدورها المعرفي بكل نقدية واستقلالية ومصداقية علمية وأخلاقية منحازة إلى المظلومين، ومحتجة على سياسات الإبادة غير المسبوقة”، كما أنها ترفض “الانخراط في سرديات صهيونية مشبوهة، تسعى إلى تحريف الجامعة عن أدوارها الوطنية والتاريخية والأكاديمية في بناء الشخصية الوطنية الحرة، وتحصين القيم الوطنية والدينية للمغاربة ومواجهة مخططات التقسيم والصهينة”.
ونبه المتحدث ذاته إلى أن عموم الجامعيين المغاربة رفضوا توظيف قدراتهم المعرفية لتبرير الاحتلال وتجريم المقاومة وتبييض صورته النازية، “كما رفضها معظم زملائهم بالجامعات العربية والغربية” موضحاً أن دليل ذلك هو “انخراط الجامعات المغربية وكل مؤسسات التعليم العالي في إضراب وطني بمناسبة الذكرى الأولى للسابع من أكتوبر، ومواكبة لموجة التضامن الإسلامية والعالمية مع القضية الفلسطينية وتنديداً بجرائم الإبادة الصهيونية”.