story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

تعويض ضحايا الفيضانات

ص ص

من حق كل مواطن مغربي الحصول على تعويض مادي إذا تعرّض لأضرار مادية أو بدنية جراء كارثة طبيعية، سواء كان له تأمين أو لم يكن. ويعتبر هذا التعويض حقا مكفولا بقوة القانون منذ العام 2020، حين بات هناك رسم إجباري يدفعه كل من يتوفر على عقد تأمين، إلى جانب صندوق خاص يتولى تعويض المواطنين الذين لا يتوفّرون على أي عقد تأمين.
أي أن مواطنينا في فكيك وورزازات وزاكورة وطاطا… ممن تضررت بيوتهم أو حقولهم أو عرباتهم أو صحتهم أو فقدوا عزيزا عليهم، يتمتعون بحق مضمون قانونيا في التعويض، سواء عن الأضرار البدنية أو المادية، ولم يعد هناك مجال لاستعمال خطاب الصدقة والإحسان والدعم والتضامن تجاههم.
هذا ما ينصّ عليه القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، الذي صدر عام 2016 ودخل حيّز التنفيذ في 2020، ويدعمه برنامج خاص مع البنك الدولي، وبوليصة تأمين دولي تسمح للمغرب بالحصول على تعويضات مالية بعد حدوث كوارث، كما تخصص له اعتمادات مالية سنوية عبر القانون المالي…
لكن الحكومة تعمد بعد كل كارثة، إلى حجب هذه الحقوق القانونية عبر الصمت وعدم توجيه المواطنين إلى المساطر والإجراءات التي ينص عليها هذا القانون كي يحصلوا على تعويضاتهم.
ينص هذا القانون على أن المتضررين من الكوارث الطبيعية يحصلون على تعويض يحتسب وفق لطريقة تقدير تعويض المصابين في حوادث السير. ويشمل الحق في التعويض كلا من الأضرار الجسدية وفقدان أحد أفراد العائلة، والضرر الذي يلحق السكن الرئيسي.
وخلافا للتعويضات التي أقرتها الحكومة لصالح ضحايا زلزال الحوز، فإن القانون ينصّ على أن قيمة الأضرار الناجمة عن الانهيار التام للسكن الرئيسي، تعادل تكلفة إعادة البناء من جديد وفق حد أدنى يناهز يقول القانون إنه 250 ألف درهم (25 مليون سنتيم)، حيث يحصل المتضرر على 70 في المائة منها، إضافة إلى تعويض عن فقدان الانتفاع بالمسكن الرئيسي، والمحددة قيمته في ستة أضعاف القيمة الكرائية الشهرية.
يموّل هذا الصندوق الخاص بتعويض ضحايا الكوارث الطبيعية غير المرتبطين بأي عقد تأمين، منذ دخوله حيز التنفيذ عام 2020، باعتمادات مالية سنوية تحوّل عليه وفقا لقانون المالية، إلى جانب مداخيل رسم إضافي بقيمة 1 في المئة بات إجباريا في جميع عقود التأمين باستثناء تأمينات الأشخاص كالتأمين على الحياة والقروض…
لكن القانون وضع سقفا لنفقات هذا الصندوق حتى يحافظ على توازنه المالي، ذلك أن مجموع التعويضات التي يمكن صرفها للضحايا عن كل كارثة طبيعية لا يمكن أن يتجاوز ثلاثة ملايير درهم. فيما لا يمكن لمجموع التعويضات التي يمكن للصندوق سرفها خلال سنة واحدة عن جميع الكوارث، لا يمكن أن يتجاوز تسعة ملايير درهم.
وسواء مع زلزال الأطلس الكبير أو الفيضانات الأخيرة، تمتنع الحكومة عن التواصل مع المواطنين والمتضررين وإطلاعهم على الإجراءات اللازمة من أجل الاستفادة من التعويض.
وأول ما يفترض في السلطات القيام به بعد وقوع كارثة هو فتح سجلّ خاص بتقييد ضحايا الواقعة الكارثية، على أن يتم ذلك داخل أجل تسعين يوما بدءا من تاريخ نشر القرار الإداري من طرف رئيس الحكومة المعلن عن الواقعة الكارثية في الجريدة الرسمية.
الخطوة الأخيرة كانت قد تأخرت بعد زلزال الأطلس الكبير، ولم يصدر قرار رئيس الحكومة الذي يعلن زلزال 8 شتنبر واقعة كارثية، إلا في اليوم الأخير من الأجل القانوني الذي يمكن فيه لضحايا الزلزال تبليغ شركات التأمين، في حال كان له عقد تأمين يتعلق بسيارة أو دراجة نارية مثلا، بالأضرار التي لحقتهم وطلب التعويض عنها، أي في نهاية فترة 20 يوما الثانية بعد تاريخ الكارثة.
الضحية المقيد في السجل عليه أن يقدم ملفا يتضمن وثائق تثبت الضرر، مثل شهادات طبية تثبت العجز أو أجرته أو مصدر دخله المهني الذي حُرم منه. إضافة إلى تقرير الخبرة بالنسبة للسكن الرئيسي المتضرر أو المنهار.
ويُلزم القانون صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية بتقديم الجواب على طلب الضحية خلال ثلاثين يوما من استلام الطلب، وذلك من خلال رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل. وفي حال عدم قبول طلب التعويض يمكن للمتضرر اللجوء إلى لجنة تسوية المنازعات التي تحدث بموجب كل واقعة كارثية، فيما يمكنه اللجوء إلى القضاء بعد استنفاد هذه المراحل.
وإذا كان المواطنون المشمولون بالتأمين وفق نظام “الإعانات”، أي غير المتمتعين بأي عقد تأمين، غير مطالبين بمباشرة إجراءات الحصول على التعويض إلا بعد صدور قرار رئيس الحكومة الخاص بالكارثة، فإن الضحايا المرتبطين بعقود تأمين يواجهون حيفا قانونيا واضحا. فهم مطالبون بتبليغ شركة التأمين داخل أجل 20 يوما بعد الكارثة، قابل للتجديد مرة واحدة، بينما أعطى القانون لشركة التأمين أجل 60 يوما كي ترد عليه.
ولا يبدأ احتساب هذا الأجل (60) يوما إلا بعد صدور قرار رئيس الحكومة الذي يعلن الكارثة رسميا ويحدد نطاقها الجغرافي. أي أن المواطن الذي تعرض لضرر بسبب كارثة مقيد بأجل ضيق، بينما الحكومة وشركات التأمين لا قيود عليهم.
فهل ستفاجئنا هذه الحكومة يوما بالتزامها بالقانون وسهرها على تطبيقه؟ أم سنواصل الفرجة على نصوص قانونية يفترض أنها تعبير عن تعاقدنا الجماعي، تتحول إلى مجرد حبر على ورق؟