story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

خبير: الأمطار الأخيرة تعيد الحياة إلى واحات الجنوب الشرقي للمملكة

ص ص

عاشت واحات الجنوب الشرقي التي تعد رمزاً للحياة والخصوبة وسط صحراء المغرب، فترة طويلة من شح ونذرة المياه أنهكت غطاءها النباتي الذي ينعش اقتصاد المنطقة ويحافظ على تماسكها الاجتماعي، وجعلتها مهددة بالاندثار مع توالي سنوات الجفاف، قبل أن تعرف المنطقة في الأيام الأخيرة تساقطات مطرية مهمة حملت معها بصيص أمل للسكان خاصة منهم الفلاحين، رغم الألم الذي أفجعها خلال هذه الأيام جراء سيول طوفانية خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة.

بعد ليلتين متتالين من فيضانات وأمطار غزيرة شهدتها كل من أقاليم طاطا وتيزنيت والراشدية وكلميم وزاكورة وغيرها، بدا على مواقع التواصل الاجتماعي مظهران من التفاعل مع المقاطع التي ترد من المنطقة، بين استياء جراء ما لحق بهذه الأخيرة من أضرار أخذت الأرواح والممتلكات، واحتفال بـ”أرزاق السماء” والتساقطات غير المسبوقة التي انعكست على الواحات التي وصلها الماء، وحجم الوديان والسدود الممتلئة خلال يومي السبت والأحد 7 و8 شتنبر 2024.

في هذا السياق، يرى مصطفى بنرامل رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” أن التساقطات الأخيرة التي عرفتها أقاليم الجنوب الشرقي بالمغرب أعادت الحياة إلى قنوات الري بالواحات الصحراوية التي عادت إليها المياه بعد فترة من الجفاف، وهو “ما أسهم بشكل كبير في تدفق المياه بجل المستغلات الزراعية داخلها، ومدها بالمياه على الأقل خلال نصف السنة الحالية”.

ونبه بنرامل إلى أن الفرشات المائية الخاصة بالجنوب الشرقي كانت قد استنزفت كلياً بعد تراجع منسوب المياه فيها، إلا أنه بفضل الأمطار الأخيرة ستعرف إمدادات تمكنها من استعادة مائها أو جزء منه، “سواء بطريقة مباشر عبر نفاذه إليها، أو بطريقة غير مباشرة من خلال تدفق الماء عبر السدنات المتواجدة في باطن الأرض”، وبالتالي يضيف المتحدث ذاته “ستكون هناك حيوية على هذا المستوى (باطن الأرض) كما لاحظنا حيوية مائية على سطح الأرض”.

وعلى الرغم من أن هذا الانتعاش على مستوى واحات المنطقة وفرشتها المائية، يبدو أن تأثير تساقطات نهاية الأسبوع الماضي حسب الخبير البيئي مصطفى بنرامل قد شمل كذلك أضراراً بيئية في الجنوب الشرقي، من قبيل “اجتثات عدد كبير من أشجار النخيل التي كانت في وضعية مزرية نتيجة توالي سنوات الجفاف، جعلتها آيلة للسقوط ما أسهم في جرفها بسهولة أثناء الفيضانات والأمطار القوية”.

ومن الأضرار كذلك، ذكر الخبير البيئي “توحل الزرعات المعيشية التي كان يعتمد عليها سكان المنطقة في عدد من الواحات التي تعرضت للتوحل بفعل الطمي” نتيجة الأمطار التي حملت معها الكثير من الأكوام والأحجار إلى أماكن الواحات، وهو ما يستلزم حسب المتحدث “جهوداً وإمكانيات كبيرة من أجل استعادة خصوبة التربة حتى تتم الزراعة فيها”، بعد توقف هذه الظاهرة الطبيعية.

هذا بالإضافة إلى تداعيات أخرى بينها ما يتعلق بتدهور الشبكة الطرقية التي أغلبها كان قد أنشئ على حساب مجاري الأودية والأنهار التي كانت قد جفت لما يزيد عن 10 سنوات، فضلاً عن فقدان العديد من الساكنة “مصادر رزقها على مستوى عدد من التعاونيات الحرفية، أو مساكنهم أو الضيعات التي تحتضن ماشيتهم نتيجة تواجد المساكن في مجاري المياه.

وسجل في الوقت نفسه ضعف الوسائل اللوجستيكية لدى الجماعات الترابية وحتى وزارة التجهيز “التي تتوفر على إمكانيات غير كافية للتدخل بفعالية في ظل هذا الوضع” ما يستدعي حسب تعبيره “اتخاذ إجراءات استعجالية اليوم، من أجل التدخل سواء عن طريق الجو أو عن طريق الوحدات التي من شأنها فك عزلة الساكنة”.

وشهدت عدة مدن وقرى مغربية، منذ مساء السبت 7 شتنبر 2024، تساقطت قوية أدت إلى سيول جارفة مخلفة خسائر بشرية ومادية وهلعاً بين المواطنين الذين غادروا منازلهم في مجموعة من المناطق بحثاً عن ملجأ آمن بين الجبال أو في أسطح البنايات إلى ساعات مبكرة من صباح الأمس الأحد 8 شتنبر 2024.

وأعلنت وزارة الداخلية، اليوم الأحد 8 شتنبر 2024، عن حصيلة مؤقتة لفيضانات الجنوب الشرقي، تؤكد تسجيل وفيات ومفقودين وانهيار عشرات المنازل، وانقطاع عشرات الطرق.

وقالت الوزارة إنه على إثر التساقطات المطرية الرعدية جد القوية التي عرفتها سبعة عشر عمالة وإقليم بالمملكة، تخبر وزارة الداخلية، في حصيلة مؤقتة، تسجيل 11 وفاة بكل من أقاليم طاطا (سبعة أشخاص)، وتزنيت (شخصان) والراشيدية (شخصان أحدهما من جنسية أجنبية)، موضحة أن هاته التساقطات أسفرت أيضا عن تسجيل تسعة أشخاص في عداد المفقودين بكل من أقاليم طاطا والراشيدية وتارودانت.

وأضاف أن هاته التساقطات المهمة المسجلة في اليومين الفارطين تمثل ما يناهز نصف مقدار التساقطات التي تعرفها المنطقة على مدار السنة. بل وتتجاوز أحيانا، ببعض المناطق، المقدار السنوي المعتاد، حيث سجلت 250 ملم بطاطا، و 203 ملم بتنغير، و 114 ملم بفكيك، و 82 ملم بورزازات.