أساتذة جامعيون يسعون لتشكيل جبهة مناهضة للتطبيع الأكاديمي
يتواصل حراك الجامعات المغربية، رفضا للعلاقات التي تجمع هذه المؤسسات مع إسرائيل، في مواقف متتالية، أضحت تتوسع كل يوم لتشمل جامعات جديدة، وآخر هذه المساعي جهود أساتذة جامعيون يقومون بها في سبيل تشكيل جبهة موحدة تجمع جامعات المملكة من أجل الضغط في اتجاه “قطع العلاقات الأكاديمية مع الاحتلال”.
تطبيع “متقدم”
وفي حديثه لـ”صوت المغرب” اليوم الأربعاء 17 يوليوز الجاري، قال محمد الناجي الأستاذ الباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، إن هناك سعيا من طرف أساتذة جامعيين في مختلف جامعات المملكة من أجل تشكيل جبهة أكاديمية تضم جميع الحساسيات النقابية بالتعليم العالي، تناهض استمرار العلاقات بين الجامعات المغربية ونظيراتها بالاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المتحدث إياه أن النقابة المغربية للتعليم العالي التي ينتمي إليها تعمل على رصد وتتبع جميع مبادرات التطبيع في الأوساط الجامعية، وتعبر تبعا لذلك عن تنديدها بذلك من خلال البلاغات والبيانات التي تصدرها.
وواصل مؤكدا أن التطبيع مع جامعات الاحتلال أضحى “ينخر جامعات المملكة العمومية بعد أن كانت البداية بتلك الخاصة” وقال في هذا الصدد متحدثا عن معهد الحسن الثاني للبيطرة والزراعة بآيت ملول التي “وصل فيها التطبيع مراحل متقدمة جدا” وفق تعبيره.
وأوضح أن أن هذا المعهد ينظم باستمرار أنشطة بحضور وفود إسرائيلية كما أنه “يتوفر على مشتل للمقاولات الناشئة بتأطير من الإسرائيليين” على حد قوله، ومضى المتحدث قائلا إنه “بعد السابع من أكتوبر تمت إلى حد ما فرملة هذه الشراكات لكنها ما تزال قائمة”.
ما بعد طوفان الأقصى
وقال الأستاذ الجامعي إنه من خلال الرصد الذي تقوم به الهيئة النقابية التي ينتمي إليها تبين أن “قطار التطبيع في الجامعات المغربية بعد طوفان الأقصى عرف نوعا من التراجع الخفوت”.
وواصل مضيفا أن ذلك يظهر في كون أن الاتفاقيات التي تم توقيعها دخلت مرحلة من الجمود، لكنه استطرد معتبرا أن هذا الجمود لا يشمل المؤسسات الجامعية الخاصة مثل جامعة محمد السادس متعددة التخصصات وغيرها، والتي استمرت العلاقات الأكاديمية فيها مع إسرائيل بنفس الوتيرة حتى بعد السابع من أكتوبر.
ولكن الأستاذ الجامعي يرى أنه بصورة مطلقة يمكن القول أن التطبيع الأكاديمي مع الاحتلال يعرف خلال هذه الفترة “نوعا من الفرملة” موضحا أنه تأثر بالحرب الدموية التي تشنها إسرائيل في غزة، وساق مثالا على ذلك “بالوفد المغربي الأخير من الشباب الذين زاروا إسرائيل والذي تم استنكاره من طرف الطلبة والأساتذة المغاربة على نطاق واسع”.
اشتغال في الخفاء
وأمام هذا الوضع، لم ينف المتحدث ذاته استمرار العلاقات الأكاديمية مع الاحتلال والتي تبيحها الاتفاقات الموقعة، في الخفاء وقال في هذا الصدد إن “الأحداث لم تمنع استمرار الاشتغال مع الجامعات الإسرائيلية عن بعد”.
وقال في هذا الصدد “لذلك نحن نطمح إلى أكثر من مجرد تراجع للتطبيع بل نريد إلغاء هذه الاتفاقيات بشكل كلي وفوري” على حد تعبيره.
وأضاف أنه “إذا ظلت هذه الاتفاقات الموقعة قائمة فأنه بمجرد أن تهدأ الأوضاع في غزة، فسيعود قطار التطبيع بالمغرب إلى شق طريقه بوتيرة أسرع مما كان” وأكد أن الأساتذة الجامعيين المناهضين لأي علاقة مع الاحتلال “هم بصدد التنسيق من أجل تشكيل جبهة أكاديمية تتصدى لهذا النوع من التطبيع”.
وقال في هذا الصدد “إنه أمام كل ما اقترفه الاحتلال على مرأى ومسمع من العالم بغزة لا يمكن اليوم بأي شكل من الأشكال أن نرهن مستقبل طلبتنا المغاربة بيد يمدها كيان مجرم” ووصف الأستاذ الجامعي ذلك بأنه” جريمة في حق الأجيال الناشئة”.
“أرض الله الواسعة”
ويرى الباحث ذاته أن البدائل أمام جامعات المغرب من أجل عقد شراكات خارجية “متاحة وكثيرة” في مختلف بقاع العالم، معتبرا أن “المملكة تتمتع بموقع جغرافي متميز وبتنوع في بنيته المناخية والثقافية ما يجعله مؤهلا لمثل هذه الشراكات”.
وواصل “أن إقبال المملكة على مشاريع جديدة خاصة في مجال الطاقات المتجددة على سبيل المثال، يجعل العديد من المؤسسات الجامعية في العالم ترغب في عقد اتفاقات مع المغرب” وقال في هذا الصدد “إننا لا نضيق واسعا وأرض الله واسعة”.
مشعل الأساتذة
وأكد الأستاذ الجامعي أن هناك عدة مبادرات تدعو إلى وقف العلاقات الأكاديمية مع الاحتلال بمختلف جامعات المملكة، وهناك اشتغال وتنسيق في أفق الإعلان عن جبهة موحدة.
واستطرد معتبرا أن التنسيق مع الأساتذة الذين يشتغلون في الجامعات الخاصة يعد “أمرا صعبا” وفسر ذلك “بأن لهم عقود عمل مع هذه المؤسسات من السهل إلغاؤها وفصلهم عن العمل في حالة تعبيرهم عن مواقف مناهضة لسياستها”.
ولهذا وفق محمد الناجي، توسع حراك الطلبة في هذه الجامعات معتبرا “أن العمل الذي كان من المفترض أن يقوم به الأساتذة، ناب عنهم فيه الطلبة الذين بادروا إلى إطلاق العرائيض إصدار بيانات فضح الشراكات والأنشطة التطبيعية”.
ويرى الأستاذ الجامعي أن التحسيس بدور الأساتذة في التصدي لهذه العلاقات مع الاحتلال “هو بداية الرحلة نحو الضغط في اتجاه إلغائها” على حد قوله.