بنخطاب: التوافقات الحزبية في المغرب باتت تغيب عنها المرجعية الإيدلوجية
قال عبد الحميد بنخطاب رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية إن “التوافقات الحزبية في المغرب باتت تغيب عنها المرجعية الإيدلوجية”، معللا الأمر بكون “التحول الكارتيلي” الذي طبع الأحزاب المغربية “جعلها تبتعد عن الهوية السياسية الصلبة إلى هوية رخوة مبنية على البرغامتية والحسابات السياسية، وكذا التدبير الاحترافي للشأن العمومي”.
وأبرز بنخطاب خلال مداخلته في لقاء أكاديمي حول تقديم الإصدار الجديد الخاص ب “التقرير الإستراتيجي المغربي 2022-2024” اليوم الجمعة 12 يوليوز 2024 (أبرز) أن قيمة أي حزب في المشهد السياسي ترتفع كلما كانت لديه قدرة احترافية على تدبير الشأن العمومي، موضحا أن “هذا النوع من التدبير هو غير أيدلوجي وغير صلب وهو ما يفتح الباب بمصراعية أمام جميع أشكال التوافقات”.
وأوضح بنخطاب أن الأحزاب السياسية في العالم أصبحت تعيش ظاهرة جديدة تدعى ب”الكارتل”، حيث أن الأحزاب التقليلدية لم تعد “تقليدية جماهيرية” بل باتت “أحزابا انتخابية محترفة”، وهو ما جعلها تبتعد عن العمل الجماهيري القاعدي، و”تتوجه نحو العمل الاحترافي السياسي الذي جعلها تابعة لميزانية الدولة”.
وتابع المتحدث أنه نتيجة لهذه الظاهرة لم يعد العمل السياسي بالمغرب عملا جماهيريا، كما هو الحال بالنسبة لكل الأحزاب باستثناء حزب العدالة والتنمية الذي تشبت “بالعمل الجماهيري”، متوقعا بالمقابل أن “يشهد الحزب هو الآخر تحولا نحو العمل الاحترافي السياسي في المستقبل”.
وأضاف أن “هذا التحول قد يدخله في تحالفات وتوافقات سياسية مع الدولة”، مبرزا أن هذه التوافقات مبنية على الدعم الحكومي مقابل تبني أفكار “تدبيرية” للحقل السياسي أكثر منها “نضالية”.
المشكل هنا، يبرز الأكاديمي ، هو أن التوافقات السياسية تتميز بكونها “تحٌجِّم” التنافسية السياسية، لكونها “تجعل الانتخابات قضية شكلية”، حيث أن “العديد من الفاعلين السياسيين يشتكون من عدم قدرة الأحزاب المغربية على تنفيذ وعودها الانتخابية لكون الدخول في تحالفات يقتضي منها أن تقدم تنازلات”.
واستدل بنخطاب في هذا الجانب بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي “لم يترجم وعوده وفلسفته السياسية”، وذلك بسبب “دخوله في تحالف حكومي يقتضي منه الدخول في توافقات وتقديم تنازلات سياسية تدبيرية وليست إيدلوجية”.
ومن جملة الخاصيات التي يتميز بها المشهد السياسي المغربي والتي وقف عندها التقرير الاستراتيجي المغربي في نسخته الـ12، يضيف بنخطاب، هو أنه انقسامي، حيث أن الهوية الأيدلوجية للأحزاب المغربية تجعلها غير قابلة للذوبان في أحزاب أخرى، مبرزا أن العديد من المحاولات لبناء أحزاب جديدة باءت بالفشل، كمحاولة فدرالية اليسار للَمِّ شمل اليسار، والتي كانت”عملية “قيصرية” إلا أنها لم تنجح في الأخير بمعنى الكلمة”.
وتابع في تحليل خصائص هذا “التحول الكارتيلي” للأحزاب المغربية أن هذا التحول جعلها تتشابه فيما بينها، وهو ما جعل العديد من الأكاديمين والمراقبين يعيبون على الأحزاب المغربية غياب توجهات سياسية خاصة بها، مؤكدا بالمقابل أن هذه النتيجة هي في حقيقة الأمر “ضرورة يقتضيها منطق التوافق السياسي مع الفاعلين الآخرين”.