story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

عنصرية كروية!

ص ص

ندوة صحفية انعقدت أمس تمهيدا للمباراة الودية بين المنتخبين الإسباني والبرازيلي التي ستجري هذا المساء بملعب سانتياغو برنابيو بمدريد تحت شعار “جلد واحد” في إشارة إلى مناهضة جميع أشكال العنصرية في كرة القدم، ندوة نزلت فيها دموع لاعب منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور تأثرا بعدما اشتكى من الإهانات العنصرية المتكررة التي يتعرض لها، وقال إنه يشعر بالإحباط لأن الجماهير لا تزال تفلت من العقاب رغم استمرار الإساءات العنصرية تجاهه حيث أبلغت رابطة دوري الدرجة الأولى الإسباني النيابة العامة عن 10 حالات سلوكات عنصرية ضد اللاعب البالغ من العمر 23 عاما.

فينيسيوس الذي كانت انطلاقة متاعبه مع العبارات العنصرية في مباراة فالينسيا ضد ريال مدريد بملعب ميستايا الموسم الماضي وما تبعها من زوبعة إعلامية وصلت تفاصيلها إلى ردهات المحاكم الإسبانية، دخل في سلسلة مواجهات مع جماهير أغلب الأندية التي تستضيف النادي الملكي، وأصبح مشهد فينيسيوس يدخل في مناوشات مع عينة من الجمهور مألوفا في دوري “لاليغا” ويتلقى على إثرها عبارات عنصرية من قبيل وصفه ب”القرد” و”عد إلى غابتك” والتنقيص من قيمته بسبب لون بشرته السوداء.

طبعا في عوالم التعصب لأي فريق، وفي محاولة من جل جماهير الأندية الإسبانية لكي يفوز فريقها على ريال مدريد، أصبحوا يخططون لاستفزاز فينيسيوس قبل المباريات، لأنهم يعرفون أن الفتى البرازيلي عصبي جدا وكثير الإحتجاج ويتوفر على شخصية هشة يسهل إخراجها ذهنيا من المباراة، لذلك أصبحت هذه الجماهير تخطط مسبقا قبل المباريات لاستفزاز فينيسيوس والتأثير عليه، وقد حضرت واقعة خلال أول هذا الموسم في باب ملعب مونتيليفي بخيرونا قبل المباراة التي حل فيها ريال مدريد على الفريق الكطلاني، عندما صادرت عناصر الأمن الخاص كميات من الموز كانت موزعة على مجموعة من المراهقين من مشجعي خيرونا كانوا ينوون إلقاءها على اللاعب البرازيلي.

هناك آراء مختلفة متداولة بين متابعي الدوري الإسباني بخصوص قضية فينيسيوس جونيور، هناك رأي يندد بالعنصرية التي يتعرض لها الولد البرازيلي في جل المباريات، وهناك رأي ثاني يقول أن لاعب ريال مدريد “بوحاطي” ويبالغ في الأمر ويتعمد المظلومية وادعاء التعرض للعنصرية، وهناك رأي ثالث يتحدث بوضوح عن أنه “يستاهل” العنصرية والوصف بأبشع النعوت وأنه هو من يستفز الجمهور، فيما يشبه البحث عن تبرير “شرعي” لهذه السلوكات المقززة.

ما يتعرض له فينيسيوس جونيور، هو أبعد من كرة القدم ومن صراع البارصا وريال عن مدريد، ومن وجود فتى مستفز ولا يتحكم في أعصابه كثيرا داخل الميدان.. هي قضية يجب النظر إليها من زاوية أخرى أكثر أهمية من الرياضة، وهي زاوية وجود العنصرية داخل مجتمع ما من خلال هذه العينة الصغيرة التي تجلس في مدرجات ملاعب كرة القدم.

في إسبانيا وإن لم تكن تعرف عنصرية مؤسساتية ممنهجة، فإن ذلك لا ينفي وجود تيار عنصري قوي داخل المجتمع يختبئ داخل الأحزاب السياسية ومناصب المسؤولية العمومية ومؤسسات الدولة الإسترتيجية، ويمارس أفراده تمييزهم ضد الناس على أساس ألوان بشرتهم ومعتقداتهم وثقافتهم، وهؤلاء العنصريين قد تجدهم في نهاية الأسبوع يحتلون كرسيا في المدرجات ويستغلون اول فرصة لتقيء احقادهم على لاعب من لاعبي خصومهم.

فينيسيوس جينيور ليس أول لاعب يتعرض لعنصرية جمهور كرة القدم، ولن يكون الأخير طبعا، فالتاريخ مليء بعشرات الحالات كانت دائما ما تجد رفضا مطلقا من طرف الرياضيين، وتسقط أثناء مواجهتها جميع التصنيفات والإنتماءات الكروية، لأنه خطر يهدد الرياضة برمتها ويضرب الروح الرياضية في الصميم.

العنصرية في الملاعب هي جزء من عنصرية المجتمع، ويجب رفضها ومواجهتها في جميع حالاتها وتجلياتها، لا أن نبحث لها عن أسباب تبررها وتزيد في تقويتها وفي التشجيع على تكرارها، فقط لأنها تخدم مصالح هذا النادي اوذاك.