“الميزان” يتجه نحو عقد مؤتمره الوطني وسط تحديات سياسية وتنظيمية
بعد تأخر دام لأزيد من سنتين، أخيرا اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ينتظر أن تجتمع غدا الأربعاء 14 فبراير 2024، لتحديد موعد عقد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب وذلك حسب ما كشفه مصدر قيادي بالحزب لصحيفة “صوت المغرب”.
يأتي ذلك بعد اتفاق قادة حزب الميزان على عقد المؤتمر قبيل افتتاح الدورة البرلمانية الربيعية التي تصادف الجمعة الثانية من أبريل المقبل.
سياق تخليق الممارسة السياسية
وتعليقا على ذلك أوضح أحمد بوز أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن السياق الذي يأتي فيه هذا المؤتمر والذي يبقى عنوانه الرئيسي هو هذا النقاش المتضخم المطروح في المغرب حول التخليق، “يطرح تحديا على الحزب بحيث أن الرسالة الملكية بمناسبة ذكرى الـ 60 لتأسيس البرلمان، والظروف التي انعقد فيها المؤتمر السابق للحزب، إضافة إلى المتابعات القضائية الجارية التي تمس منتخبين في مستويات متعددة ومن بينهم منتخبين عن حزب الاستقلال، كلها أمور ستحضر في جلسات النقاش بالمؤتمر، وكيف يمكن أن يتعامل الحزب مع هذا المعطى خلال المؤتمر”.
من جانب آخر، أبرز المتحدث أن عقد هذا المؤتمر كاستحقاق تنظيمي له علاقة بإمكانية الاستفادة من الدعم الذي تقدمه الدولة، “بحيث أن القانون يشترط الاستفادة من هذه الدعم باحترام دورية عقد المؤتمرات”، مشيرا إلى أن “هذا الرهان فرض نوعا من الاستعجال في عقد المؤتمر وهذا الاستعجال طرح تحديا آخر يتجلى في إلى أي أحد أن المدة المحددة للمؤتمر كافية بالشكل الذي يسمح بإجراء انتخابات وانتدابيات في ظروف جيدة أخذا بعين الاعتبار كثرة الهيئات الموازية التي تنتمي للحزب”.
وكانت وزارة الداخلية قد وجهت مراسلة هي الثالثة من نوعها إلى الأمين العام لحزب الميزان نزار بركة تدعوه فيها لعقد المؤتمر الوطني للحزب، حتى تتم تسوية وضعيته مع قانون الأحزاب.
سياق منتصف الولاية الحكومية
ويأتي انعقاد المؤتمر الـ 18 لحزب الميزان في سياق يتميز بمنتصف الولاية الحكومية والتي تتميز بدورها بمسألة التعديل الحكومي، بحيث أنه جرت العادة أن يكون هناك تعديل حكومي مع منتصف كل ولاية حكومية، بهدف ضخ دماء جديدة في التركيبة الحكومية لأحزاب الأغلبية.
وفي هذا الاتجاه يقول أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، “إنه جرت العادة بعد تقديم حصيلة نصف الولاية الحكومية في الدورة الربيعية قبلها أو بعدها يصبح الحديث الرائج عن التعديل الحكومي حقيقة، وهذا الأمر سينزل بثقله وسيكون حاضرا في ثنايا التفاصيل المرتبطة بالمؤتمر المقبل لحزب الاستقلال بالنظر لكون الحزب مشارك أساسي في الحكومة”.
وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن الحزب يواجه تحديات تنظيمية وتحديات سياسية قبيل انعقاد مؤتمره، “لكنها ليست مرتبطة بالاختيارات بقدر ما هي مرتبطة بقدرة الحزب على التكيف مع النقاش السياسي ونقاش التخليق المطروح في الساحة السياسية المغربية من طرف أعلى مستوى في الدولة”، خاصة إذا علمنا أن الحزب مشارك أساسي في الأغلبية الحكومية، “وكيف يمكن له أن يساهم في إعطاء نفس جديد للحكومة في انتظار استكمال ولايتها التدبيرية”، يقول المتحدث.
تأجيل دام لأزيد من سنتين
الإعلان عن عقد المؤتمر الـ 18 لحزب الميزان، يأتي بعد تأجيل دام لأزيد من سنتين بسبب صراعات داخلية بين تيارات الحزب.
هذا التأجيل يسائل جدوى قانون الأحزاب الذي يفرض على هذه الأخيرة عقدها مؤتمراتها الوطنية على الأقل مرة واحدة داخل أجل أربع سنوات.
وفي هذا الصدد يقول كمال هشومي أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ” أولا من الناحية المبدئية المسألة غير مقبولة لأن هناك قانون يجب على جميع الأحزاب وبدون استثناء أن تحترم هذا القانون الذي ينظم التدبير الحزبي في قضايا الشأن العام”.
الولاية الحزبية/ الولاية التشريعية
وفي نفس السياق أضاف الهشومي أن “السؤال الأعمق والذي يجب طرحه وبشكل مستعجل هو كيف يمكن أن نتكلم على قانون منظم للعمل الحزبي ويفرض مدة الولاية الحزبية في 4 سنوات في حين أن الولاية التشريعية هي 5 سنوات”.
ودعا الأستاذ الجامعي على ضرورة التفكير بجدية على ملاءمة هذا القانون كي يواكب الفترة التشريعية، “الآن لنا ما يكفي من التجربة وما يكفي من المصداقية الحزبية لمراجعة هذا القانون التنظيمي، كي يواكب هذا القانون الفترة التشريعية لأن هاته الأحزاب هي التي تشارك في الانتخابات وتدبر الانتخابات وبالتالي يجب أن تكون هناك ملاءمة لكل حزب كي يجدد ذاته عشية الانتخابات أو بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات حنى ينطلق مباشرة مع تشكيل الأغلبية المرتقبة”.
الميزان وسط موجة صراعات
ومن جانب آخر عاش حزب الاستقلال في الشهور الأخيرة على إيقاع صراعات بين أجنحته وصل صداها لفريقي الحزب بالبرلمان وشبيبته، بين تيار القيادي البارز حمدي ولد الرشيد وتيار نزار بركة، بسبب المطالبة بطرد بعض مفتشي الحزب واعضائه بسبب مواقفهم من النقاش الذي كان قد أثير حول المؤتمر الاستثنائي.
وفي هذا الاتجاه يقول الأستاذ الجامعي كمال هشومي، “طبعا نعرف حزب الاستقلال وبعض المشاكل الداخلية التي لا تخلو منها جميع الأحزاب، لكن ربما المشاركة في الأغلبية الحكومية وعلى مستوى تدبير الطموحات وتدبير بعض الاتجاهات داخل حزب الاستقلال أدى بهم اليوم إلى عدم القدرة على التوافق من أجل عقد هذه المحطة التنظيمية في وقتها المحدد”.
وكان مصدر من داخل اللجنة التنفيذية لحزب الميزان قد أكد في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن قادة الحزب تجاوزوا خلافاتهم، فيما رجحت مصادر أخرى أن يرضخ نزار بركة لمطالب تيار حمدي ولد الرشيد في اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب.