story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
آداب |

ترحيل كتب ومخطوطات من المكتبة العامة يثير الجدل بتطوان والمندوبية تُطمئِن

ص ص

أثارت صور تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي جدلاً واسعًا في مدينة تطوان، تظهر شاحنة تابعة لجماعة المدينة وهي تقوم بنقل صناديق تحتوي على كتب ووثائق نادرة من المكتبة العامة والمحفوظات بشارع محمد الخامس.

وتُعد المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان واحدة من أبرز المعالم الثقافية والعلمية بشمال المغرب، وفضاءً مرجعيًا لحفظ الذاكرة الثقافية والإنسانية والحضارية للمنطقة، بدأت إرهاصات تأسيسها الأولى سنة 1919، قبل أن تُفتتح رسميًا سنة 1939، حاملة رصيدًا وثائقيًا ومعرفيًا غنيًا ومتنوّعًا.

كما تضم المكتبة آلاف الكتب العربية والأجنبية، والدوريات والصحف، بالإضافة إلى كنوز تراثية نادرة تشمل المخطوطات والخرائط والصور والمسكوكات والمطبوعات الحجرية، تعود تواريخ بعضها إلى القرن الرابع الهجري، ما جعل المشهد الذي وثق عملية النقل بطريقة وصفت بـ”العشوائية” مثار استنكار كبير.

وأثار أسلوب النقل المخاوف في الأوساط الثقافية والسياسية، نظرًا إلى القيمة التاريخية للمخطوطات والكتب التي تضمها المكتبة، إذ ربط مراقبون بين النقل غير المعلن ومخاطر تهديد ذاكرة المدينة وهويتها المعرفية، معتبرين أن أي تقصير في حماية هذه الوثائق قد يؤدي إلى ضياع لا يمكن تعويضه.

جدل يصل إلى البرلمان

وفي هذا الإطار، وجهت النائبة البرلمانية عن مجموعة العدالة والتنمية، سلوى البردعي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، استفسرت فيه عن ملابسات نقل الكتب والوثائق النادرة في ظروف وصفت بالغموض، ومن دون احترام شروط الحفظ والصيانة.

وقالت البرلمانية إن الصور المتداولة “تظهر عملية نقل تُشبه نقل الطوب”، متسائلة عن الجهة التي أمرت بهذه العملية والوجهة التي نُقلت إليها الوثائق، كما ساءلت الوزير عن السند القانوني الذي اعتمدته الجهات المشرفة، وغياب أي جرد رسمي أو إشراك للباحثين والمتخصصين في العملية.

وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن المكتبة العامة بتطوان مغلقة منذ أكثر من ستة أشهر بدعوى الترميم، بينما يتم نقل محتواها دون أي إعلان رسمي أو ضمانات لحماية الرصيد الوثائقي المغربي من الضياع أو الإتلاف.

واعتبرت أن “الأمر يمس جوهر الثقة في تدبير المؤسسات التراثية”، مؤكدة أن “صيانة الذاكرة الجماعية ليست ترفًا، بل واجب دولة”، وقالت “إن أي انزلاق في تدبير هذه المؤسسات قد يفتح الباب أمام ضياع لا يمكن تعويضه”.

تحذير من “كوارث تراثية”

من جانبه، دعا عادل بنونة، المستشار بجماعة تطوان، في تدوينة له على حسابه الشخصي بموقع “فايسبوك”، إلى فتح “تحقيق فوري وحازم” للكشف عن سبب ترحيل الكتب والوثائق النادرة والجهة التي استقبلتها، موضحا أن ظهور شاحنة تابعة للجماعة في موقع النقل يثير الشبهات ويطرح أسئلة حول قانونية العملية.

وتساءل بنونة عن “ما إذا كانت العملية بتفويض رسمي أم بتصرف خارج القانون”، مستفسرا عن “الجهة التي منحت الضوء الأخضر لنقل كنوز وثائقية بهذا الحجم دون حماية أو احترام لمعايير الصيانة، وأين اختفت هذه الدخائر التي تُعد ملكاً أصيلاً للمدينة ولساكنتها”.

من جانب آخر، عبّر الفنان عبد الكريم بنطاطو عن “قلق بالغ”، مشيرًا إلى أن المكتبة مغلقة منذ أشهر طويلة وأن الصناديق تُنقل دون أي فهرسة دقيقة، وتساءل عن كيفية معرفة ما خرج وما سيعود لاحقًا، إذا عاد، ومدى احترام حقوق الطلبة والباحثين المحرومين من خدمات المكتبة.

وأشار بنطاطو هو الآخر، في تدوينة له على حسابه الشخصي بموقع “فايسبوك”، إلى ضرورة وضع لافتة توضح طبيعة العملية للرأي العام، محذرًا من تكرار “كوارث تراثية سابقة”، مثل فقدان أحد أعمال الفنان بيرتوتشي قبل حوالي عشرين سنة.

نقل “مؤقت وآمن”

وفي ردها على الجدل الذي خلفته الصور، أوضحت المديرية الإقليمية لقطاع الثقافة بتطوان في بلاغ لها، أن “ما جرى لا يتعلق بأي تهجير للكتب أو الوثائق النفيسة، بل يدخل في إطار نقل مؤقت لبعض المحتويات الثانوية، وذلك بهدف حمايتها من الأضرار المحتملة التي قد تنجم عن أشغال الصيانة والترميم الجارية بالمؤسسة”.

وأوضح البلاغ أن “المديرية الجهوية لقطاع الثقافة بطنجة أعطت، منذ أسابيع، انطلاقة أشغال ترميم وصيانة مرافق المكتبة، تنفيذا لتوجيهات وزير الشباب والثقافة والتواصل، وبغرض توفير شروط أفضل للمحافظة على هذه المؤسسة التراثية المصنفة ضمن أعرق خزانات الذاكرة الوطنية”.

وشدد المصدر على أن “المحتويات التي تم نقلها جرى معالجتها وتسجيلها مسبقا، ووُضعت في صناديق كرتونية سميكة مخصصة للحفظ، وأن عملية النقل تمت وفق الشروط المعمول بها، وتحت الإشراف والمراقبة المباشرة لأطر المكتبة، وبتنسيق مع الإدارة الوصية، نحو مرفق آمن تابع للقطاع نفسه”.