story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

من المسيرة الخضراء إلى “عيد الوحدة”.. كرونولوجيا نصف قرن في قضية الصحراء

ص ص

تحل اليوم الذكرى الخمسون للمسيرة الخضراء في سياق استثنائي، يتزامن مع قرار جديد لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية، الذي دعم طرح الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط بشأن القضية عام 2007.

وبين لحظة 1975، حين زحف المغاربة في مسيرة شعبية سلمية لاسترجاع أقاليمهم الجنوبية، ولحظة 2025، التي اعتبرها الملك محمد السادس “فتحاً جديداً” للمغرب، تبرز ملامح مسار طويل على مستوى الميدان والدبلوماسي، إذ انتقل الملف من مواجهة مفتوحة في السبعينيات والثمانينيات إلى صراع سياسي داخل أروقة الأمم المتحدة، قبل أن يستقر في السنوات الأخيرة على توازن جديد تميل فيه الكفة لصالح المقاربة المغربية، في ظل تغيّر المواقف الإقليمية والدولية.

يحتفل المغرب، اليوم الخميس 6 نونبر 2025، بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، الحدث التاريخي الذي أعاد الصحراء المغربية إلى حضن الوطن بمشاركة 350 ألف مغربي استجابة لنداء الملك الراحل الحسن الثاني في عام 1975.

بعد استرجاع الأقاليم الجنوبية عقب المسيرة الخضراء وتوقيع اتفاق مدريد، واجه المغرب تحديات أمنية وسياسية صعبة في محيط إقليمي متوتر، قبل أن ينجح في تثبيت الاستقرار الميداني من خلال بناء الجدار الأمني ودمج الصحراء بأقاليمها الرئيسية الداخلة والعيون والسمارة وطرفاية في مسار التنمية الوطنية.

في هذا السياق، نستعرض كرونولوجيا تلخص أحد أطول النزاعات الإقليمية في إفريقيا الذي يمتد لقرابة خمسة عقود، من الانسحاب الإسباني من الصحراء المغربية، مروراً بمبادرة الحكم الذتي تحت سيادة المملكة التي تقدم بها المغرب لدى الأمم المتحدة وصولاً إلى القرار الأممي الحاسم وإعلان “عيد الوحدة”.

يُعدّ نزاع الصحراء المغربية، الممتد منذ منتصف السبعينات، من أقدم النزاعات في القارة، ويعكس تعقيدات سياسية إقليمية ودولية تتعلق بالسيادة والحدود.

وبالرغم من محاولات عديدة للتوصل إلى حل سياسي عبر قرارات أممية ومبادرات متعددة، ظل النزاع دون تسوية نهائية لعقود.

ومع تطور الدعم الدولي لمقترح المغرب للحكم الذاتي، الذي تعزز مؤخرًا بقرار مجلس الأمن الدولي، في 31 أكتوبر 2025، وقبله الاعتراف الأمريكي والفرنسي وتأييد دول أوروبية مثل إسبانيا وألمانيا وغيرها، باتت قضية الصحراء تشهد تحولاً هامًا نحو التسوية السلمية والاستقرار الدائم في المنطقة.

16 أكتوبر 1975: “العدل الدولية” تقر بمغربية الصحراء

قبل الحديث عن الانسحاب الإسباني من الصحراء المغربية، وقبل الحديث حتى عن المسيرة الخضراء التي زحفت نحو هذه الأخيرة لتخليصها من الاحتلال، لا بد من العودة إلى تاريخ 16 أكتوبر 1975، عندما أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً مهماً بشأن نزاع الصحراء المغربية، حيث أقرّت بوجود روابط قانونية وتاريخية بين المغرب وقبائل الصحراء التي كانت مرتبطة بعلاقات بيعة مع المملكة المغربية، مما يبرز حق المغرب في المطالبة بالمنطقة.

صوت الحسن ينادي

في نفس اليوم الذي أصدرت فيه محكمة العدل الدولية رأيها (16 أكتوبر)، أعلن الملك الحسن الثاني في خطاب بمدينة مراكش، تنظيم مسيرة سلمية لاسترجاع الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ووضع حد للاستعمار الإسباني.

ومما جاء في نص خطابه: “ماذا بقي علينا أن نعمل شعبي العزيز؟ بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونياً. اعترف لنا العالم بأسره بأن الصحراء كانت لنا منذ قديم الزمن واعترف لنا العالم أيضاً بأنه كانت بيننا وبين الصحراء روابط وتلك الروابط لم تُقطع تلقائياً وإنما قطعها الاستعمار”.

6 نونبر 1975: المسيرة الخضراء

في السادس من نونبر 1975، اتجه حوالي 350 ألف مواطن مغربي من جميع أنحاء البلاد في حدث وطني بارز نحو الصحراء المغربية استجابة لنداء الملك الحسن الثاني، في “مسيرة خضراء” حاشدة لاستعادة إقليم الصحراء من الاستعمار الإسباني بطريقة سلمية، ولم يصطحب المشاركون فيها أي سلاح ولم يحملوا معهم إلى جانب قوتهم سوى المصاحف والأعلام المغربية في تعبير عن السلمية والوحدة الوطنية.

وانطلقت المسيرة الخضراء بعد أقل من شهر من قرار محكمة العدل الدولية، الذي أقر بوجود روابط قانونية وتاريخية بين المغرب والأقاليم الصحراوية، لتنجح في النهاية في الضغط على إسبانيا للانسحاب من الإقليم، وهو ما نتج عنه في ما بعد توقيع اتفاقية مدريد بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا، ما سمح باستعادة المغرب لجزء كبير من الصحراء دون مواجهة عسكرية.

تعتبر المسيرة الخضراء رمزًا للوحدة الوطنية والمطالبة السلمية بالحقوق التاريخية، وهي مناسبة تحتفل بها المملكة المغربية سنويًا لإحياء ذكرى هذا الحدث الذي أسس لمبدأ الدفاع عن السيادة الوطنية بأسلوب حضاري وسلمي.

14 نونبر 1975: توقيع اتفاقية مدريد الثلاثية بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا، الذي تانزلت بموجبه إسبانيا عن إدارتها للمنطقة ليتم تقاسمها بين المغرب الذي حصل على الثلثين الشمالي والجنوبي، وموريتانيا التي سيطرت على الثلث الجنوبي الغربي، وذلك في سياق ضغوط مغربية ودولية لإنهاء الاستعمار الإسباني، خاصة بعد نجاح المسيرة الخضراء السلمية التي نظمها المغرب قبل أسبوع من توقيع الاتفاق.

26 فبراير 1976: انسحاب إسبانيا رسمياً من الصحراء المغربية بعد سنوات من المطالب المغربية التي تستند إلى حق المغرب التاريخي والقانوني في الصحراء، بموقف تجلى بشكل قوي في رأي محكمة العدل الدولية الصادر في أكتوبر 1975، والذي أقر بوجود روابط بيعة تاريخية بين القبائل الصحراوية وملوك المغرب، ورغم هذا الأخير لم تنسحب إسبانيا إلا وقد تركت خلفها أطول نزاع في القارة السمراء مفتوحاً على الصعيد الإقليمي والدولي.

1976-1991: الحرب ووقف إطلاق النار

بعد انسحاب القوات الإسبانية من الصحراء، اندلعت الحرب بين المغرب وجبهة “البوليساريو” التي أعلنت من جانب واحد تأسيس كيان سياسي في 28 فبراير 1976 في إطار حول السيادة على الصحراء، حيث كان المغرب يطالب بالسيطرة على الإقليم بناءً على الروابط التاريخية والقانونية التي تربطه بالصحراء، بينما كانت جبهة “البوليساريو” المدعومة من الجزائر تسعى لإنشاء “جمهورية صحراوية مستقلة”.

وقد استمرت حتى تدخلت الأمم المتحدة من أجل رعاية اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991، ومنذ إعلان ذلك الاتفاق فشلت عدة جولات للمحادثات برعاية أممية في التوصل لتسوية دائمة للصراع.

1979: قبل وقف إطلاق النار موريتانيا تنسحب من الصحراء المغربية في أوج الحرب، والمغرب يضم حصته من المنطقة.

2007: المبادرة المغربية للحكم الذاتي

مع استمرار الجمود السياسي، قدم المغرب للأمم المتحدة مقترح الحكم الذاتي، في 11 أبريل 2007، كحل سلمي ودائم، ويتيح المقترح المذكور لسكان الصحراء إدارة شؤونهم الداخلية مع بقاء السيادة المغربية، وقد لقي المقترح دعماً دولياً واسعاً.

13 نونبر 2020: المغرب يُحرّر معبر الكركرات

في نونبر 2020، اندلعت أزمة في معبر الكركرات الحدودي الذي يفصل بين المغرب وموريتانيا بعد أن أقدمت ميليشيات “البوليساريو” على إغلاق المعبر الذي يُعدُّ نقطةً استراتيجية للتبادل التجاري بين البلدين، وهو ما اعتبر تصعيداً من طرف “البوليساريو” التي قامت بإغلاق المعبر في محاولة لفرض حصار على التجارة العابرة بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما أدى إلى حدوث أزمة إنسانية وتجارية.

على إثر ذلك، قامت القوات المسلحة الملكية بعملية عسكرية لإعادة فتح المعبر بشكل سلمي، حيث نشر الجيش المغربي تعزيزات أمنية في المنطقة ليفرض سيطرته على المعبر ما أسهم في استقرار معبر حيوي يربط المغرب بموريتانيا وعموم منطقة غرب إفريقيا، حيث تم تأمين الحركة التجارية وحركة الأفراد.

ومن أهم انعكاسات هذا الحدث على معركة المغرب في قضية الصحراء، تأكيد السيادة المغربية من خلال إعادة فتح المعبر بشكل سلمي، حيث عبرت الرباط عن عزمها على الحفاظ على سيادتها، ورفض أي محاولات لزعزعة الاستقرار في أراضيها، كما أكدت أن المغرب مستعد لحماية مصالحه الوطنية باستخدام الوسائل الدبلوماسية والعسكرية عند الحاجة.

2020: الاعتراف الأمريكي

في دجنبر 2020، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء، وكان هذا القرار بمثابة دعم كبير للمغرب في نزاعه الطويل مع جبهة “البوليساريو” المدعومة من الجزائر حول السيادة على الصحراء، حيث شكّل نقطة تحول هامة في مسار القضية، وشجع عدداً من الدول على فتح قنصلياتها في العيون والداخلة.

هذا وجاء الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أيضاً في سياق من سلسلة من التحركات الدبلوماسية لواشنطن آنذاك لرعاية تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دول عربية، والتي شملت اتفاق إعادة العلاقات بين الرباط وتل أبيب والذي تم في نفس اليوم.

تحولات دبلوماسية هامة

في دجنبر 2020، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء، وكان هذا القرار بمثابة دعم كبير للمغرب في نزاعه الطويل مع جبهة “البوليساريو” حول السيادة على الصحراء، إذ شكّل نقطة تحول هامة في مسار القضية، وشجع عدداً من الدول على فتح قنصلياتها في العيون والداخلة.

وجاء الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أيضاً في سياق من سلسلة من التحركات الدبلوماسية لواشنطن آنذاك لرعاية تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دول عربية، والتي شملت اتفاق إعادة العلاقات بين الرباط وتل أبيب والذي تم في نفس اليوم.

وفي 18 مارس 2022، أعلنت إسبانيا بشكل رسمي اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، معتبرة مقترح الحكم الذاتي المغربي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف، في خطوة دبلوماسية مهمة بعد عقود من موقف إسباني محايد، وهو ما شكل دعما أساسيا للموقف المغربي وساهم في تعزيز العلاقات بين المغرب وإسبانيا التي تعد فاعلاً تاريخياً في صناعة أزمة الصحراء.

في 20 غشت 2022، أعلن الملك محمد السادس ضمن خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، عن كون “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات”، داعياً شركاء المغرب من الدول “التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء”، إلى توضيح مواقفها ومراجعة مضمونها “بشكل لا يقبل التأويل”.

لتصبح الصحراء المغربية من أهم ملفات المغرب في تحديد مستوى العلاقات مع الدول الأوروبية والغربية والإفريقية.

وفي شهر دجنبر من العام نفسه، صرحت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، أنه “يمكن للمغرب التعويل على دعم فرنسا” في الملف.

في 31 يوليوز 2024، أعلنت فرنسا رسمياً بسيادة المغرب على صحرائه، في موقف جديد في سياستها تجاه قضية الصحراء، عبرت عنه رسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الملك محمد السادس آنذاك، والذي أكد أن “المستقبل والحاضر للصحراء الغربية يقعان ضمن إطار السيادة المغربية”​، كما اعتبر أن المبادرة المغربية هي الحل الوحيد والنهائي للنزاع، الذي يعتبر من الأطول في إفريقيا، والمتواصل منذ انسحاب إسبانيا في سبعينيات القرن الماضي.

ورأى محللون أن فرنسا وإسبانيا تلعبان دوراً مفتاحياً في أزمة الصحراء المغربية، كونهما القوتين الاستعماريتين سابقاً في المغرب، إضافة إلى ما كان لمدريد من دور إداري في الصحراء المغريبة.

وفي أكتوبر 2024، كانت قضية الصحراء جزءا مهما من جدول المباحثات الثنائية خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب بين 28 و30 أكتوبر 2024، حيث أكدت فرنسا مرة أخرى دعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية بعد أشهر من إعلانها رسميا اعترافها بسيادة المغرب على الإقليم في 31 يوليوز 2024.

وجاء في خطاب ماكرون أمام مجلسي البرلمان، بتاريخ الثلاثاء 29 أكتوبر 2024: “أعيد التأكيد أمامكم، في نظر فرنسا حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية”، مشيراً إلى أن شركات وفاعلين اقتصاديين فرنسيين “سوف يرافقون تنمية هذه المنطقة عبر استثمارات ومبادرات دائمة وتضامنية لصالح سكانها”.

وفي فاتح يونيو 2025، انضمت بريطانيا، أحد الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى الدول المعترفة بمغربية الصحراء، بتأييدها مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل أكثر مصداقية وواقعية للقضية، متخذة بذلك موقفاً جديداً ينسجم مع توجهات سابقاتها من القوى الدولية بشأن هذا النزاع.

ويأتي هذا التحول بعدما كانت المملكة المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا، تدعم في وقت سابق، الجهود الأممية لإيجاد “حل سياسي يضمن للشعب الصحراوي حق تقرير المصير”.

قنصليات في الصحراء

وقد تخلل هذه الاعترافات دعم واسع من عشرات الدول في إفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ما يعكس التحول العميق في المواقف الدولية لصالح الطرح المغربي القائم على الواقعية السياسية واحترام وحدة التراب الوطني.

وفتحت حوالي ثلاثين دولة قنصليات في الأقاليم الجنوبية، تجسيداً لدعمها الصريح للوحدة الترابية للمملكة. ومن بين هذه الدول، الإمارات العربية المتحدة التي افتتحت قنصلية في العيون في نونبر 2020 والأردن في مارس 2021، والبحرين في دجنبر 2020.

بالإضافة إلى سورينام التي افتتحت قنصلية في الداخلة، والغابون وغينيا وكوت ديفوار وجزر القمر وزامبيا وإسواتيني، وغيرها من الدول العربية والإفريقية التي اختارت مدينتي العيون والداخلة لافتتاح قنصليات لها تأكيدا لمغربية الصحراء.

كما فتحت عدد من دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي قنصليات في الصحراء المغربية وقررت دول أخرى توسيع نطاق اختصاصها القنصلي، ليشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة.

قرار مجلس الأمن: أكتوبر 2025

في 31 أكتوبر 2025، اعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً تاريخياً يدعم مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب سنة 2007 باعتباره الإطار المقبول والواقعي لمعالجة النزاع القائم منذ خمسة عقود، داعيًا الأطراف المعنية إلى الدخول في مفاوضات على هذا الأساس.

وصوّت لصالح القرار 11 عضواً من أصل 15، في حين امتنعت روسيا، والصين، وباكستان عن التصويت، بينما لم تشارك الجزائر في عملية التصويت.

القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، نصّ كذلك على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لمدة عام واحد، إلى غاية 31 أكتوبر 2026.

وأظهر التصويت أن القرار حظي بدعم قوي داخل مجلس الأمن، خصوصاً من القوى الغربية الكبرى والدول الإفريقية واللاتينية، مما يعكس اتجاهاً دولياً متزايداً نحو الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي للنزاع.

كما أن غياب أي استخدام للفيتو واعتماد القرار بأغلبية مريحة (11 من 15) منح النص قوة سياسية ومعنوية كبيرة، وكرّس دعم مجلس الأمن للمسار الأممي القائم على مبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الإطار الأنسب لتسوية هذا النزاع الذي استمر نصف قرن.

فتح الصحراء وعيد الوحدة

“إنا فتحنا لك فتحا مبينا”، بهذه الآية القرآنية استهل الملك محمد السادس خطابه، يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، ليعلن ما وصفه بـ”فتح جديد” في مسار قضية الصحراء المغربية، بعد صدور القرار الأخير لمجلس الأمن، الذي اعتبره نقطة تحول في مسار تسوية هذا النزاع الممتد منذ لنصف قرن.

الخطاب الذي جاء في لحظة رمزية مزدوجة، تجمع بين الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء والذكرى السبعين لاستقلال المغرب، حمل نفسا تقييميا لمسار طويل من العمل الميداني والدبلوماسي. وقال الملك إن المغرب “يبدأ بعون الله فتحا جديدا في مسار ترسيخ مغربية الصحراء والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل”، في إشارة إلى ما يعتبره تحولًا في الموقف الدولي بعد القرار الأممي الصادر في 31 أكتوبر 2025.

ووصف الملك المرحلة الحالية بأنها “فاصلة في تاريخ المغرب الحديث”، لافتاً إلى أن هناك ما قبل 31 أكتوبر وما بعده، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن دعم مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها الرباط عام 2007، باعتبارها الإطار الواقعي والوحيد للحل السياسي.

كما وجه نداءً مباشراً إلى مغاربة مخيمات تندوف لـ”اغتنام هذه الفرصة”، داعيًا إياهم إلى العودة والمشاركة في تنمية أقاليمهم في إطار الحكم الذاتي، ومؤكدًا على أن “جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من المخيمات وإخوانهم داخل الوطن”.

وخص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بدعوة إلى “حوار أخوي صادق”، لتجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة على أسس الثقة وحسن الجوار، مجددًا التزام المغرب بالعمل من أجل “إحياء الاتحاد المغاربي” على قاعدة التعاون والاحترام المتبادل.

وفي 4 نونبر 2025، قرر الملك محمد السادس جعل يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيداً وطنياً جديداً يحمل اسم “عيد الوحدة”، وذلك اعتباراً للتحول التاريخي الذي شهدته قضية الصحراء المغربية وما تكرسه من وحدة وطنية وترابية راسخة.