story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

140 مليار درهم للصحة والتعليم.. هل تكفي لاحتواء احتجاجات “جيل Z”؟

ص ص

يأتي قانون المالية لسنة 2026 في سياق احتجاجات شعبية، تشهدها العديد من مدن وأقاليم المملكة، مطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم، وصون كرامة المواطن، ومحاربة الفساد، فضلا عن المطالبة بإقالة الحكومة، بسبب “عجزها عن الوفاء بوعودها”، التي تعهدت بها قبل أربع سنوات.

وعلى الرغم من أن الحكومة لم تتفاعل بالشكل الذي يوازي حجم هذه الاحتجاجات، تجاوب الملك محمد السادس، ضمنيا مع مطالب شباب “جيل Z”، عبر مجلس وزاري، ترأسه يوم الأحد 19 أكتوبر 2025، أعلن من خلاله عن تخصيص ميزانية تصل إلى 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم، وهو ما اعتبره عدد من المتتبعين أنه “تجاوب مؤسساتي مع مطالب الشباب”.

وقد أثار هذا “التجاوب”، بتخصيص 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم، تساؤلات بشأن مدى تأثيره على استمرار الشباب في مواصلة احتجاجاتهم التي أطلقوها يوم 27 شتنبر 2025.

وعلى الرغم من أهمية هذا الغلاف المالي، يرى المتتبعون للشأن السياسي والحقوقي أن مجرد الرفع من الميزانية “لا يكفي لإنهاء هذه الاحتجاجات”، مؤكدين أن التحدي لا يكمن فقط في الأرقام المعلنة، بالرغم من أهميتها، “بل في ترجمة هذه الميزانيات إلى إصلاح حقيقي يلمسه المواطن”، عبر جودة الخدمات في قطاعين حيويين من قيمة الصحة والتعليم.

وفي هذا السياق، ترى النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، أن الإشكالية الحقيقية التي تعاني منها العديد من القطاعات ومن بينها قطاعي الصحة والتعليم، لا تقتصر على التمويل، بل تتجاوز ذلك إلى “غياب الحكامة”، مستدلة في هذا الصدد، بتجربة قطاع التعليم، “الذي التهم ميزانيات ضخمة دون عائد يذكر، من قبيل 43 مليار درهم التي خصصت في إطار البرنامج الاستعجالي دون أن ينعكس ذلك على القطاع”، مطالبة بضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة.

واعتبرت النائبة البرلمانية، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن رفع مطلب إصلاح قطاعي الصحة والتعليم ضمن احتجاجات “جيل z”، “يعود إلى حجم التردي والتدهور الذي يعاني منهما هذين القطاعين، وبسبب ذلك، تُحرم فئات واسعة من الولوج لتعليم مجاني جيد يكفل تكافؤ الفرص، هذا دون الحديث عن “مآسي المستشفيات العمومية، التي تحول بعضها إلى مستشفيات للموت”.

وفي هذا الإطار، شددت التامني على ضرورة إحداث “إصلاح حقيقي لقطاع الصحة والتعليم”، مبرزة أن هذا الأمر لا يقتصر على الرفع من الميزانية، وإن كان مهما، بل يتطلب أيضا “الرفع من منسوب الحكامة التي تضمن الترجمة الحقيقة للإصلاح على أرض الواقع”.

وفي غضون ذلك، أكدت المسؤولة البرلمانية أن الأيام المقبلة ستكشف مدى تجاوب شباب حركة “جيل z” مع مخرجات المجلس الوزاري الأخير، وكذا موقفها من الاستمرار في الاحتجاج والمطالبة بالاستجابة لكافة مطالبها.

ومن جهته، قال رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، إن مجرد الرفع من الميزانية المخصصة لبعض القطاعات الاجتماعية، “لا يعني بالضرورة توقف الاحتجاجات الشعبية”، مشددا على أن التهدئة الكلية مرتبطة بتحول هذه الميزانية إلى إصلاح فعلي يلامس الحياة اليومية للمواطنين.

وأوضح تشيكيطو، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الاحتجاجات “لن تتوقف بشكل كلي إلا إذا ترجمت الميزانية إلى إصلاحات حقيقية”، محذرا الحكومة من “أن استمرار الوعود الشفوية، وتوجيه الأموال نحو مسالك البيروقراطية والصفقات المشبوهة، سيؤدي حتما إلى مواصلة الاحتجاج وربما توسيع رقعته”.

وأضاف المتحدث أن “مجرد الإعلان عن تخصيص الميزانيات لا يطفئ الغضب”، لافتا إلى أن “ما يحتوي غضب الناس هو التغيير الحقيقي، خاصة إذا علمنا أن هذا الجيل (جيل “Z”) لم يعد يثق في الخطابات، بل في الأثر الملموس”.

وخلص تشيكيطو إلى التساؤل: “هل ما تحقق في قطاعي الصحة والتعليم، يوازي حجم الميزانيات التي صرفت في هذين القطاعين منذ عقود؟، وخاصة خلال العشرين سنة الماضية”.

وفي هذا الصدد، كشف المجلس الوزاري، المنعقد يوم الأحد 19 أكتوبر 2025 برئاسة الملك محمد السادس، عن توجهات استراتيجية لعام 2026، تقضي بتعزيز المجهود الميزانياتي المخصص لقطاعي الصحة والتعليم، في تفاعل مع احتجاجات “جيل Z” التي تطالب بإصلاحات اجتماعية على مستوى القطاعين.

ووفقاً لهذه التوجيهات الملكية السامية، سيتم خلال سنة 2026 رفع المجهود الميزانياتي المخصص لهذين القطاعين الحيويين ليبلغ نحو 140 مليار درهم، مع إحداث أكثر من 27 ألف منصب مالي جديد لدعم الموارد البشرية في قطاعي الصحة والتربية الوطنية.

في ما يخص قطاع الصحة، سيرتكز البرنامج على تحسين العرض الصحي عبر تطوير البنيات التحتية، من خلال افتتاح المركزين الاستشفائيين الجامعيين بكل من أكادير والعيون، واستكمال أشغال بناء وتجهيز المركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط.

كما سيتم مواصلة أشغال بناء المراكز الاستشفائية الجامعية بكل من بني ملال وكلميم والرشيدية، فضلاً عن إطلاق عملية تأهيل وتحديث 90 مستشفى.

أما في ما يتعلق بقطاع التربية الوطنية، فسيتم تسريع تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، عبر تعميم التعليم الأولي، وتعزيز خدمات دعم التمدرس، وتحسين جودة التعليم.