صيدلاني يبسط مشاكل التسعيرة الحالية للأدوية وتأثيرها على الصيدليات

سلّط الدكتور الصيدلاني عبد الرحيم الدراجي الضوء على عدد من الإشكالات التي تعاني منها الصيدليات في المغرب نتيجة النظام الحالي لتسعير الأدوية المعتمد منذ سنة 2013، مشيرًا إلى أن عدداً من مقتضيات المرسوم الذي يحدد أسعار الأدوية في المغرب، تفرض على الصيادلة هوامش ربح “ضعيفة جداً”، مما يؤثر سلبًا على التوازنات المالية لعدد كبير من الصيدليات.
وأوضح الدراجي في عرض قدمه خلال اجتماع المجلس الوطني لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، أن المرسوم رقم 2.13.852 الذي يحدد أسعار الأدوية في المغرب، يفرض هوامش ربح متعلقة بتصنيف الأدوية إلى أربعة شرائح بناء على أسعارها النهائية.
فبالنسبة للشريحة الأولى (T1)، أوضح الخبير أن هذه الأخيرة تضم الأدوية التي يقل سعرها عن 280.60 درهم، ويُطبق عليها هامش ربح بنسبة 33.93%، مضيفا أن هذا الهامش ينخفض إلى 29.75% بالنسبة للأدوية التي يتراوح سعرها بين 280 و962 درهم تقريبًا، والتي تدخل في إطار الشريحة الثانية (T2).
وحول المشاكل التي تعتري نظام التسعير في هاتين الشريحتين، يشير الصيدلاني إلى أن انخفاض أسعار بعض الأدوية قد “أدى إلى انقطاعها لكونها غير مربحة أو قد يتم تسويقها بالخسارة”، مستدلا في ذلك ببعض الانقطاعات السابقة على مستوى بعض الأدوية كالبروتامين، ولأدرينالين، وفيتامين “K”.
وتابع أنه “بخصوص بعض الأدوية لو كانت الدولة قد وافقت على زيادة 3 أو 4 دراهم، لما حدث أي انقطاع بشأنها”.
أما بالنسبة للشريحتين الثالثة والرابعة، فقد أبرز الدراجي أن الشريحة الثالثة (T3)، حسب المرسوم المذكور، تتعلق بالأدوية التي يتراوح سعرها بين 962 درهم وحتى 2875 درهم، مبرزا أن هامش الربح المسموح به في هذه الشريحة يتعلق بثمن ثابت حدد في 300 درهم، قبل أن يرتفع إلى 400 درهم بالنسبة للشريحة الرابعة (T4) التي تضم الأدوية التي يتجاوز سعرها 2875 درهم.
وبخصوص المشكل الذي يعتري تسعير الشريحتين، يشير الدراجي، إلى أن ارتفاع ثمن الدواء ضمن مجال إحداهما يؤدي إلى انخفاض كبير في هامش ربح الصيدلية.
“وهكذا، فعند تحويل هامش الربح الثابت الخاص بالشريحة الثالثة (300 درهم) إلى نسبة مئوية، فإن هامش الربح في ذات الشريحة يبدأ من نسبة 30% ليصل إلى حوالي 10.43% فقط”، يقول المتحدث.
وبنفس المنطق، فإن هامش الربح بالنسبة للأدوية التي تندرج ضمن الشريحة T4، يبدأ بهامش يقارب 10.43%، ولكن بمجرد أن يتجاوز سعر الدواء 40000 درهم، “فإن الصيدلي لا يحصل إلا على أقل من 1% كهامش ربح”يؤكد المصدر، الذي اعتبر أن هذا الأمر “غير موجود في أي مكان آخر”.
وأضاف الدراجي إلى ضعف هامش الربح، مشكلا آخر يتعلق بالقيود المفروضة على الحصول على الأدوية المصنفة ضمن الشريحتين T3 وT4، مبرزا أن وجود هذه الأدوية يبقى منحصرا بشكل أكبر في بعض المصحات وبعض الصيدليات التي تُعرف باسم “الصيدليات المودعة”.
وفي هذا السياق، أوضح أنه فيما يخص الأدوية التي تدخل ضمن نظام “الطرف الثالث المؤدي”، فإن 84% من هذه الأدوية تُوزع في القطاع الخاص، ومن بين هذه النسبة، فقط 13% تُباع في صيدليات الأحياء، بينما 87% تُوزع على مستوى المصحات.
وتمكن اتفاقية الطرف الثالث المؤدي (TPA) المرضى المستفيدين من التغطية الصحية من الحصول على الأدوية من الصيدليات دون الحاجة إلى دفع ثمنها الكامل عند الشراء، إذ تقوم الجهة الوسيطة في هذا النظام، بتسديد تكلفة الأدوية مباشرة للصيدلية، بعد معالجة الملف.
وبالإضافة إلى كل هذا، أشار إلى أن القانون يفرض على الصيدلية التي يتجاوز رقم معاملاتها 2 مليون درهم سنويًا، الخضوع للضريبة على القيمة المضافة (TVA)، مما يعني أنها تصير ملزمة بتقديم تصاريح TVA واحتسابها على المبيعات التي تُجريها، خاصة على مستوى المكملات الغذائية وغيرها من المنتجات.
ويذكر أن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، كان قد أعلن خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، الاثنين 26 ماي 2025، عن إطلاق مسار مراجعة عميقة لنظام تسعير الأدوية بالمغرب، مبرزا أن التصور الجديد لتسعير الأدوية يتم في إطار تشاوري مع كافة الأطراف المعنية.
وبعد هذا الإعلان كشفت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تواصلت معها لأول مرة منذ تعيين الوزير أمين التهراوي، وذلك من أجل عقد لقاء رسمي لمناقشة موضوع مراجعة تسعيرة الأدوية، يوم 12 يونيو 2025، مشيرة إلى أن هذا اللقاء سيُشكّل محطة حاسمة لتحديد الخطوات المقبلة.
في هذا السياق كان الكاتب العام للكونفدرالية، أمين بوزوبع، قد أكد لصحيفة “صوت المغرب” أن أي مراجعة جديدة لتسعيرة الأدوية يجب أن تُبنى على آليات واقعية وتشاركية، وأن الصيادلة لديهم مقترحات عملية في هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بالأدوية المصنفة ضمن الشريحتين الثالثة والرابعة، التي تشمل الأدوية المرتفعة الثمن.