story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

تقرير: ضعف الحكامة يعرقل جهود حماية البيئة بالمغرب

ص ص

كشف تقرير حديث للمعهد المغربي لتحليل السياسات، حول موضوع “الترافع البيئي في المغرب: التحديات، الاستراتيجيات، والعوائق المؤسساتية”، أن أزمة الحكامة وضعف البنية المؤسساتية لا تزالان تشكلان جوهر المشكلات البيئية التي تواجهها البلاد، رغم تعدد الاستراتيجيات الوطنية والالتزامات الرسمية.

وحسب التقرير، فإن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي أطلقتها الحكومة بهدف دمج مبادئ الاستدامة في السياسات العمومية، تواجه عقبات حقيقية على مستوى التنفيذ، تعود بالأساس إلى ضعف التنسيق بين مختلف الوكالات، إضافة إلى قصور في إشراك الفاعلين المحليين في صياغة وتنفيذ السياسات البيئية.

وأشار إلى أن الطابع المركزي لمنظومة اتخاذ القرار في المغرب يحد من قدرة الجماعات الترابية والمجالس المحلية على مواجهة التحديات البيئية الخاصة بكل منطقة، إذ غالبًا ما تُحرم هذه الهيئات من الموارد والصلاحيات الضرورية لتنزيل حلول ميدانية فعّالة، ما يجعل السياسات المتبعة غير متكيفة مع خصوصيات الواقع المحلي.

وفي سياق متصل، نبه المعهد إلى غياب منصة وطنية موحدة ومفتوحة للبيانات البيئية، وهو ما يشكل أحد أبرز العوائق التي تواجه منظمات المجتمع المدني والناشطين البيئيين في مسار الترافع القائم على الأدلة والمعطيات.

وأوضح أن الجهود الحكومية الحالية لجمع البيانات غالبًا ما تظل منفصلة وغير منسقة، ما يُعيق مبدأي الشفافية والمساءلة، ويعمق فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية.

كما سجل التقرير أن عددًا محدودًا فقط من منظمات المجتمع المدني يتمكن من الوصول إلى البيانات البيئية أو إنتاجها وتحليلها بما يخدم برامجها، مشيرًا إلى أن الغالبية تعاني من نقص في الكفاءات التقنية والمعرفة المتخصصة، ما يضعف من أثرها في التأثير على السياسات العمومية.

وحذر المعهد من أن التحديات البيئية الراهنة لا يمكن فصلها عن الأبعاد المؤسساتية والسياسية للحكامة البيئية، معتبرًا أن تفاقم مشاكل مثل خوصصة الموارد الطبيعية، وضعف تطبيق التشريعات البيئية، وتهميش الفاعلين المحليين، كلها مظاهر تعكس إخفاقات بنيوية تتطلب مراجعة عميقة وشاملة.

وشدد المصدر ذاته على ضرورة تبني مقاربة شمولية تعزز من القدرات المؤسساتية، وتوسع من هامش مشاركة المجتمعات المحلية، مع التركيز على تطوير أدوات الترافع البيئي وإدماج الفاعلين غير الحكوميين في بلورة وتنفيذ السياسات البيئية بشكل فعّال.

غياب النشر الاستباقي

ولم يفوت التقرير فرصة تسليط الضوء، على الصعوبات الهيكلية التي تعرقل جهود الترافع البيئي في المغرب، وفي مقدمتها غياب النشر الاستباقي للمعلومات البيئية من طرف الجهات الحكومية، وضعف الوصول إلى البيانات الرسمية، رغم وجود ترسانة قانونية تؤطر هذا الحق.

وأشارت الوثيقة، إلى أن منظمات المجتمع المدني والناشطين البيئيين يواجهون عراقيل متكررة في الحصول على المعطيات البيئية، رغم دخول القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات حيّز التنفيذ منذ سنة 2018.

وأكدت أن عدداً من الهيئات الرسمية لا تلتزم بمقتضيات النشر الاستباقي للبيانات، خاصة تلك المرتبطة بتتبع مؤشرات التنمية المستدامة أو حالة الموارد الطبيعية.

وأفاد التقرير أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة نفسها لا تتقاسم بشكل فعّال البيانات التي يتم تجميعها من طرف المؤسسات الحكومية، وهو ما يعيق بناء ترافع بيئي مبني على الأدلة، ويضعف فعالية عمل الجمعيات والفاعلين المحليين في هذا المجال.

وفي السياق ذاته، أوضح أن البيانات البيئية تظل مشتتة بين مؤسسات متعددة، دون وجود منصة رقمية موحدة أو آلية واضحة لتنسيق المعطيات بين الفاعلين، مبرزا أن غياب هذه المنصة يعتبر أحد أهم العوائق التي تواجهها منظمات المجتمع المدني، والتي تجد نفسها عاجزة عن النفاذ إلى معطيات دقيقة وموثوقة يمكن توظيفها في ملفات الترافع أو حملات التحسيس البيئي.

وفي موضوع آخر، لفت المعهد إلى أن المنظمات المدنية المعنية بالقضايا البيئية يمكن تصنيفها إلى فئتين، فئة أولى تركز على قضايا محلية مثل التلوث وجمع النفايات وتشجير المناطق، وفئة ثانية تتمتع بقدرات تقنية متقدمة وتعمل أحيانًا بتنسيق مع مؤسسات رسمية لتبادل البيانات، كما هو الحال مع “مرصد الطيور المهاجرة”.

غير أن المفارقة، بحسب التقرير، تكمن في أن بعض هذه المنظمات نفسها لا تبادر بنشر البيانات التي تمتلكها بشكل استباقي، رغم مطالبتها الجهات الحكومية بفعل ذلك، مما يطرح تساؤلات حول شفافية الفاعلين غير الحكوميين وقدرتهم على ترسيخ ثقافة المشاركة المفتوحة للمعطيات.

وخلص التقرير إلى أن عدداً من الناشطين يشتكون من تعامل الجهات الرسمية مع المعطيات البيئية كملكية خاصة يصعب الولوج إليها، وهو ما يعمّق الهوة بين الدولة والمجتمع المدني، ويضعف قدرة الفاعلين البيئيين على التأثير في السياسات العمومية.