مقترحات المدونة.. أوس الرمال: منها ما يسمم الحياة الزوجية وما يُغيّر منظومة الإرث
يرى رئيس حركة التوحيد والإصلاح أوس الرمال أن مدونة الأسرة في حاجة إلى الإصلاح، وليس إلى تعديل “لمجرد التعديل من أجل رضى جهات أجنبية”، مشيراً إلى أنه لا ينبغي أن يتدخل القانون في الزواج المبني على المكارمة بالطريقة التي حددتها المقترحات الأخيرة للمدونة.
وأوضح الرمال، أثناء حلوله ضيفاً على برنامج “ضفاف فنجان” الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أن المواطنين بحاجة إلى تدخل محدود للقانون من أجل إصلاح الأعطاب التي قد تظهر على مستوى الأسرة، وليس لفرض شروط وقوانين تنهي مبدأ المكارمة بين الزوجين.
وشرح أوس الرمال المنهجية التي اعتمدتها حركة التوحيد والإصلاح في تقييم مقترحات مدونات الأسرة، مشيرا إلى أن الرأي في التعديلات التي بها تعارضا مع نصوص القرآن والسنة “محسوم بالرفض من منطلق الإيمان بأنه لا أحد على وجه الكون، يمكن أن يقترح أفضل مما أراده الله عز وجل للأسرة”.
وذكر أن “أموراً كثيرة ذات قيمة في حياة البشرية لم يتم التنصيص عليها في القرآن بالتفصيل والتدقيق مثل الصلاة، بينما تحدث القرآن عن الأسرة من كل زواياها”.
أما المقترحات التي لا تتعارض مع النصوص، فلا بد حسب الرمّال من “أن يكون فيها للحركة معيار من أجل إبداء الرأي حولها”، بحيث أن “كل مقترح أو تعديل يشجع على تأسيس أسرة أو يضمن استمراريتها، أو يضمن لها أسباب الفاعلية في إصلاح المجتمع نحن معه، وكل تعديل ينفر من الزواج سوف نعارضه”.
كما ثمن رئيس حركة التوحيد والإصلاح المنهجية التي اعتمدتها الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، إذ أنها تأسست على إشراك مكونات مختلفة في الاقتراح، إضافة إلى الحدود التي وضعها الملك محمد السادس في عدم تحريم الحلال وعدم تحليل الحرام.
واستنكر في الوقت نفسه المقترحات التي تقدمت بها مؤسسات دستورية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي بينها تغيير تعريف الأسرة في البند 32 من الدستور، من نص يقول “إن الأسرة المغربية هي الأسرة القائمة على الزواج الشرعي بين الرجل والمرأة، والدولة تضمن لها الاستمرار والبقاء”، إلى ما ينص على أن “الأسرة تتكون من أشخاص يجمع بينهم الزواج أو القرابة أو الالتزام”، دون توضيح لماهية هؤلاء الأشخاص أو طبيعة الالتزام وفقا للمتحدث.
زواج القاصر
وفي ما يتعلق بزواج القاصر، عبر أوس الرمال عن رفض حركته توصيف الأفراد المعنيين بهذه الحالة بوصف قاصر أو قاصرة، لأن القصور “هو عدم الأهلية لفعل أي شيء ناهيك عن الزواج”. واستحسن ترك الباب مفتوحاً أمام القضاء في الاستثناء، متسائلا “لماذا نغلق الباب أمام استثناء مازالت الحاجة إليه قائمة في المجتمع؟”.
وأوضح موقفه مستشهداً بمثال من الواقع، قائلاً: “ابنة وصلت إلى السن الذي يخول لها الالتحاق بالتعليم الثانوي التأهيلي، لم توفر لها الدولة مدرسة في محيطها، ولم تقدم لها منحة لتبحث عن تعليم داخلي، ولا توجد مؤسسة داخلية قريبة منها بأقل من 30 أو 40 كلم. بالتالي تم حرمانها من المدرسة”.
لكن في المقابل، يقول المتحدث “تعد من الفئات التي نشأت ملتزمة بأعمال يومية في المنزل أو القرية وبنيتها تظهر استعدادها للزواج، وجاء إلى البيت من يخطبها عن حب”.
ويتساءل: “عندما نتكلم عن حقوق الإنسان، أليس من حق هاذين الشاب والشابة الذين عشقا بعضهما البعض الزواج”؟، مبيناً أنه إذا كان هناك من يتحجج بأن سنها يليق بالمدرسة وليس الزواج، فعليه أن يوفر لها أين تدرس.
ويؤكد الرمال أنه مع الزواج من سن 18 عاماً لما فوق وبالتوثيق، مشيرا إلى أنه لا ضير في الاستثناء الذي تظل للقاضي السلطة التقديرية فيه. ويشدد على أن “الحاجة إليه حقيقية ليس في البادية فقط، بل حتى في قلب المدينة”.
ويقول إنه لا أحد متضرر من زواج ابنة قادرة على الزواج فزيولوجيا وذهنيا، علاوة على أنه يبدو زواج خير، “غير لجنة المرأة في الكونغرس الأمريكي والأمم المتحدة، والجهات التي تنفذ ما تطلبه داخل البلاد”، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة “تحارب الأسرة لأنها الملاذ الوحيد للأفراد من عدد من سياساتهم التي بينها الاستهلاك المضاعف”.
تعدد الزوجات
أما بخصوص تعدد الزوجات، فيرى أوس الرمال أن الرجل والمرأة كلاهما يذهبان في هذا الاتجاه، الذي لا يهم الرجل فقط، موضحاً أن الرجل “يذهب إليه بحكم مبرر يعطيه الحق في التعدد، أما المرأة فإنها قد تكون لم تتح لها سوى تلك الفرصة للزواج، وهي تدرك أنها عندما تصل إلى ما يسمونه ‘سن اليأس’، لن تجد من يقوم على رعايتها”.
وشدد على أن الزواج “حاجة حقيقية وضرورية”، متسائلا “لماذا يتم منع امرأة من حقها في الزواج؟”
ويرى رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج على الزوج من عدمه، والتنصيص على ذلك في العقد، “من شأنه أن يضر بالطرفين معاً خاصة مع ذكر إذن القاضي بالتعدد في حالة العقم أو المرض الذي يمنع العلاقة الزوجية الحميمية، وشروط أخرى”.
ويشير الرمال إلى أنه “إذا تبين بناء على ذلك أن المرأة تعاني من أي من هذا وفكرت في أنه لن يكون لديها اعتراض على التردد مع رفض خيار الطلاق سيكون قد فات الأوان، لأن لا سبيل آخر غير الطلاق وفقا للعقد الذي تم توقيعه بداية الزواج”.
“تثمين” عمل الزوجة
أما عن تثمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسَبة خلال قيام العلاقة الزوجية، قال أوس الرمال أنه “تسميم للحياة الزوجية”، إذ أن العلاقة بين الزوج والزوجة “صنفها الله عز وجل في القرآن من الآيات، أي من معجزاته” موضحاً أن الأصل في الأسرة هو المودة والرحمة”.
وقال إنه بعدما كانت المرأة ربة بيت بما تحمله الكلمة من معنى “رب الشيء هو مالكه والحاكم المطلق فيه”، صارت اليوم “معرضة بتثمين عملها اليومي”، لافتا إلى أنه “من العيب والعار تقييم عمل المرأة بهذه الطريقة، والأقبح من كل هذا سوف تصبح المرأة أجيرة عند زوجها، والأكثر من هذا سوف تعيش هناك ازدواجية داخل الأسرة، زوجة في الليل وأجيرة في النهار”، يضيف الرمال.
ويشير إلى أن التعديلات في هذا الصدد “سم مدسوس في عسل لأنها تنفر غير المتزوجين، وتضر بالمتزوجين”. وقال إن الزواج المبني على المكارمة والدين “لا يجب أن يتدخل فيه القانون بهذه الطريقة، نحن بحاجة إلى القانون في الحدود التي تسمح له لمعالجة الأعطاب”.
وأضاف “عندما تحل المحاسبة مكان المكارمة بين الزوجين، سوف تنهار الأسرة”، مشيرا بخصوص الولاية القانونية إلى أن “حركة التوحيد والإصلاح لا تجد انشغالا كبيراً في هذه المسألة فقط لا بد من التفاهم بين الزوجين بدل فرضها بالقانون”.
الاحتفاظ ببيت الزوجية
واعتبر الرمال أن الاحتفاظ ببيت الزوجية بعد وفاة الزوج، “تدخلا في منظومة الإرث، من خلال إخراج البيت من التركة”، داعيا الدولة إلى تحمل مسؤوليتها في حماية المواطنين من مصير الشارع، بما في ذلك المرأة الأرملة.
هذا وأكد أوس الرمال رئيس حركة التوحيد والإصلاح “أن الحركة مع كل ما يضمن الاستقرار للأسرة القائمة، وضد كل ما يتهددها”، مشيرا أثناء استضافه على برنامج “ضفاف فنجان” إلى أنه “آن الأوان لتتحمل الدولة مسؤوليتها وتقوم بدورها تجاه الأسرة”.
وأكد الرمال على ضرورة تفعيل مؤسسة وساطة تتكون من علماء ومصلحين اجتماعيين، وأطباء نفسانيين، تهتم بمسألة الصلح بين الزوجين، مشيرا إلى تجربة مماثلة في صفوف حركة التوحيد والإصلاح التي قال إنها “تتوفر على مراكز استماع”.
وأضاف أن عموم الأزواج الذين يأتون إليها “يتراجعون عن الطلاق بعدما تتم تهدئة روعهم، أو توعيتهم بتبعات ذلك”، مشيرا إلى أنه حتى مسألة التأهيل قبل الزواج التي تضمنتها مقترحات التعديلات، “تقوم به الحركة منذ سنوات لفائدة المقبلين على الزواج أو حديثي العهد بالزواج، من خلال دورات يؤطرها أخصائيون”.