story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

الدور المغربي في اتفاقات أبراهام.. ثقة أمريكية بحكمة الرباط أم ابتزاز سياسي؟

ص ص

في سياق متغيرات إقليمية ودولية متسارعة، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز اتفاقات أبراهام في المنطقة، معتمدة على شركائها الإقليميين، لدفع مسار يبرز فيه المغرب كفاعل مهم بالنسبة إلى واشنطن.

ويظهر الاهتمام بالمغرب في تعزيز مسار اتفاقات أبراهام، ضمن اتصال وزير الخارجية الأمريكي الجديد مارك روبيو بنظيره المغربي ناصر بوريطة، الإثنين 27 يناير 2025، حين ناقش الجانبان الشراكة بين واشنطن والرباط في تعزيز السلام والأمن الإقليمي والدولي، تحت قيادة الملك محمد السادس.

وبحث الوزيران في الاتصال ذاته، وفقاً للمحتدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس، “تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والإفراج عن الرهائن، ودور المغرب الريادي في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة”، مؤكدين التزامهما بالتعاون المكثف “لدفع المصالح المشتركة في المنطقة وإنهاء النزاعات، بما في ذلك البناء على اتفاقيات أبراهام”.

واتفاقات أبراهام هي سلسلة من اتفاقيات تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية بينها المغرب، والتي جرى توقيعها بوساطة أمريكية في عام 2020 خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب. والتأكيد عليها في الاتصال الذي جمع الوزيرين الأمريكي والمغربي يشير إلى حرص الأول على مواصلة تطوير هذه العلاقات من خلال تعزيز التعاون، أو إشراك دول جديدة.

اعتماد أمريكي على حكمة الرباط

يرى المحلل السياسي محمد سالم عبد الفتاح أن إدارة ترامب “تعول على الأدوار الريادية للدبلوماسية المغربية في المنطقة”، إذ أن هذه الأخيرة “تتميز بالحكمة والرزانة في التعاطي مع القضايا العربية، كما تلتزم بالتآزر العربي، خصوصاً في القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية”.

وأوضح عبد الفتاح، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن المملكة تتمتع بحضور قوي في الساحة العربية، إضافة إلى “علاقات متينة مع جل القوى الوازنة في المنطقة”، إلى جانب “علاقتها مع إسرائيل لاسيما بسبب الحضور القوي لليهود المغاربة داخل النسيج السياسي الإسرائيلي”.

وأشار إلى أن المغرب يفصل بين مسار علاقاته الثنائية مع إسرائيل، التي تشمل تعاوناً أمنياً وعسكرياً، وبين انخراطه في اتفاقات أبراهام، “التي يراها فرصة لتعزيز السلام وحلحلة الملفات العالقة في القضية الفلسطينية”، وذلك “انطلاقا من تمسك المغرب بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وقيام الدولة الفلسطينية على أراضي 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب رفض المملكة استمرار الاستيطان غير الشرعي على تلك الأراضي”.

ومن هذا المنطلق، تضع المملكة القضية الفلسطينية في صلب عقيدتها الدبلوماسية، “حيث تعتبرها قضية وطنية محورية”، وفقاً للمتحدث ذاته.

هذا ويتمتع المغرب، حسب محمد سالم عبد الفتاح، “بقبول واسع لدى مختلف الفرقاء والفصائل الفلسطينية، ما يؤهله للعب دور رئيسي في إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني وتوحيد الموقف التفاوضي للفصائل”.

وإلى جانب ذلك، يرى أن المملكة “تلعب دوراً هاماً في دعم جهود السلام، وإنهاء تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، والتصدي للتدخلات الإسرائيلية في دول الجوار، خاصة في لبنان وسوريا، حيث تدعم الرباط سيادة هذه الدول ووحدة أراضيها، بما ينسجم مع الشرعية الدولية”.

وفي ما يخص تعزيز الدور المغربي في دعم مسار أبراهام، يرى عبد الفتاح مضيّ الولايات المتحدة الأمريكية في خطوات عملية “تهدف إلى ترسيخ اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء، من خلال افتتاح بعثة دبلوماسية في مدينة الداخلة، كما أُعلن خلال توقيع الاتفاق الثلاثي في دجنبر 2023، سيعزز هذا الدور ويمنحه زخماً إضافياً”.

ابتزاز سياسي

من جهة أخرى، يرى أستاذ العلاقات الدولية إسماعيل حمودي، في مداخلة له عبر برنامج “من الرباط” الذي تبثه صحيفة “صوت المغرب”، أن هناك حاجة إلى الفصل بين التطبيع وقضية الصحراء المغربية، معتبراً أن التطبيع فرضته ظروف سياسية ومصلحية معينة، “وإذا لم يعد يخدم مصلحة المغرب في المستقبل، فقد يكون من الضروري إعادة النظر فيه”.

ويحذر حمودي أيضاً من أن الربط بين تعزيز العلاقات المغربية-الأمريكية والتطبيع مع إسرائيل يشكل نوعاً من الابتزاز السياسي، حيث تطرح واشنطن التطبيع كشرط أساسي لتطوير مكانة المغرب كقوة إقليمية.

ويوضح أن الولايات المتحدة تقول للمغرب، بشكل غير مباشر: “إذا أردت أن تصبح قوة إقليمية في المنطقة، فالبوابة هي إسرائيل”، وهو ما يجعل الاتفاق الثلاثي بين واشنطن والرباط وتل أبيب بسياق اتفاقات أبراهام، في نظره، “فخاً دبلوماسياً”.

وقال: “إذا استطاع المغرب الفصل بين المسارين، فسوف يحرر نفسه من أي علاقات قد تضر به، لأن استمرارنا في التطبيع مع كيان مجرم، بين قلة من الدول العربية، يضرّ بسمعتنا لدى الشعوب العربية والإسلامية والإفريقية”.

ولفت حمودي إلى أن المغرب “يحاول خلق توازن، لكن هذا صعب”، مشيراً إلى أن الرباط أمام تحدٍّ كبير، خاصة وأن الاتفاق الثلاثي لم يتضمن إقامة سفارات، بل نصّ فقط على استئناف العلاقات المغربية-الإسرائيلية، وإعادة فتح مكتب الاتصال. إلا أنه لاحقاً، “تغيرت المطالب الإسرائيلية والأمريكية لتشمل فتح سفارة”.

“ما الذي سيطلبه المغرب من ترامب، وما الذي سوف يقدمه له” يتساءل حمودي، ويشير الخبير في العلاقات الدولية إلى أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، له دور مهم في “جعل تعزيز العلاقات مع الرباط يمر عبر بوابة تل أبيب”.