story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

بعد اتفاق وقف إطلاق النار.. مُحلّل: هذه أبرز معالم انتصار المقاومة في غزة

ص ص

“القضاء على حماس”، كان أبرز الأهداف الإسرائيلية في العدوان على غزة على مدار 15 شهراً، عرفت بالإضافة إلى جرائم جيش الاحتلال بحق المدنيين، معارك ضارية، بين الاحتلال وبين فصائل المقاومة الفلسطينية منذ إعلان هذه الأخيرة عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023.

وبعد 471 يوماً دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ، بتاريخ الأحد 19 يناير 2025، لتتوالى صور ومشاهد من قلب القطاع، وتحديداً في شماله بمدينة غزة، حيث تم تسليم الأسيرات لدى المقاومة للصليب الأحمر، في مشهد شذ أنظار الرأي العام الإسرائيلي قبل العالم.

ففي الساعات الأولى لسريان وقف إطلاق النار كان لافتاً خروج مقاتلي كتائب القسام بعتادهم العسكري مرتدين زيهم الأخضر الذي بدا على عكس المتوقع بعد معركة ضارية، نظيفاً ومرتباً، قبل أن ينتشروا في جميع أنحاء غزة مع سياراتهم رابعية الدفع وناصعة البياض، كأنها وافدة حديثاً من خارج غزة عبر أحد معابرها.

أمام هذه الصور وغيرها من المشاهد المتوالية طيلة الأسبوع الجاري، والتي كان آخرها ظهور قائد القسام في بيت حانون، يوم الأربعاء 22 يناير 2025، بعد 8 أشهر من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتياله شمال قطاع غزة. يتوقف الباحث في الشأن الفلسطيني هشام توفيق ليسبر أغوار الانتصار والهزيمة بعد 15 شهراً من ملحمة الطوفان.

فشل استراتيجي للاحتلال

ويُعدد توفيق، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” معالم هذا الانتصار -في رأيه- على ثلاث مستويات، بدءاً من المستوى الاستراتيجي إذ “خسر الكيان الصهيوني أهدافه عسكرياً ولم يحقق نصراً، ليرضخ في النهاية إلى سياسة التفاوض التي فرضتها المقاومة كبوابة لعودة الأسرى بدل الحل العسكري الفاشل”.

وفي المقابل نجحت المقاومة، يضيف توفيق في تحقيق أهدافها المعلنة، “وهي الحفاظ على الأسرى، وقوتها في كل مناطق غزة، وردع الكيان الصهيوني وإسقاطه في فخ الإنهاك والاستنزاف دون نصر مطلق”، مشيراً إلى أن المقاومة تمكنت كذلك من نقل المعركة من غزة إلى الأوساط الإسرائيلية، والتأثير على الحكومة التي “انهزمت سياسياً بهزيمة الجيش”، ما أفضى وفقاً للمتحدث إلى “حدوث خلاف بين القوتين السياسية والعسكرية وصل إلى حد استقالة قادة من بينهم رئيس الأركان الإسرائيلي”.

ولفت هشام توفيق إلى أن انتصارات المقاومة وهزيمة جيش الاحتلال “أضعفت أيضاً المجتمع الإسرائيلي الذي تفكك بين يمين متطرف يسعى إلى الانتقام، ويسار علماني نظر للمعركة بواقعية متأخرة ليضغط من أجل وقف إطلاق النار وإبرام الصفقة”.

حضور ميداني مبهر

ويعود الباحث المغربي هشام توفيق إلى معالم الانتصار على المستوى الميداني، من خلال صور غزة في اليوم التالي لوقف العدوان الإسرائيلي، عندما برز مقاتلو كتائب القسام بظهور أمني وعسكري منظم أثناء تبادل الأسرى.

وأوضح أن الظهور بهذا الشكل وبلباس أمني خاص متنوع بين قوة بلون أزرق، وأخرى بلون أسود إضافة إلى قوة هندسة تابعة للشرطة لتفكيك القنابل غير المتفجرة، “أدهش الكثيرين، وأفزع الاحتلال الإسرائيلي الذي صرح بلسان نتياهو أنهم فككوا حماس وقوة القسام وقوة الأمن”.

وشدد توفيق على أن الواقع يُكذِّب ادعاءات الاحتلال “ويبين أن قوة القسام كما أنها متجددة، أظهرت مدى تنظيمها الذي حقق الحفاظ على الأسرى، وحمايتهم من نيران القصف الإسرائيلي، كما حقق الغلبة على الجيش الذي بدأ الانسحاب”.

حاضنة شعبية

أما على المستوى الشعبي، فبدا واضحاً وفقاً لهشام توفيق خلال صفقة تبادل الأسرى وإطلاق الأسيرات الثلاث، أن الشعب الفلسطيني في غزة “عبّر عن فرحة كبيرة بالمقاومة التي نجحت في فرض شروطها، بما في ذلك وقف إطلاق النار، والبدء بعملية التبادل بشكل مرحلي، وإدخال المساعدات، وعودة النازحين، بالإضافة إلى انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي”.

وأوضح توفيق أن سياسة نتنياهو كانت تراهن على كسر إرادة الشعب الغزّي من خلال القصف، والتصفية الجماعية بهدف دفعه للانقلاب على المقاومة، “إلا أن الواقع جاء عكس ذلك تماماً؛ فقد ازداد تشبث أهل غزة بالمقاومة، وتصاعدت وتيرة الانضمام إلى صفوفها بإرادة قوية، وإيمان عميق، ورغبة في الانتقام”.

ورأى الباحث في الشأن الفلسطيني من خروج سكان غزة إلى الشوارع للاحتفال بالصفقة “دليلاً قاطعاً على النصر”، لافتاً إلى مشاهد الاحتفال في القطاع من تكبير وشعارات مؤيدة للمقاومة، وتقبيل رؤوس جنودها، بينما أظهرت وسائل الإعلام الإسرائيلية في المقابل حالة من الإحباط والهزيمة.

تشويش على النصر

وبين منتصر في غزة ومنهزم في تل أبيب، ينبه هشام توفيق إلى طرف ثالث قال إنه “يسعى لتشويه انتصارات المقاومة وغزة عبر استراتيجية قديمة تعتمد على الادعاء والكذب، وتزييف الحقيقة”، مشيراً إلى أنه ليس بأسلوب جديد، إذ بدأ منذ عام 1917 عندما أطلق أول مركز صهيوني حملة الادعاء بأن الفلسطينيين “باعوا أرضهم”، وذلك بهدف التشكيك في عدالة القضية الفلسطينية.

وأشار إلى أن عدداً من الأنظمة العربية باتت في الوقت الراهن، ومع تصاعد المواجهات “أداة رئيسية في نشر الأكاذيب، والإشاعات التي تخدم الرواية الصهيونية”، موضحاً أنها لا تكتفي بالتواطؤ، “بل تعمل بالتنسيق مع إسرائيل لتطوير آليات إعلامية منظمة، تشمل قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي. هدفها الأساسي هو بث رسائل دعائية تخدم الاحتلال، والتشويش على أي إنجاز فلسطيني، سواء كان مبشراً بانتصار أو فاضحاً لجرائم الاحتلال”.

ويرى أن هذه الآلة الإعلامية المشتركة بين الإسرائيليين والمتعاونين معهم من العرب “تحاول النيل من إنجازات المقاومة، وتسعى لقلب الحقائق وتشويه صورة الانتصار الفلسطيني، في محاولة يائسة لتحويله إلى هزيمة”.

ورغم هذه الجهود، يقول هشام توفيق إن الحقائق “تبقى واضحة للعيان؛ إذ أن المقاومة حققت أهدافها، وأظهرت صمود غزة في مواجهة الاحتلال وأعوانه”. وتبقى المقاومة الفلسطينية في مواجهة هذا التشويش، وفقاً للمتحدث، صوتاً للحقيقة ومنارة للصمود، كما أنه رغم محاولات تضليل الشعوب، فإن وعي الجماهير العربية والإسلامية والعالمية “يظل حصناً منيعاً أمام هذه الأكاذيب، ما يثبت أن رواية الحق الفلسطيني أقوى من أي زيف”.