تحقيق دولي يكشف استمرار ممارسات الصيد بشباك غير قانونية في شمال المغرب
كشف تحقيق حديث لمؤسسة العدالة البيئية (EJF)، عن ممارسات غير قانونية لسفن مغربية في بحر “البوران” من خلال استخدام الشباك العائمة، رغم الحظر المفروض على استخدامها من قبل القانون الدولي والمغربي، مبرزًا أن الاستمرار في استخدامها يشكل تهديدًا خطيرًا للحياة البحرية لبعض الأنواع الأكثر عرضة للخطر في العالم.
وأوضحت المؤسسة الدولية المتخصصة في قضايا البيئة، أنه على الرغم من الحظر الوطني والدولي المفروض على الشباك العائمة، إلا أن استخدام هذا النوع من الشباك لا يزال يعرف ارتفاعًا سنويًا. حيث كشفت معطيات التقرير تضاعف السفن المستخدمة للشباك العائمة من 370 سفينة سنة 2004، إلى 846 سفينة خلال السنة الجارية، مشيرة إلى “فشل السلطات المغربية في تنزيل الحظر المفروض منذ سنة 2010”.
وأبرزت المؤسسة في تحقيقها أن هذه الشباك تستخدم أساسًا لصيد أسماك “أبو سيف” وغيرها، لكنها تسبب خسائر كبيرة في التنوع البيولوجي، حيث تسقط ضحيتها أنواع أخرى غير مستهدفة مثل الدلافين، السلاحف البحرية، وأسماك القرش، وحتى الحيتان. كما أشارت إلى أن هذه الشباك قد تتحول إلى “شباك أشباح” عندما تُفقد في البحر، مما يساهم في تلوث المحيطات بالبلاستيك، ويستمر في قتل الكائنات البحرية لعقود.
وحسب ذات المصدر، فإن تزايد استخدام هذه الوسيلة في الصيد يرجع بالأساس إلى تزايد الطلب على سمك “أبو سيف” المغربي، خاصة من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث يصدر المغرب جل إنتاجه من هذا السمك إلى دول الاتحاد، وبشكل أساسي إلى إسبانيا التي تستحوذ على 79 بالمائة من صادرات المغرب منه، وسط توقعات بأن جزءًا كبيرًا منها يعاد تصديره من إسبانيا نحو دول أخرى كإيطاليا.
في هذا السياق، صرح “خيسوس أوريوس كولياينيز”، مسؤول حملات المحيطات في الصندوق الأوروبي لحماية البيئة البحرية، أن الطلب المستمر على سمك “أبو سيف” المغربي من الاتحاد الأوروبي يبقى هو الدافع الرئيسي وراء هذا الصيد غير القانوني، محملًا هذه الدول مسؤولية التفتيش الدقيق على الواردات، “لضمان عدم وصول الأسماك إلى أسواق الاتحاد، وعدم تواطؤ المستهلكين في الاتحاد الأوروبي في تدمير البيئة”.
في المقابل، يظهر هذا التحقيق أنه في الوقت الذي يدرك فيه الصيادون المغاربة الذين يصطادون بالشباك العائمة الضرر البيئي وعدم قانونية الصيد بهذه الطريقة، إلا أنهم يشددون على الحاجة إلى دعم الحكومة للتحول نحو معدات بديلة، وذلك من خلال فتح حوار مباشر أولًا لتدارس المشكلة.
وبخصوص طبيعة السفن المستخدمة للشباك العائمة، أوضح التحقيق أنه بعد أن كانت السفن الصناعية وشبه الصناعية الكبيرة هي المهيمنة في السابق، أصبحت القوارب الخشبية الصغيرة (بطول 5-10 أمتار وحوالي 3 أطنان إجمالية) تستخدم الشباك العائمة دون الخضوع لأي شكل من أشكال الرقابة التنظيمية.
وبهدف الحد من هذه الممارسة، لفت التقرير إلى أن المغرب كان قد أطلق خطة مدتها أربع سنوات تشمل التثقيف العام، وبرامج إعادة الشراء، وتدمير المعدات، والتدريب على الصيد البديل، بدعم من تمويل أمريكي محدود و1.25 مليون يورو سنويًا من الاتحاد الأوروبي حتى عام 2019. مبرزًا في المقابل أن “تأثير هذه الأموال غير واضح، ولم ينجح التخلص التدريجي من الشباك العائمة إلى حد كبير”.
وتابع أن الصيادين المغاربة أكدوا اعتمادهم الاقتصادي على الشباك العائمة، مطالبين بالجمع بين برامج إعادة الشراء وتوفير معدات صيد بديلة مثل الخيوط الطويلة، ودعم تحويل الأسطول إلى أنشطة جديدة، بما في ذلك السياحة. كما دعوا إلى إجراء حوار مباشر مع الحكومة لمعالجة هذه التحديات بشكل تعاوني.