story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

وانتصرت غزة

ص ص

صحيح أنه وحتى كتابة هذه السطور، ما زال العد وان الإسرائيلي على غزة مستمرا والقصف متواصل والقتل والتدمير على حاله في رفح كما في نقط أخرى من القطاع المحتل…
لكن غزة انتصرت وفلسطين هزمت عدوّها الإسرائيلي، ورصاصة “الرحمة” هي قرار حركة حماس المقاومة يوم أمس الاثنين 05 ماي 2024، قبول المقترح المصري-القطري بوقف إطلاق النار.
غزة تنتصر منذ أسابيع وشهور، وسبق لنا أن كتبنا في هذا الركن تحت عنوان “غزة تنتصر”، لكنها اليوم انتصرت بالفعل، وعدوّها بات تحت الحصار الكامل، وكل ما يفعله اليوم هو من قبيل رفض الاعتراف بالهزيمة ومواصلة الهروب إلى الأمام وإيقاع المزيد من الأرواح البريئة، والأيتام، والثكلى، والمكلومين.
سيكابر نتنياهو وسيدافع عن رقبته المطلوبة لدى عدالة الكيان قبل عدالة العالم ثم عدالة السماء، لكنه سيسجّل في صحائف التاريخ كسياسي تعبّأت من خلفه أقوى جيوش الأرض منذ خلقها الله، لكنه عجز عن تحقيق النصر الذي وعد به ناخبيه المتعطّشين للدماء.
الفرحة التي انفجرت في أوساط فلسطينيي مخيمات غزة المهجّرين والمطرودين من بيوتهم، هي فرحة نصر، لأن ثقافة ووعي الانسان الفلسطيني المقاوم بطبعه، تجعله يدرك أن قيادة المقاومة لم تكن لتعلن القبول بوقف الحرب لولا يقينها من تحقيق ما يميل كفة القضية الفلسطينية ويعيد لها أمل النصر والظفر بالأرض المغتصبة.
غزة انتصرت أولا لأنها تمكّنت من نقل المعركة من الزاوية الضيقة التي أراد البعض حشرها فيها، بين ضلعين غير متوازنين: احتلال مسنود دوليا وعسكريا وشعب أعزل ومعزول، إلى رحابة الحسابات الإقليمية والدولية.
أن تقبل حركة حماس بمقترح مصري-قطري لوقف إطلاق النار، انتصار في حد ذاته، لأن المبادرة تفيد عودة القضية الفلسطينية إلى المعادلة الإقليمية وفشل مخطط التصفية الذي كاد ينهي المعركة لصالح الاحتلال بالنقط قبل شهور قليلة.
وغزة انتصرت لأن محور تل أبيب-واشنطن أصبح اليوم في ورطة من أمره، وقد أسقط في يده، وخاب مسعاه في تبرير المجزرة المبرمجة في رفح. وحماس التي يوجه نحوها الجبناء أصبع الاتهام بالتضحية بسكان القطاع وإلقائهم في حفرة النار الإسرائيلية، أصبحت اليوم في موقع المبادر والمتحكم في تطوّر الأوضاع.
بإمكان الاحتلال وحلفائه المضي في خطة المجزرة في جميع الأحوال، لكنهم إن فعلوا فسيكونون مجردين من كل غطاء قانوني أو “أخلاقي”.
غزة انتصرت لأنها أعادت مصر إلى المعترك وفرضت قطر في مقابل ايران، وسحبت من الاحتلال جميع أوراق الضغط والتأثير المعنوي و”الأخلاقي”، وطلعت شمس هذا الثلاثاء على عالم يتابع كيانا متوحشا يغير على المدنيين ويسيطر على المعبر البري الوحيد الذي يغذي القطاع ويتوعّد بالويل والثبور في وقت تلوّح فيه المقاومة المنتصرة منذ السابع من أكتوبر الماضي، براية السلام.
سلام الشجعان كما نحت الزعيم الراحل ياسر عرفات في سياق آخر.
غزة انتصرت لأن الولايات المتحدة الأمريكية اضطربت واهتزت تحت أقدام شباب الجامعات الذي انتصر لغضبه ولإنسانيته، وزعزع أركان الدولة العميقة التي فتحت خزائن المال والسلاح أمام نتانياهو وجيشه المجرم كي يبيد أهل القطاع المحاصر.
غزة انتصرت لأنها أحيت القضية الفلسطينية في الشارع والوجدان الدوليين، وكشفت الوجه القبيح لدول الغرب المنافق، ووضعت تجار القضية المشتركين في أخوة الدم والعرق والدين أمام وجوههم القبيحة في مرآة التاريخ.