منتخب الفوتصال!
كشف هشام الدݣيݣ مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة عن لائحة لاعبيه الذين سيخوضون نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي سيحتضنها المغرب خلال شهر أبريل الجاري، وتم تسطير برنامج استعدادي مكثف سيتخلله مبارتان وديتيان قبل الإنطلاق الرسمي للمنافسات.
منذ سنوات صار عاديا ألا يناقش أحد لائحة منتخب الفوتصال ولا كيف يدير هشام الدݣيݣ هذا المنتخب، ولا أحد من “الخبراء” والناقدين الرياضيين يأتي ب”فهامته” بخصوص الجانب التقني والتكتيكي أو اختيارات اللاعبين، ببساطة لأن الأهم يتحقق، والذي هو النتائج الإيجابية التي دائما ما تنهي أي انتقاد أو لوم، ولن يكون ذلك منطقيا، ومنتخبنا لكرة القدم داخل القاعة أصبح قوة ضاربة في إفريقيا لا منازع له فيها، بل وحتى أصبح يطيح بمنتخبات عالمية تراكم عقودا من التفوق في هذا النوع من الرياضة.
في أحد الندوات الصحفية بالمركز الوطني محمد السادس بالمعمورة، خاطب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع المدير التقني الوطني البلجيكي كريس فان بويفيل بكلام واضح مفاده أنه في إطار هيكلة المنتخبات الوطنية لدينا نموذج مغربي خالص في هذا الباب يجب على الجميع أن يقتدي به، وكان يقصد العمل الكبير الذي أنجزه هشام الدݣيݣ لجعل منتخب كرة القدم داخل القاعة في ريادة المنتخبات الإفريقية والعربية، ومنافسا لقوى عالمية.
كانت مناسبة للبحث عن الكيفية التي حقق بها القنيطري العملي الخلوق كل هذا الإعجاز والإبهار مع منتخب الفوتصال، حتى أصبح نموذجا مغربيا ناجحا لباقي المنتخبات الوطنية حسب رئيس الجامعة ورئيس لجنتها.
“الموديل” الناجح الذي أصبح يشكله منتخب الفوتصال، انطلق به هشام الدݣيݣ من قاعدة أساسية، وهي أن منتخبا وطنيا ببساطة يجب أن يكون نتاج الممارسة الكروية الداخلية، فهو المرآة والمقياس الحقيقي الذي نقيس به تطور اللعبة داخل أي بلد ما.. المعطى الذي آمن به هشام وأولى اهتمامه لكفاءاتنا ومواهبنا العديدة داخل الوطن، وكان يؤمن أننا شعب جلنا لعب كرة القدم المصغرة بشكل من الأشكال داخل الحي أو المدرسة أو في أي مكان ولو كان بضعة أمتار مربعة.
بقليل من الإمكانيات في البداية، وبكثير من الصبر في مواجهة “الحݣرة” والتعليقات الخبيثة، والعمل المتواصل مع ممارسي الفوتصال وأنديتهم في كامل أنحاء المغرب، استطاع هشام الدݣيݣ أن يزرع البذرة الطيبة التي انتجت في النهاية كل هذه الألقاب والكؤوس القارية والدولية، وحققت استمرارية التواجد مع أبرز البلدان الرائدة عالميا في هذا النوع من كرة القدم، وأصبح الطموح الآن كبيرا في المراهنة بكل ثقة على لقب المونديال.
كان بإمكان هشام الدݣيݣ عندما بدأت الجامعة الملكية المغربية في فتح صنابير الأموال والإمكانيات على كرة القدم الوطنية، أن يلجأ إلى الخيار السهل من أجل تشكيل منتخب الفوتصال، كما السياسة الكسولة المعلومة التي تنهجها باقي المنتخبات الوطنية، وهو التوجه إلى أوروبا والبحث عن اللاعبين “الواجدين” من أصول مغربية والمتألقين في البطولات والأندية المعروفة، وتفادي وجع الرأس الآتي من هيكلة الأندية الوطنية والتكوين وتشكيل الفئات الصغرى وتنظيم المنتخبات الوطنية بشكل احترافي.
لكنه توجه إلى الخيار الكروي الأصعب و المنطقي الذي تسير به كل بلدان العالم، ألا وهو العمل على استغلال المواهب الممارسة داخل الوطن وتطوير مستواها التقني والبدني وتأهيلها إلى المنافسة في أعلى المستويات، هذا مع إبقاء باب الفريق الوطني مفتوحا أمام أبناء مغاربة العالم لاختيار بعض البارزين منهم الذين يتوفرون على مستوى أعلى من الذين تنتجهم الأندية الوطنية.
اتخاذ منتخب كرة القدم داخل القاعة كنموذج وطني، يجب أن يتبعه تطبيق ذلك بكل الخطوات العلمية المدروسة، وأولها فلسفة تطوير المنتوج الداخلي وتأهيله لكي يصبح قادرا على المنافسة عالميا، وإنهاء هذا السعي العبثي الكلي نحو مواهب أوروبا وكأن البلاد ليس فيها كل هذا الشغف وكل هذه الآلاف من “الكوايرية” المنتشرين في المدن والأحياء والقرى وفي أي مكان وليت وجهك إليه داخل الوطن.