مربو الماشية يشتكون تأخر الدعم الحكومي ويحذرون من “أزمة” مرتقبة

يعيش مربو الماشية في المغرب حالة من الترقب، وهم ينتظرون الدعم الحكومي الذي تعهدت به الحكومة، بعد قرار منع ذبح أضاحي العيد، الذي تسبب لهم في أضرار مادية، مطالبين بمواكبتهم لتجاوز تداعيات هذا القرار، الذي فاقم معاناة آلاف المهنيين الذين يعوّلون على مناسبة عيد الأضحى من كل سنة كمصدر دخل رئيسي، وهو ما لم يحدث هذه السنة بعد القرار الملكي الذي دعا إلى عدم أداء شريعة ذبح الأضاحي هذا العام، بسبب تراجع حجم القطيع الموجه للذبح.
وفي السياق، قال عثمان.م أحد مربي الماشية، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إن “الآثار الإيجابية التي يُفترض أن تظهر في هذا الظرف الحرج غير موجودة، فلا مؤشرات واضحة لدعم مرتقب، ولا معطيات رسمية، ولا حتى مواكبة ميدانية من الجهات المعنية”، مؤكدا أن “الوزارة أو الحكومة لم تقم لحد الآن بأي مجهود ملموس يطمئن المهنيين أو يخفف من وقع أزمتهم”.
وأضاف المتحدث أن “المجهود الوحيد المبذول حتى الآن هو ما تحمّله المزارع البسيط من خسائر، (…) في وقت أصبح الجزار أكثر من المستفيدين من هذا الوضع”، مبرزاً أن “الدعم غائب تماماً، سواء تعلق الأمر بالأعلاف، أو دعم إناث الخراف”.
ديون متراكمة
وأوضح المصدر أن “تدخل الحكومة، غائب في الوقت الراهن، والقروض تراكمت على المزارعين لاقتناء الأعلاف”، مشيرا إلى أن “الأزمة مرشحة للتفاقم، مع ازدياد عدد الدعاوى القضائية، بسبب عجز الكثير من المربين عن تسديد الديون المتراكمة”.
ودعا مربي الماشية الدولة إلى “التحرك العاجل، من خلال إطلاق مبادرة واضحة، على الأقل في شكل قروض مجانية”، مشدداً على أن “الواقع اليوم مختلف، فالمزارعون لم يلجؤوا إلى المؤسسات البنكية، بل اقترضوا من بعضهم البعض، مما يضاعف من حدة الضغوط الاجتماعية عليهم”.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن “العديد من المزارعين أصبحوا عاجزين حتى عن تسديد ديونهم لبائعي الأعلاف، إذ يتحدث البعض عن مديونيات تتراوح ما بين 4 و8 ملايين سنتيم”، لافتا إلى أن “هؤلاء المربين البسطاء لا يملكون اليوم حتى السيولة لتسديد نصف ما عليهم، ناهيك عن توفير رأس مال جديد”.
وختم المتحدث تصريحه بالقول: “نحن لا نتحدث عن أصحاب مشاريع كبرى أو مستثمرين، بل مزارعين بسطاء رهنوا كل ما يملكون من أجل تربية الخراف، على أمل بيعها في عيد الأضحى، وهو مصدر دخلهم الوحيد، وعندما ألغي ذبح الأضاحي، وجدوا أنفسهم أمام واقع مرير، ويتوجب التدخل لإنقاذهم”.
برنامج حكومي
وبالمقابل أفاد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بأن الحكومة “تعتزم إطلاق برنامج موجه لدعم مربي الماشية وتحسين أوضاعهم وإعادة تشكيل القطيع الوطني بشكل مستدام”، وذلك خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين الثلاثاء 10 يونيو 2025.
وأبرز البواري أن هذا البرنامج، الذي ينضاف إلى الإجراءات الحكومية المتخذة في هذا الإطار، “يروم تثمين الأثر الإيجابي الذي خلفته التساقطات المطرية الأخيرة، بتوفير ظروف مواتية لإعادة تشكيل القطيع الوطني”.
خمسة محاور
وسجل أن هذا البرنامج الجديد يرتكز على خمسة محاور أساسية، “يتعلق الأول بإعادة جدولة ديون مربي الماشية، عبر التخفيف من تراكم الديون على حوالي 50 ألف مربي بكلفة تصل إلى 700 مليون درهم ستتحملها ميزانية الدولة، حيث سيتم إلغاء 50 في المائة من الديون (رأس المال والفوائد التي تقل قيمتها عن 100.000 درهم)، ويمثل صغار الكسابين 75 في المائة من مجموع المستفيدين، وكذا إلغاء 25 في المائة من الديون (رأس المال والفوائد) التي تتراوح قيمتها بين 100.000 و200.000 درهم، وتمثل هذه الفئة 11 في المائة من مجموع المستفيدين، علاوة على إعادة جدولة ديون الفلاحين، والإعفاء من الفوائد المترتبة عن تأخير الأداء بالنسبة للقروض التي تتجاوز قيمتها 200.000 درهم”.
وأضاف الوزير أن المحور الثاني يهم دعم الأعلاف، “وذلك عبر دعم ثمن بيع الشعير في حدود 7 ملايين قنطار، ليصبح ثمن بيع الكيلوغرام الواحد 1,5 درهم، إضافة إلى دعم ثمن بيع الأعلاف المركبة الموجهة للأغنام والماعز في حدود 7 ملايين قنطار بصمن بيع لايتجاوز درهمين (2) للكيلوغرام”، مشيرا إلى أنه “سيخصص لتنزيل هذا الإجراء ما يناهز 2,5 مليار درهم”.
أما المحور الثالث، فيتعلق ب “إطلاق عملية ترقيم إناث الماشية، وذلك لتتبع ومواكبة أجرأة منع ذبح الإناث للحفاظ على القطيع الوطني”، لافتا إلى أنه “سيتم بحلول نفس التاريخ تقديم دعم مباشر للمربين بقيمة 400 درهم، عن كل رأس من الإناث التي تم ترقيمها ولم يتم ذبحها”، وذلك لتعويضهم عن تكلفة الاستمرار في الحفاظ على القطيع.
ويهم المحور الرابع “إطلاق حملة علاجية وقائية لحماية 17 مليون رأس من الأغنام والماعز خلال هذه السنة من الأمراض المترتبة عن تداعيات الجفاف، بكلفة مالية تصل إلى 150 مليون درهم”.
بينما يروم الخامس، “تنظيم عملية تأطير تقني لمربي الماشية، وذلك لتحسين السلالات عبر خلق منصات للتلقيح الاصطناعي والمواكبة التقنية للرفع من الإنتاجية، بكلفة مالية تصل إلى 50 مليون درهم”.
وخلص المسؤول الحكومي إلى أن كلفة تدابير هذه الإجراءات ستبلغ، بحلول نهاية سنة 2025، “ما يناهز 3 ملايير درهم، علاوة على تخصيص 3,2 مليار درهم سنة 2026، ككلفة للدعم المباشر الذي سيقدم للمربين الذين انخرطوا بنجاح في الحفاظ على إناث الماشية لضمان استدامة القطيع الوطني”.