مدرب المنتخب المغربي للإناث مهدد بالسجن في قضية “القبلة” الإسبانية

ص
ص
سيكون الإسباني خورخي بيلدا مدرب المنتخب الوطني المغربي للإناث لكرة القدم، الإثنين 3 فبراير 2025 أمام هيئة القضاء بالمحكمة الوطنية بمدريد، بعد أن وجه له المدعي العام تهمة الضغط على لاعبة المنتخب الإسباني جينيفير إيرموسو من أجل التنازل عن شكواها ضد الرئيس السابق للجامعة الإسبانية لكرة القدم لويس روبياليس في قضية “القبلة” التي أعقبت تتويج منتخب لاروخا للسيدات بكأس العالم بأستراليا ونيوزيلندا سنة 2023.
وكان المدعي العام الإسباني قد وجه نفس التهمة للمدير الرياضي لمنتخب الذكور، ألبرت لوكي، بالإضافة إلى مسؤول التسويق السابق في الجامعة الإسبانية، روبن ريفيرا، وطالب بسنة ونصف حبسا نافذا في حق الثلاثة.
بداية المحاكمة
ويبدأ القضاء الإسباني الإثنين، النظر في القضية المرفوعة ضد رئيس الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم السابق، لويس روبياليس، بتهمة “ارتكاب جرائم ضد الحرية الجنسية” وتهديد لاعبة كرة القدم جينيفير إيرموسو بسبب القبلة التي حدثت خلال كأس العالم 2023، وهي القضية التي ألقت بظلالها على فوز المنتخب الإسباني للإناث بكأس العالم، وكانت لها تداعيات كبيرة في إسبانيا وامتدت إلى المؤسسات الكروية بباقي البلدان الأوربية.
وستشهد قاعة المحكمة الوطنية في سان فرناندو دي هيناريس بالعاصمة الإسبانية مدريد، مرور المتهمين والشهود، لكن أول من سيقدم شهادته ستكون جينيفير هيرموسو، التي يتعين عليها تأكيد روايتها للأحداث مرة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، ستدلي كل من آنا ألفاريز، مديرة كرة القدم النسائية وقت وقوع الأحداث، وباتريشيا بيريز، رئيسة قسم الإعلام في المنتخب النسائي آنذاك، وسوسانا رودريغيز تور، كشاهدات في القضية.
فيما سيأتي دور روبياليس المتهم الرئيسي حتى يوم الأربعاء 12 فبراير، وبعده المتهمون بالضغط على اللاعبة الإسبانية، وهم خورخي بيلدا مدرب المنتخب الإسباني آنذاك، والمدير الرياضي السابق لمنتخب الذكور، ألبرت لوكي، بالإضافة إلى مسؤول التسويق السابق في الجامعة الإسبانية روبن ريفيرا.
انفجار قضية “القبلة”.
كانت قضية “القبلة” قد بدأت في 20 غشت 2023، عندما فاز المنتخب الإسباني للإناث على إنجلترا في المباراة النهائية لمونديال السيدات الذي احتضنته إستراليا ونيوزيلندا، حيث خلال حفل التتويج، وأمام كاميرات التلفزيون وأنظار المشاهدين، سارت اللاعبات لتسلم الميداليات من الشخصيات الحاضرة.
وعندما جاء دور اللاعبة الإسبانية جينيفير إيرموسو، قام رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم آنذاك لويس روبياليس باحتضانها، ثم أمسك رأسها بكلتا يديه. وبطريقة “مفاجئة وغير متوقعة”، كما تصفها النيابة العامة، قام بتقبيلها على شفتيها.
ووفقًا لرواية روبياليس، كان الأمر “عفويًا” و”بدون أي نية جنسية”، نتيجةً للفرح بالفوز بكأس العالم. وفي إفادة أمام المحكمة الوطنية، أكد الرئيس السابق أن اللاعبة غادرت “وهي تضحك” و”صفعته مرتين”. وقال: “فزنا بكأس العالم، وهناك مظاهر عاطفية. هذا ليس كما لو أن شخصًا ما أخذ آخر إلى مكتب وأجبره على تقبيله. لا، كان شيئًا طبيعيًا”.
لكن خلافًا لرواية روبياليس، تؤكد اللاعبة أنه لم يكن هناك موافقة وأنها لم تشعر بالاحترام. وقالت في عام 2023 أمام النيابة العامة: “في شخص تثق به، لا أعتقد أن أحدًا يتوقع أن يستغل تلك اللحظة لفعل شيء كهذا، مهما كان عفويًا”. وأضافت أنها أخبرت زميلتيها بوتيلاس وبارييدز بما حدث بمجرد نزولها من منصة التتويج.
روبياليس يعترف بالخطأ
على الرغم من أن اللاعبة لم ترغب في البداية الحديث عن الموضوع، إلا أنه مع مرور الساعات، تحولت “فرحة الفوز إلى شعور بعدم الارتياح”. وقالت إيرموسو: “لم أستطع البكاء في زاوية حتى يسألوني ماذا حدث معي”. لذلك، لم تذكر الموضوع إلا لاحقًا خلال بث مباشر على إنستغرام عندما سُئلت عنه. وقالت: “لم يعجبني الأمر ولكن ماذا أفعل؟!”
لكن بينما استمر الاحتفال بالفوز، بدأت وسائل التواصل الاجتماعي في الحديث عن القبلة، وبدأت التعبيرات الغاضبة من سلوك روبياليس تأتي من كل المسؤولين الإسبان في قطاعي الرياضة إلى السياسة، بما في ذلك الرئيس بيدرو سانشيز ووزير الثقافة والرياضة السابق ميكيل إيسيتا، اللذين أظهرا دعمهما العلني لجيني إيرموسو ووصفا فعل روبياليس بأنه “غير مقبول”.
استقالة روبياليس
رغم تعبيره في العديد من المناسبات بعد تفجر القضية، عن عدم نيته في الإستقالة من مناصبه الكروية، إلا أنه اضطر لذلك بعد اشتداد حدة الحملة عليه من جهات رسمية وشعبية في إسبانيا، وإصدار الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” قرار التوقيف في حقه، حيث تخلى عن منصبه كرئيس للاتحاد الإسباني لكرة القدم، وقال في بيان، إنه تقدم باستقالته للقائم بأعمال رئيس الاتحاد بيدرو روتشا.
وفي مداخلة مع برنامج تليفزيوني، قال روبياليس: “لا أستطيع الاستمرار في عملي”.كما استقال من منصبه كنائب لرئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، يويفا.
النيابة العامة تتدخل
وتفاعلا مع الضجة وقتها، وبعدما انتشرت مزاعم أن جينيفير إيرموسو تتعرض لضغوط لإجبارها على إصدار بيان تؤكد فيه أن القبلة كانت بموافقتها، دخلت النيابة العامة على الخط لفتح تحقيق في الأمر، وتوصلت إلى أن روبياليس وخورخي بيلدا وألبير لوكي وروبن ريفيرا اتصلوا بإيرموسو أكثر من مرة بعد تفجر القضية وطالبوها بتسجيل بيان مشترك لوقف الجدل حول القبلة و”التقليل من أهمية الأمر”، حتى أن الرئيس قال لها: “من أجل ابنتيَّ اللتين تبكيان”.
لكن اللاعبة لم تستسلم، واتصل مساعدوه بأقاربها وحذروهم من أن رفضها تسجيل البيان سيكون له “عواقب سلبية” على مستقبلها الشخصي والمهني.
كما ظهرت رسائل أرسلها المدير الرياضي للمنتخبات الإسبانية لوكي إلى صديقة لجيني إيرموسو يعبر فيها عن غضبه من إصرارها على عدم تقبل سلوك روبياليس، مشيرًا إلى أن اللاعبة تبقى لديها عامين فقط من مسيرتها الكروية، وأنه لو كانت تنازلت عن القضية قد يتمكن من تأمين وظيفة لها في الجامعة الإسبانية لكرة القدم، لكنه قال أيضًا إنها “لا تستحق شيئًا بسبب انحطاطها الأخلاقي”.
وستستمر محاكمة رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم السابق لويس روبياليس طيلة 11 يوما المقبلة ابتداء من يومه الإثنين، بتهم التهديد و”ارتكاب جريمة ضد الحرية الجنسية”، ويطالب المدعي العام في المحكمة الوطنية في مدريد بسجنه سنتين ونصف.