story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

مختفون في المعمورة !

ص ص

كانوا كلهم هناك في تلك القاعة التي احتضنت توقيع الإتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والمكتب الشريف للفوسفاط، والمتعلقة بتأسيس شركة مجهولة الإسم ستشرف على مشروع التكوين داخل مراكز الأندية الوطنية.

كل الوجوه الإدارية والتقنية للجامعة وأعضاء المكتب المديري وبعض المدعوين، شهدوا على المحطة المهمة في مسار تأهيل كرة القدم الوطنية، باستثناء الشخص الذي يبدو نظريا هو المهم في هذا “الفيلم” والذي ليس سوى المدير التقني الوطني، غاب بدون أن يكلف أحد نفسه طرح السؤال التالي: كيف لأضخم مشروع تكوين للاعبي كرة القدم في تاريخ المغرب أن يتم في غياب المسؤول التقني الأول للجامعة ؟!

منصب المدير التقني الوطني للجامعة، يحتله اليوم البلجيكي كريس فان بيفيلد الذي كان يوم تقديمه في ندوة صحفية من طرف فوزي لقجع، قد سمعنا الكثير من الكلام الغليظ والعريض المحشو بالمشاريع والأفكار والإستراتيجيات التقنية لتطوير كرة القدم المحلية، لدرجة أن المدير المعين قال بعظمة لسانه .. سأجعل من المغرب واحدا من أفضل المدارس الكروية !!

البلجيكي يومها ربما لم يكن يعرف “علاش داخل”، ولم يكن يدري أنه بصدد أخذ منصب شبه شكلي “خيّم” فيه مدراء كثيرون قبله دون أن يتركوا من ورائهم أي أثر أو محاولة لتنزيل مشروع ما، المنصب الذي عُيّنت فيه أطر كروية عالية التكوين، وجاءت إليه وجوه تراكم معها تجارب ناجحة في بلدان مختلفة، لكنها في المغرب اختفت بين أشجار غابة المعمورة طوال مدة تعاقدها، وملأت حساباتها البنكية برواتب سمينة، وانصرفت إلى تجارب أخرى دون أن تقوم بشيء.

قد يبدو للبعض أن هذا الكلام هو مجرد انتقاد فارغ، ونظرة إلى النصف الفارغ من الكأس، وقد يعتبرها آخرون بحثا عن ما معناه في النكتة المغربية “مالك مزغب”، ولكن كل هذا لن يصمد أمام الحقيقة العارية التي يتفادى الجميع الإشارة إليها في ظل الإنجازات التي تحققها منتخباتنا الوطنية في المشاركات القارية والعالمية، وهي أن مشروع تأهيل كرة القدم الوطنية الذي نقوم به في تغييب متعمد للإدارة التقنية الوطنية، هو نوع من “التخربيق” الهيكلي الذي لا يوجد في أي بلاد متطورة كرويا ورياضيا.

في جميع هذه البلدان تجد الإدارة التقنية الوطنية لكرة القدم هي عصَب أي نهضة كروية وأي مشروع استراتيجي قصير أو بعيد المدى، وهي التي تضع الخطوط العريضة لسياسة تكوين الفئات الصغرى وهي التي تحدد الهوية الكروية الموحدة التي سينشأ عليها الأطفال داخل مختلف المراكز والأكاديميات، وهي التي تشرف على تكوين المدربين والأطر التقنية بمختلف التخصصات والدرجات، وهي التي تدير شؤون المنتخبات الوطنية من فئة الصغار إلى المنتخب الأول وتعين مدربيها والمشرفين عليهم بناءً على معايير تقنية دقيقة ووفق عقد أهداف محددة.

في كل التجارب الكروية العالمية الناجحة، لن تجد وضعا سرياليا مثل الذي عندنا في المغرب، أي وضعٌ يجعل للمنتخبات الوطنية لجنة يترأسها رئيس الجامعة شخصيا، وهو الذي يعين مدربيها والمشرفين عليهم، ويقيلهم ويحاسبهم على النتائج، ويجعل لمشروع تكوين عملاق مثل الذي تم توقيعه مؤخرا، مسؤول غير المدير التقني الوطني الذي لم نعد نعرف الآن هل هو مستمر في منصبه “الشكلي” أو أنه قد غادره خلسة مثلما فعل سابقوه.

الأمر يحتاج إلى واحد من قرارين يجب اتخاذ أحدهما بوضوح وبدون تأخير.. فإما أن تعطى للإدارة التقنية الوطنية صلاحياتها الكاملة في التخصصات التي ذكرنا مثلما هو طبيعي عند الأمم الكروية المتطورة، وإما أن يتم إلغاؤها بشكل نهائي ونترك طريقتنا المغربية المبتكرة في تدبير مشروع التأهيل الكروي تواصل مسارها، ونوفر كل هذه الميزانية التي تذهب في رواتب مدراء تقنيين “أشباح” لا يعرف أحد الجدوى من تعيينهم.