story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

القاضي المغربي محمد بنونة لن يشارك في محاكمة إسرائيل بلاهاي

ص ص

شدت المحاكمة التي تعرضت لها دولة الاحتلال الإسرائيلي بمحكمة العدل الدولية الأسبوعين الماضيين أنظار العالم، وبجانب ذلك، أثار قضاة هذه المحكمة فضول المتتبعين، خاصة على المستوى العربي، كون المحكمة تضم في عضويتها ثلاثة قضاة عرب، من ضمنهم القاضي المغربي، محمد بنونة، الذي ستنتهي رحلته في أعلى هيئة قضائية أممية في شهر فبراير القادم بعد 18 سنة من العمل بها.

ويلزم النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، أنه بمجرد انتهاء ولاية القاضي في المحكمة، فإنه لم تعد له السلطة القضائية على الملفات الجارية، أو الحق في المشاركة في اتخاذ بعض القرارات، لذا سيسجل بنونة غيابه الكلي في باقي جلسات محاكمة إسرائيل المقبلة.

وبالرغم من أن الهيكل القضائي لمحكمة “لاهاي” يجتمع بانتظام في جلسات لتبادل الآراء، حول الأمور القانونية والقضائية، فهذا لا يعني أن القضاة المنتهية ولايتهم يحتفظون بسلطتهم على القضايا الرائجة بالمحكمة.

ذلك أنه، بمجرد انتهاء ولاية القاضي يتم استبداله بقاضي جديد ينتخب من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بحيث يتم اختياره من قائمة الأشخاص الذين يتم ترشيحهم من طرف المجموعات الوطنية لدولهم.

مسار حافل

ارتبط اسم القاضي المغربي محمد بنونة بالعديد من القضايا الدولية والمناصب الكبيرة، كان آخرها محاكمة إسرائيل التي تتابع فيها هذ الأخيرة بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في حق سكان قطاع غزة المحاصر، والتي صوت القاضي المغربي في آخر جلساتها على كل التدابير التي طالبت بها دولة جنوب أفريقيا لتخفيف من وطأة الحرب وإيقاف نزيف دم الفلسطينيين.

ولد محمد بنونة في 29 أبريل عام 1943 بمدينة مراكش، هو خريج أكاديمية لاهاي للقانون الدولي سنة 1970. وحصل القاضي بنونة على دكتوراه في القانون الدولي وفي العلوم السياسية من جامعة نانسي وجامعة باريس، واشتغل أستاذا وعميدا لكلية الحقوق في جامعة محمد الخامس بالرباط.

نال عضوية محكمة العدل الدولية منذ فبراير سنة 2006، وأعيد انتخابه في فبراير عام 2015. فضلا عن ذلك شغل بنونة منصب السفير والممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة من 2001-2006.

إضافة إلى ذلك، تولى بنونة عدة مهام من بينها، قاض في المحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا سابقا في لاهاي من 1998 إلى 2001، وقاض بمحكمة العدل الدولية في ملف النزاع الحدودي بين بنين والنيجر خلال الفترة ما بين 2002 و2005.

وكان عضوا في الوفد المغربي بمؤتمر الأمم المتحدة لقانون البحار من 1974 إلى 1982. وكذلك، رئيس اللجنة السادسة بالجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الدورة 59 للجمعية، ورئيس للجنة الأمم المتحدة للتعويضات في جنيف، ثم مستشار قانوني للوفد المغربي بالعديد من دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبجانب ذلك شغل القاضي المغربي كذلك، عضو اللجنة الدولية لأخلاقيات المعرفة العلمية والتكنولوجيا التي أسستها اليونسكو (1992 ـ 1998)، ثم عضو اللجنة الدولية حول الديمقراطية والتنمية التي أسستها اليونسكو (1997 ـ 2002).

شغل القاضي المغربي منصب رئيس لجنة الأمم المتحدة للتعويضات في جنيف في الفترة الممتدة 1992 و1995، وكان عضوا في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بين 1986 و 1998، ثم مقررا خاصا للجنة القانون الدولي بشأن مسألة الحماية الدبلوماسية بين عامي 1997 و1998، وغيرها من المناصب النخبوية.

مراحل الانتقاء

تدفعنا نهاية ولاية القاضي بنونة، بمحكمة العدل الدولية، إلى الخوض في الشروط التي تفرضها “لاهاي” في انتقاء قضاتها، بشكل مبدئي، حيث يوجه الأمين العام للأمم المتحدة قبل 3 أشهر على الأقل من تاريخ الانتخابات طلبا كتابيا إلى أعضاء محكمة التحكيم دائمي الإنتماء إلى الدول التي وقعت على نظامها الأساسي، بحيث أن كل دولة عضو لديها الحق في تقديم مرشح واحد.

وتجرى انتخابات كل 3 سنوات على ثلث المقاعد، إذ تنتهي ولاية 5 قضاة خلال الأعوام الثلاثة الأولى من الولاية، و5 آخرين في نهاية السنوات الست من الولاية، مع إمكانية إعادة انتخابهم، وكل قاض ينتمي إلزاما إلى بلد مختلف، وهم لا يمثلون بالضرورة بلدانهم بل إنهم قضاة مستقلون، يؤدون القسم قبل بدء مهامهم.

ولضمان تمثيل متوازن من جميع أنحاء العالم، تحرص محكمة العدل الدولية على أن يتم تنظيم انتخابات القضاة في عملية تتم في تفاهم وتوافق بين الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.

وفي هذا الإطار، يقول أستاذ القانون الدولي بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء رشيد باجي، “تتشكل محكمة العدل الدولية من 15 قاضيا يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي بالأغلبية المطلقة وبشكل مستقل بين الجهازين”، مضيفا أنه “يتم تجديد ثلث القضاة عن طريق نظام “القرعة” (خمسة قضاة) مع انقضاء كل ثلاث سنوات بنفس الطريقة، و يحق للقضاة الذين تم إعفاؤهم الترشح من جديد، مع ضرورة أن لا يكون من ضمن القصاةن قاضيين يمحلان نفس الجنسية”.

وأضاف باجي أنه “بالإضافة إلى أن النظام الأساسي يشترط على القضاة توفر معياري الكفاءة العلمية والأخلاق الرفيعة، فقد جرت العادة أن تضم “لاهاي” فقهاء في القانون الدولي أو قضاة دوليين أو دبلوماسيين في منظمات دولية، ذووا مؤهلات أكاديمية في مجال القانون الدولي العام بكل فروعه”.

كيف تعمل “لاهاي”؟

تهدف محكمة العدل الدولية إلى فض النزاعات الدولية، إذ تعمل على حل النزاعات بين الدول طبقا للقانون الدولي والعدالة الدولية، أملا منها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

فصلا عن ذلك تعمل المحكمة على إصدار توجيهات قانونية بشأن تفسير وتطبيق الاتفاقيات الدولية.

وتصدر بذلك قرارات قانونية ملزمة للدول الأعضاء يتوجب عليها الامتثال لها،

تعد القرارات الصادرة عن محكمة “لاهاي”، ملزمة قانونيا ولا يمكن الطعن فيها، ويتوجب على الدول الأعضاء الامتثال لها.

وفي هذا الصدد، سجل أستاذ القانون الدولي بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، أنه لا تقبل المحكمة النظر إلا في الدعاوى التي تتقدم بها الدول، مبرزا أنه “قد يتساءل البعض عن المصادر التي تعتمد عليها محكمة العدل الدولية بغية البت في القضايا المعروضة عليها، هنا، المادة 38 من نظامها الأساسي وضعت حدا لأي جدال يمكنه أن يحصل”.

 تطبق المحكمة، التي تتمثل مهمتها في الفصل وفقًا للقانون الدولي، في النزاعات المعروضة عليها

المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية

وأضاف الخبير القانوني أن “هذه المادة، رتبت مصادرها، ووضعت المعاهدات والاتفاقيات الدولية في الفقرة (أ) وتلاها العرف الدولي في الفقرة (ب)، ثم المبادئ العامة في الفقرة (ج)، خاتمة في الفقرتين 4 و5 لائحة المصادر المتعلقة بالاجتهاد القضائي وآراء أمهر فقهاء القانون الدولي ومبادئ العدل والإنصاف”.