story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

محمد الأمين بوخبزة.. “الرجل الحكيم” الذي جمع بين الدعوة والسياسة

ص ص

رحل عن الحياة اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 محمد الأمين بوخبزة، أحد أبرز قيادات ومؤسسي الحركة الإسلامية بالمغرب، وذلك عن عمر يناهز الـ68 سنة، بعد معاناة طويلة مع مرض القلب، تاركا خلفه رصيدا وازنا في التطوع وصيتا واسعا في السياسة.

وبرحيل محمد الأمين بوخبزة تفقد الحركة الإسلامية في المغرب أحد أعلامها الذين بصموا على تاريخ من الدعوة، والتدريس الجامعي، والعمل السياسي في صفوف حزب “المصباح”، الذي كان من قياديّيه، ومن أوائل من دخلوا قبة البرلمان تحت مظلته.

سليل بيت علم ودعوة

ونشأ الراحل في أسرة تطوانية معروفة بالعلم والدعوة، وهو أخ الشيخ الراحل محمد بن الأمين بوخبزة أبو أويس، أحد أبرز علماء المغرب والعالم الإسلامي في العلوم الشرعية، والذي تخرج على يديه مئات من طلاب العلم الشرعي من مختلف دول العالم.

طلب الراحل العلم في أرض الأزهر إذ هو من خريجيه، وحينما عاد إلى المغرب اشتغل بوخبزة أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، وخطيب جمعة بمدينة تطوان، إلى جانب كونه من بين مؤسسي مؤسسة الشاطبي للتعليم العتيق بتطوان.

“الحكيم” عند التفاوض

ويعتبر الأمين بوخبزة أحد أبرز مؤسسي ورموز الحركة الإسلامية بالمغرب، منذ عهد “الشبيبة الإسلامية”مرورا بحركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية.

واستطاع الراحل الجمع الفريد بين الدعوة والعمل السياسي، إذ ولج عالم السياسة من بوابة حزب العدالة والتنمية الذي كان بفضله من أوائل القيادات الإسلامية الذين ولجوا قبة البرلمان. وكان بذلك الأمين بوخبزة من بين تسعة برلمانيين آخرين ينتمون أيضا إلى حزب “المصباح” وفازوا في انتخابات سنة 1997، وبقي الراحل يشغل منصب نائب برلماني عن ذات الحزب لمدة ثلاث ولايات متتالية.

ويرى العديد من محبي الشيخ الراحل، في الأمين بوخبزة الرجل الورع الحكيم إلى درجة أنهم يصفونه بـ“حكيم القيادات التاريخية” للحركة الإسلامية بالمغرب.

هذا الوصف اكتسبه الراحل بعدما كان قد قاد مفاوضات توصف بالحاسمة في تاريخ “الشبيبة الإسلامية”، حينما احتدم الخلاف بين فريقي التنظيم، بين جناح الدار البيضاء الذي كان يتبنى موقف القطع الفوري مع مطيع، وبين جناح الرباط الذي كان يختار التمسك بقيادته.

في خضم هذا التمزق كان الحكم بين الفريقين هو الأمين بوخبزة الذي اختاره الجميع لحكمته وهدوئه وصدقه وأمانته، وانتدبه الفرقاء للسفر إلى إسبانيا لملاقاة مطيع والاستماع المباشر لوجهة نظره، وتبليغه قرار القيادة الجماعية الداخلية، والحوار معه حول مصير الحركة.

وبعد عودته من هذا الحوار التفاوضي، كان قرار الأمين بوخبزة هو القرار التحكيمي الفيصل في الحسم النهائي بالقطيعة التاريخية مع مطيع، وكان قراره هو المحصن للتنظيم من التمزق، وكان هو اللبنة الأولى في بناء الجماعة الإسلامية التي ستصبح حركة الإصلاح والتجديد بعد اعتقال بعض قيادييها ومحاكمتهم سنة 1984، ثم ستتحول إلى حركة التوحيد والإصلاح لتصب في تشييد حزب العدالة والتنمية.

نهاية المسار السياسي

وأنهت الخلافات السياسة داخل صفوف القيادات بالحزب، مسار الراحل محمد الأمين بوخبزة، في العمل السياسي، بعد أن بصم على تاريخ حافل لا ينساه المنتمون إلى الحركات الإسلامية بالمغرب.

وترك في سجله تجربة العمل البرلماني التي نجح فيها لأكثر من ولاية، حتى إنه نال أصواتا كثيرة جدا في مسقط رأسه بمدينة تطوان في ترشحه الأول.

وحينما طلق الراحل السياسة تفرغ للعمل التطوعي والخيري بالمدينة التي ينتمي إليها، وتحتفظ له ذاكرة المدينة بأياديه الممدودة على الدوام للفقراء والمعوزين وكل من يبحث عن المساعدة من طلبة ومرضى ومحتاجين.