story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

كارتي: ارتفاع سعر الدواء بالمغرب ينذر باستمرار عجز صناديق التأمين عن المرض

ص ص

يواجه الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) عجزا مالي للسنة الثالثة على التوالي، نتيجة التفاوت بين الاشتراكات والأداءات حيث بلغ الرقم 1.28 مليار درهم سنة 2023، بعد تسجيل عجز مالي سنتي 2021 و2022 ب 1.51 مليار درهم و878 مليون درهم على التوالي، في وقت تصاعدت فيه تحذيرات من استنفاذ الاحتياطيات الصندوق في أفق سنة 2027.

ومن بين أهم العوامل المفسرة للوضعية المالية “الحرجة” للصندوق، حسب توضيحات الصندوق هو “إثقال سلة العلاج، خاصة الأدوية المكلفة، في غياب دراسة طبية ومالية لها، وارتفاع سعر الأدوية والمستلزمات الطبية والتحاليل البيولوجية وعلاجات الأسنان وتأخر المصادقة على تسقيف التعويض عن بدائل الأسنان من السيراميك والمعدن إضافة لغياب آليات التحكم الطبي في نفقات العلاج واعتماد سقف للاشتراكات وعدم مراجعة نسبتها منذ سنة 2005”.

في هذا السياق، أوضح زكرياء كارتي الخبير الاقتصادي والمالي، أن الدواء يكلف ما بين 20 إلى 30 بالمائة من الاستحقاقات التأمين التي تؤديها صناديق التأمين عن المرض، حيث أن عدد الأدوية المستفيدة من التأمين يصل إلى 5 آلاف دواء من أصل 7 آلاف و500 درهم دواء متوفر في المغرب حاليا، مبرزا أن هذا الرقم يبقى مرتفعا خصوصا أن الرقم المستفيد من التأمين خلال سنة 2006 لم يتجاوز ألف دواء، وهو ما بات يشكل تهديدا لصناديق الـتأمين عن المرض.

وأضاف كارتي في شريط فيديو نشره على صفحته عبر موقع يوتيوب، أن ما عمق من هذا المشكل هو ارتفاع أثمنة الأدوية بالمغرب، مبرزا أن تحديد هذه الأخيرة يتم بطريقة لا تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطنين، حيث يحدد المرسوم رقم 2.13.852 في مادته الثالثة أسعار الأدوية بالمغرب وفق مقارنة معيارية مع 6 دول، هي فرنسا وبلجيكا وتركيا والسعودية وإسبانيا والبرتغال بالإضافة إلى البلد المنتج للدواء.

في هذا السياق، استغرب الخبير من عدم اعتماد هذه المقارنة المعايرية مع دول عربية وإفريقية تتوافق القدرة الشرائية لمواطنيها مع قدرة المواطنين المغاربة، واعتماد بدلا من ذلك مقارنة مع دول غربية وأروروبية أغنى بكثير من المغرب، مشددا على أنه حتى بالمقارنة مع الدول المعيارية الـ6 فإن ثمن الدواء بالمغرب يبقى أكبر بكثير.

وذكر الخبير بدراسة أنجزتها “كنوبس” حول 300 دواء بالمغرب، أشارت إلى أنه “لو كان سعر الدواء بالمغرب مشابه للسعر في دولة فرنسا، فإن الصندوق من الممكن أن يوفر ما يناهز 600 مليون درهم سنويا من التعويضات التي يؤديها عن شراء الأدوية.

وتطرق كارتي أيضا إلى العلاقة بين الدواء الأصلي والدواء الجنيس والتي تطرح العديد من المشاكل في السوق الوطنية، مشيرا في هذا السياق إلى أن صناعة الأدوية الجنيسة بالمغرب لا تزال “ضعيفة جدا”، حيث أن نسبة هذه النوع من إجمالي الأدوية في المغرب لا تتجاوز 45 بالمائة، “وهو رقم يبقى منخفض مقارنة ببعض الدول المتقدمة كبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمركية حيث تمثل نسبة الأدوية الهجينة ما يناهز 85 بالمائة من مجموع الأدوية المعتمدة”.

الدواء الأصلي هو الدواء الذي تم تطويره واختباره لأول مرة من قبل شركة أدوية، بينما الدواء الجنيس هو نسخة طبق الأصل تحتوي على نفس المادة الفعالة، تُصنع بعد انتهاء براءة اختراع الدواء الأصلي، وبسعر أقل.

وأبرز كارتي أن تأخر هذه الصناعة بالمغرب راجع بالأساس إلى جملة من العراقيل التنظيمية، من بينها تأخر “ترخيص التسويق” (AMM) الذي تسلمه وزارة الصحة لجهة معينة مما يمنحها الإذن بتسويق وتوزيع دواء معين في السوق، حيث قد تصل مدة تأخر هذه الرخصة بالنسبة للأدوية الجنيسة إلى عامين، مشددا على أنه “لا يوجد سبب لكل هذا التأخير”.

مشكل آخر، يزيد من مشكل ارتفاع اسعار الأدوية، يضيف المتحدث، يتعلق بأساليب التفاوض التي ينهجها المغرب مع المصنعين الأجانب، والتي لا تمنحه القدرة على الضغط للحصول على ثمن مناسب يمكن من خفض سعر بيعها النهائي للمواطنين، موضحا أيضا أن بعض الأدوية المستوردة يتم تسريع دخولها إلى السوق الوطنية دون اتفاق مسبق على الثمن، مما يمنح للمصنع إمكانية فرض الأثمنة التي تناسبه دون اعتماد المقارنة المعيارية مع 6 دول.

ذات المتحدث أشار أيضا إلى ضرورة اعتماد “بحق الاستبدال”، هذا التشريع الذي يخول للصيادلة استبدال دواء ب”دواء جنيس” بنفس المكونات و بنفس الجرعات، وذلك في حالة عدم توفر الدواء المنصوص عليه في الوصفة الطبية بالصيدليات ولدى موزعي الأدوية.

ويؤكد العديد من المهنين على أهمية هذا التشريع في مواجهة الانقطاعات المتكررة في بعض الأدوية خصوصا في ظل عمل العديد من الدول بهذا القانون بما فيها دول كتونس والجزائر ومصر.