story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

قبيل التصويت الأممي.. كيف يتخذ مجلس الأمن قراره بشأن الصحراء المغربية؟

ص ص

قبيل صدور القرار الجديد لمجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية، تتجه الأنظار إلى مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، حيث تُعقد يوم غد الخميس 30 أكتوبر 2025 جلسة تجمع أعضاء المجلس الخمسة عشر، كما قررته روسيا الاتحادية التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في إطار برنامجها الشهري لمناقشة أبرز القضايا الدولية العالقة، ما لم يطرأ أي تعديل على جدول الأعمال.

وبينما يترقب المتابعون ما سيسفر عنه التصويت، يطرح الكثيرون تساؤلات حول كيفية إدارة هذه الجلسة والمساطر المعتمدة داخل الأمم المتحدة قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالنزاع.

مراحل إعداد القرار الأممي

في الغالب، هناك مسطرة خاصة داخل منظمة الأمم المتحدة في مجموعة من القضايا التي تُحال فيها عملية تحرير المسودة الأولى للقرار إلى دولة من الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن، وفي قضية الصحراء المغربية، تُعد الولايات المتحدة الأمريكية “صاحبة القلم”، أي الدولة صاحبة الحق في إعداد وصياغة مشروع القرار المتعلق بالنزاع.

وتمتلك واشنطن في هذا الإطار سلطة اقتراح الجمل والمصطلحات التي تراها مناسبة لتقريب المواقف، لكنها تخضع في الوقت ذاته لمشاورات موسعة بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وليس فقط بين الدول الدائمة العضوية.

وبعد هذه المشاورات، يتم إعداد نسخة نهائية من القرار يُفترض أن يتم التوافق حولها قبل التصويت الرسمي.

عندما يتم التوصل إلى هذا التوافق، خاصة بين الدول الدائمة العضوية، يكون القرار قد اتُّخذ بشكل أولي قبل موعد الاجتماع المخصص للتصويت عليه، غير أنه في حال طلبت دولة معينة إدخال تعديلات على النص ولم يتم قبولها، يمكنها إذا كانت من الدول الدائمة العضوية أن تستخدم حق النقض “الفيتو”، وهو ما يؤدي إلى إعادة صياغة القرار من جديد وإطالة أمد المشاورات.

ووفق ميثاق الأمم المتحدة، تنص المادة 27 على أن لكل عضو في مجلس الأمن صوتا واحدا، وأن القرارات تُتخذ بموافقة تسعة من الأعضاء على الأقل، أما في القضايا غير الإجرائية، فيجب أن تتضمن هذه الأصوات التسعة موافقة جميع الدول الدائمة العضوية، وإلا يُعتبر القرار مرفوضا إذا استخدم أحدها حق النقض.

وقد منح واضعو ميثاق الأمم المتحدة الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة، وضعا خاصا نظرا “لدورها في حفظ السلم والأمن الدوليين”.

ويتيح لها هذا الوضع استعمال “الفيتو” لعرقلة أي قرار لا توافق عليه، غير أنه في حال امتنعت دولة دائمة عن التصويت دون أن تستخدم النقض، يمكن اعتماد القرار إذا حصل على تسعة أصوات مؤيدة، وهو ما يجعل التوافق بين هذه الدول عنصراً حاسماً في صدور أي قرار أممي.

في الحالة الراهنة، يرى محللون، أن المواقف داخل المجلس تبدو شبه محسومة، إذ أن الدول ذات الوزن في اتخاذ القرار وهي الدول الدائمة العضوية قد حددت توجهاتها، أما الجزائر، باعتبارها من الدول غير الدائمة العضوية التي تمثل منطقة جغرافية معينة، فلا تملك تأثيرا على مجريات التصويت أو على صياغة القرار النهائي.

أما بالنسبة للمغرب، يوضح خالد الشيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن المعطيات تشير إلى تواتر الدول التي تعترف بمغربية الصحراء أو تعتبر مخطط الحكم الذاتي الإطار الواقعي الوحيد لحل النزاع، “وأنه في حال صدور القرار بالصيغة التي وردت في المسودة الحالية، والتي تعتبر الحكم الذاتي الحل الوحيد، فإن ذلك يمنح المغرب أساسا قويا للمضي في تنفيذ هذا التوجه حتى لو استمرت جبهة البوليساريو في تحركاتها”.

مسودة تتبنى الحكم الذاتي

وفي تحول كبير وغير مسبوق، كانت مسودة مشروع قرار مجلس الأمن الدولي قد حملت مؤشرات جديدة على تحول في مقاربة المجلس لهذا النزاع، الممتد لأكثر من نصف قرن.

وقد اعتبرت مسودة قرار مجلس الأمن الدولي بشأن ملف الصحراء المغربية، مقترح الحكم الذاتي، إطارا وحيدا لحل النزاع، مؤكدة على أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر جدوى.

وحسبما جاء في المسودة، فقد أكد المجلس أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر جدوى، مشيرا إلى “الدعم الذي أعربت عنه الدول الأعضاء لمقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي، المقدم في 11 أبريل 2007 إلى الأمين العام، باعتباره الأساس الأكثر مصداقية لحل عادل ودائم للنزاع”.

كما دعا مجلس الأمن أطراف النزاع إلى “المشاركة في هذه المناقشات دون تأخير أو شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول من الطرفين، يضمن حكمًا ذاتيًا حقيقيًا داخل الدولة المغربية، باعتباره الحل الأكثر جدوى”.

تقرير يعزز مكانة المغرب

وفيما يتعلق بالتقرير السنوي المقدم إلى مجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية، وفضلا عن إشادة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بجهود المغرب في تنمية الأقاليم الجنوبية، وبالتنسيق مع المنظمة الدولية، ورعايته لحقوق الإنسان، وهي العناصر التي اعتبر محللون أنها “تعزز مكانة المملكة في مسار التسوية”.

إلى جانب ذلك، سلط التقرير الضوء على التحوّل اللافت الذي تشهده مواقف عدد من الدول تجاه ملف الصحراء، حيث ذكر بتجديد واشنطن تأكيد موقفها الداعم للسيادة المغربية على الصحراء، وتشديدها على ضرورة “انخراط الأطراف دون تأخير في مفاوضات” تستند إلى المبادرة المغربية للحكم الذاتي كإطار وحيد.

كما أبرز موقف المملكة المتحدة الداعم لحل الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، واصفة إياه بـ”الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية” من أجل التوصل إلى تسوية دائمة.

وفي ظل هذه الدينامية، أكد غوتيريش، أن تنامي الالتزام الدولي بإيجاد تسوية لقضية الصحراء المغربية، التي تدخل عامها الخمسين، يفرض ضرورة اغتنام هذه اللحظة التاريخية لتسريع وتيرة الجهود الرامية إلى تحقيق حل سياسي دائم.

موقف أمريكي داعم

وتتقاطع هذه الدعوة لتسريع وتيرة إيجاد تسوية سياسية واقعية ودائمة للنزاع حول الصحراء، مع المواقف الأخيرة والمتتالية التي عبّرت عنها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أكدت من خلالها موقفها الثابت تجاه الصحراء المغربية، وجهودها لإطلاق حوار مباشر بين المغرب والجزائر كخطوة مهمة لطي النزاع المستمر منذ نصف قرن.

وفي هذا الصدد، كان مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، قد أكد، في مقابلة مع قناة الشرق أن “الولايات المتحدة مستعدة لافتتاح قنصلية في الصحراء المغربية خلال الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب”، مشددا على أن “الوقت قد حان للوصول لحل إيجابي ودائم لقضية الصحراء”.

ومن جانبه، كان المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، قد أعلن هو الآخر، أن اتفاق سلام بين المغرب والجزائر قد يتم توقيعه خلال الستين يومًا المقبلة، وذلك خلال مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” الذي تبثه قناة “سي بي إس” الأميركية، حيث أكد أن الولايات المتحدة تعمل حاليًا على وساطة مباشرة بين البلدين”، مضيفًا: “نعم، نحن نعمل على الجزائر والمغرب الآن، وفريقي يعتقد أن هناك اتفاق سلام سيتم خلال الستين يومًا المقبلة بينهما”.

وفي تقرير لها، كانت صحيفة “التايمز” البريطانية قد أفادت بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى إبرام اتفاق سلام بين المغرب والجزائر، لإنهاء نزاع الصحراء المغربية المستمر منذ نصف قرن، مؤكدة أن “مبعوثي ترامب شرعوا فعلا في العمل على التوسط لإبرام اتفاق خلال شهرين بين البلدين الجارين”، إذ أشارت في نفس الوقت إلى أن “الولايات المتحدة تبذل جهودا دبلوماسية “صعبة” لتحقيق مصالحة بين الرباط والجزائر”.