story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

مقتل زوج ريم فكري.. مشتبه فيه هارب من حكم 20 سنة وآزره المحامي “الوحش”

ص ص

في تفاصيل تبدو كأنها هاربة من روايات أجاثا كريستي البوليسية، تنكشف شيئا فشيئا معالم عن خلفيات “الجريمة” التي أودت بحياة زوج المغنية المغربية الشابة ريم فكري، والذي عثرت السلطات، يوم أمس الخميس 15 فبراير 2024، عن أجزاء من جثته المنكل بها نواحي مدينة الرباط، فيما اعتقلت على ذمة التحقيق أشخاصا مشتبه بضلوعهم في هذه الجريمة.

فلاش باك

قبل الخوض في تفاصيل الحادثة المأساوية التي راح ضحيتها زوج المغنية المغربية ريم فكري، والتي تقول إن الواقعة تعود إلى ما قبل شهر من الزمن، حينما نشب شجار عنيف بين الضحية والمشتبه فيه الملقب ب”التوربو” في أحد الملاهي الليلة، في الدار البيضاء، وهو الشجار الذي أفضى بعد شهر إلى هذه “الجريمة البشعة”.

اسم المشتبه فيه الرئيسي في قضية الفنانة ريم وزوجها ليس سوى التيربو”، وهو الاسم المستعار ل “ر.أ”، شاب سبق وأن ذكر اسمه في قضية مماثلة تتعلق بالاختطاف والتعذيب والقتل في فرنسا، حصد بسببها حكما بالسجن 20 سنة لم يقض منها يوما واحدا داخل أسوار السجن. وتحكي مصادر “صوت المغرب” أن القصة التي لم تقل بشاعة عن قصة زوج الفنانة المغربية تعود إلى سنة 2007 بفرنسا، عندما عمل “التيربو” على اقتياد الشاب “ابراهيم حجاجي، شاب في العشرينات من العمر آنذاك، إلى غابة مهجورة بالضواحي الباريسية، وعمل رفقة صديقيه، أحدهما مغربي “م.ع”، وآخر جزائري يدعى “ب.أ”، على تعذيبه وقتله ودفنه في الغابة. بقيت القضية طي الكتمان حيث دفنت تفاصيها مع الضحية، إلى حدود سنة 2010، حيث حصلت المفاجأة. 

اعتقل الشريك الجزائري في فرنسا، في قضية مماثلة أيضا، تتعلق بالاختطاف والتعذيب، وهناك اعترف للمحقيقين الفرنسيين بقضية إبراهيم حجاجي، وبمكان دفن جثته. توجه المحققون وفرق البحث إلى الغابة التي دلهم عليها الجزائري الموقوف، وبعد عمليات بحث عثروا على بقايا جثة في مراحل متقدمة من التحلل.

 

فرار من العدالة

وعاد بعد ذلك المتورطون في هذه الجريمة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية كأن لا شيء من ذلك قد حدث، إلا أن هذا السر الذي تقاسموه لن يبق في الظل طويلا، وذلك بعدما اعتُقِل أحد صديقهم الجزائري في جريمة سنة 2010 في قضية تتعلق هي الأخرى بالاختطاف.

عند هذه النقطة، سوف تنكشف معالم الجريمة السابقة، حيث سيعترف بقضية الضلوع في مقتل الشاب العشريني، وسيدلهم على مكان الجثة في الغابة وهكذا ستبدأ أطوار قضية انتهت بالحكم غيابيا على الأصدقاء الثلاثة بالسجن، تقول مصادر “صوت المغرب”.

وفي سنة 2012 تمت متابعة هؤلاء المتهمين ومن بينهم المشتبه به الرئيسي في مقتل زوج المغنية ريم فكري، الذي كان في حالة فرار، ولم يكن محاميه في هذه القضية سوى وزير العدل الفرنسي الأسبق “إريك دوبون” والذي صرح في وقت سابق بأنه كان يتلقى مبلغ 500 أورو أي أزيد من 5000 درهم يوميا مقابل نيابته في هذه الملف.

وظلت هذه القضية معلقة لسنوات طوال، نظرا لكون المتهم لم يتلق أي استدعاء من طرف المحكمة، بحيث أنه كان فارا من العدالة، يصول ويجول بهويات مزورة، إلى أن شاءت الأقدار أن يسقط في شراك عناصر الشرطة بالمغرب، على خلفية قضية تتعلق بتزوير الوثائق.

“الأصدقاء الثلاثة”، الذين تورطوا في جريمة مقتل الشاب ابراهيم حجاجي سينتهي بهم المطاف “أحرارا”، المشتبه فيه الرئيسي “التيربو” لم يعتقل ولو يوما واحدا، وظل يتحرك ويتردد على المغرب وفرنسا بهويات مزورة، فيما صديقاه الجزائري والمغربي، هربا مباشرة بعد تمتيعهما بالسراح المؤقت من قبل قاضي التحقيق، إلى بلديهما، المغرب والجزائر، وصدر الحكم غيابيا على الثلاثة ب20 سنة سجنا نافذا.

شعرة تخرج من العجين

حينما ألقت عناصر الشرطة القضائية بالمغرب القبض أول مرة على المتهم سنة 2020 بمطار محمد الخامس عائدا من دبي، على خلفية تزويره للهوية، حكم عليه إثر ذلك بثلاثة أشهر سجنا نافذا، قبل أن تكتشف الشرطة أنه كان موضوع مذكرة اعتقال دولية بعد الحكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا في فرنسا، في قضية قتل.

هذا الأمر جعل المحققين يكتشفون أثناء التحقيق معه، هويته الحقيقية، وهكذا أعيد الاستماع إليه في القضية الأولى التي تعود جذورها إلى عام 2007 في جريمة مقتل الشاب العشريني إبراهيم حجاجي في الغابة بفرنسا.

وبالرغم من ذلك خرج المتهم من هذه القضية “بريئا” مثلما تخرج الشعرة من العجين، وذلك بعدما أدلى أحد الأشخاص الذين كانوا حاضرين ليلة اقتراف جريمة الغابة، بشهادة كانت فحواها “أن المتهم ليس هو من قام بقتل الضحية، متهما صديقهما الثالث الشاب الجزائري بذلك”، لينال بعد ذلك المتهم البراءة في شهر أبريل من سنة 2023، إلا أن الملف لم يطو بعد، إذ أنه ما يزال في ردهات محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء.

ليلة الثامن من فبراير

ظل المتهم الرئيسي، في مقتل زوج المغنية، متواريا عن الأنظار، إلى حين ليلة الثامن من فبراير 2024، التاريخ الذي أظهرت فيه كاميرات المراقبة بأحد أحياء مدينة المحمدية، لحظة إقدام أشخاص ملثمين على ضرب وسحل زوج ريم فكري ثم الزج به في سيارة رباعية الدفع، مقتادين إياه إلى مكان مجهول.

وتوالت الأيام، لتكشف السلطات الأمنية بمدينة الدارالبيضاء، يوم أمس الخميس 15 فبراير الجاري، عن مقتل زوج الفنانة المغربية ريم فكري، بعما أبلغت العائلة الشرطة باختفائه.

وجاء في نص البلاغ أن، “عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة الدار البيضاء تمكنت، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم أمس الأربعاء 14 فبراير الجاري، من توقيف شخص يحمل الجنسية الفرنسية، وهو من أصل مغربي، وذلك للاشتباه في تورطه في قضية الاختطاف والاحتجاز المقرون بالتعذيب والقتل العمد”.

كما أكدت أن إجراءات البحث المنجزة كانت قد أسفرت عن” توقيف المشتبه فيه الرئيسي الذي ساهم في التنفيذ المادي لجريمة الاحتجاز والاختطاف والتعذيب المفضي للموت، داخل حاوية بمنزله بمنطقة المنصورية بضواحي المحمدية، قبل التخلص من الجثة بعد التمثيل بها بمجرى نهري بضواحي الرباط”.

وأضاف البلاغ أن “السلطات تحتفظ بالمشتبه فيه الرئيسي إضافة إلى خمسة أشخاص آخرين تحت تدابير الحراسة النظرية، وذلك على ذمة البحث القضائي الذي لازال متواصلا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بغرض استجلاء الخلفيات الحقيقية لهذه الجريمة التي يشتبه في كونها ناتجة عن تصفية حسابات بسبب خلافات سابقة بين الضحية والمشتبه فيه الرئيسي.”

عودة إلى ماضي “المتهم”

نشأ المشتبه به في هذه الجريمة، بفرنسا، وكان ميالا إلى عوالم “البارونات والمخدرات والجريمة”، حسبما كتبت عنه صحف فرنسية، التي كشفت أنه عندما كان في سن 13 عامًا، أقدم على تهريب “الحشيش” بين إسبانيا وفرنسا. 

“لقد كان ذكيًا جدًا ويتقن عمله بشكل فردي.. لقد أراد النجاح بأي وسيلة كانت، وقال إنه عندما يبلغ 18 عامًا، ينبغي أن يكون لديه أول مليون يورو جمعها بنفسه في جيبه” هكذا يقول عنه أحد أقربائه في تصريحات إعلامية.

وتتابع المصادر ذاتها، أنه نتيجة “لذكائه وامتلاكه أسرار هذه الحرفة منذ الطفولة استطاع المشتبه به أن يصنع لنفسه إسما وسط عوالم الظل والظلام”.

ويقول أحد المخبرين في مجال المخدرات لذاتِ الصحف إنهم “أطلقوا عليه لقب “توربو”، لأنه كان قادرًا على إخراج طن من الحشيش من المغرب يوميًا”. 

وقبل أن يصبح معروفًا كمهرب محترف، ظهر المتهم لأول مرة في أرشيف الشرطة عندما كان عمره 12 عامًا بسبب حريق، ثم بسبب السرقة والعنف والتهديد والابتزاز ويتضمن سجله الجنائي ستة إدانات بتهمة السرقة.