“في ظل صفقات مشبوهة”.. مهنيون: تعطيل هيئة الصيادلة ينعكس سلبا على تدبير القطاع
وجّه الائتلاف الوطني لصيادلة العدالة والتنمية مراسلة جديدة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، يستفسره فيها عن أسباب التأخر غير المبرر لما يقارب السنتين في إصدار المراسيم التنظيمية الخاصة بالقانون المتعلق بإحداث الهيئة الوطنية للصيادلة، والذي صدر بتاريخ 29 فبراير 2024، مشيرين إلى أن تعطيل الورش ينعكس سلباً على تدبير القطاع، خاصة في ظل “نقاش عمومي واسع حول صفقات مشبوهة”.
وسجّل الائتلاف أن هذا التأخر يثير تساؤلات جوهرية حول أسباب تعطيل إطلاق هيئة مهنية طال انتظارها، ويضع الوزارة أمام مسؤوليتها السياسية والمؤسساتية، خاصة في ظل تعاطي الوزارة مع ملفات وطنية واستراتيجية مرتبطة بقطاع الدواء دون إشراك هيئة شرعية منتخبة تعبّر عن الصيادلة بشكل مؤسساتي.
وفي السياق، انتقد أمين بوزوبع، الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، استمرار تجميد المراسيم التنظيمية للقانون الجديد المنظم للهيئة الوطنية للصيادلة لما يقارب السنتين، معتبراً أن “هذا التعطيل يحول دون دخول القانون حيز التنفيذ رغم أهميته في إرساء جهوية حقيقية لمجالس الهيئة، انسجاماً مع المقتضيات الدستورية وسياسة القرب”.
وأوضح بوزوبع في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن تعطيل هذا الورش ينعكس سلباً على تدبير القطاع، خاصة في ظل ما وصفه بوجود “نقاش عمومي واسع حول صفقات مشبوهة مرتبطة ببعض المختبرات”، مشيراً إلى غياب هيئة وطنية مخولة قانونياً لفتح تحقيقات في مثل هذه الملفات أو السهر على احترام أخلاقيات المهنة.
وأضاف أن استمرار الانقطاع المتكرر للأدوية، الذي يؤثر مباشرة على صحة المواطن، “هو أحد أوجه هذا الخلل المؤسساتي، إذ لا توجد هيئة تنظيمية قوية لتتبع الظاهرة، تقييم تداعياتها، واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها.
وانتقد الكاتب العام توجه وزارة الصحة، التي كان يُفترض حسب قوله أن تُعطي الأولوية لإصدار المراسيم التنظيمية وهيكلة الهيئة الوطنية للصيادلة، متهماً إياها باستغلال الوضع وتمرير “قرارات كبيرة بشكل انفرادي”، ما يفقد هذه القرارات مشروعيتها في ظل غياب المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور.
وفي السياق، نبّه الائتلاف الوطني لصيادلة العدالة والتنمية إلى أن تعطيل انتخابات مجالس هيئة الصيادلة منذ سنة 2017، بموجب ظهير 1976، ما يزال مستمرا، وهو ما يفاقم حالة الفراغ التمثيلي داخل القطاع، ويحرم الدولة من مخاطب رسمي داخل منظومة حيوية مثل قطاع الدواء.
وأكدت أن الاستمرار في اتخاذ قرارات مصيرية تخص السياسات الدوائية في غياب هيئة مهنية قانونية ومنتخبة، يمسّ بالمشروعية المؤسساتية لهذه القرارات، ويخلق اختلالات واضحة في التمثيلية داخل قطاع يعتبر أحد الركائز الأساسية للمنظومة الصحية الوطنية.
وأوضح الائتلاف في مراسلته أن غياب هذه المراسيم عطّل تفعيل الجهوية داخل مجالس الهيئة، رغم أن ذلك يشكل التزاما دستوريا في إطار تنزيل الجهوية المتقدمة.
وذكّر الوزير بأنه سبق أن راسل الوزارة بتاريخ 23 شتنبر 2024 محذرًا من خطورة الفراغ المؤسساتي الذي يعيشه القطاع، غير أن الوضع بحسب تعبيره ازداد تعقيدًا مع استمرار غياب المراسيم الضرورية، رغم الحاجة الملحة لإعادة هيكلة الهيئة الوطنية للصيادلة وتمكينها من أداء أدوارها التمثيلية والتنظيمية.
وحمّلت المراسلة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المسؤولية السياسية والمؤسساتية الكاملة عن التأخر في إصدار مراسيم القانون 98.18، مطالبا بالإفراج الفوري والمستعجل عنها ضمن آجال واضحة وملزمة.
كما دعا الائتلاف إلى التعجيل بتنظيم انتخابات مجالس الهيئة الصيدلانية، مؤكدا أن اتخاذ قرارات أحادية الجانب بشأن قطاع الدواء دون وجود هيئة شرعية يشكل بحسب تعبيره خللا دستوريا يطعن في مصداقية الإصلاحات ويمثل تراجعا عن المقاربة التشاركية.