story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

“فرض الإدلاء بعقد الزواج للفنادق نموذجا”

ألم يحن الأوان بعد لرفع الرقابة على الحياة الخاصة للأفراد؟
ص ص

يعتبر النقاش المثار في الآونة الأخيرة حول مدى مشروعية طلب الإدلاء بعقد الزواج لحجز غرفة بإحدى المؤسسات الفندقية فرصة سانحة لطرح سؤال مدى تمكن بلادنا من حماية الحياة الخاصة للأفراد، ولا سيما في ظل دستور المملكة لسنة 2011 الذي رفع سقف الحقوق والحريات عاليا مقارنة بالدساتير السابقة، وأكد على حماية منظومة حقوق الإنسان والنهوض بها والإسهام في تطويرها، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء، كما أفرد بابا كاملا للحقوق والحريات.

وإذا كان أسمى قانون بالبلاد قد بوأ الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب مكانة مهمة ودعا إلى ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية مع التزامات المغرب الدولية، وفي الوقت الذي كان من المفروض أن يسير المشرع المغربي، بعد ما يقارب عقدا ونصف من الزمن من دخول الدستور حيز النفاذ، نحو مراجعة المنظومة التشريعية الوطنية، فإن واقع الحال يقول أن هذا المسار لازال يسائل الهوة بين السرعة التي سار بها المشرع الدستوري والوثيرة البطيئة التي تعرفها مراجعة التشريعات الوطنية ذات الصلة بالحقوق والحريات بشكل عام وحماية الحياة الخاصة بشكل خاص، والأخطر من ذلك أن يتم انتهاك هذه الحقوق والحريات بدون أي سند قانوني، ويتم انتهاك الحياة الخاصة للأفراد خارج أحكام الدستور والقانون.

أحاط دستور البلاد الحياة الخاصة للأفراد بمجموعة من الضمانات الأساسية، من خلال تنصيص الفصل 24 على حق كل شخص في حماية حياته الخاصة، وعدم انتهاك حرمة المنزل، وعدم القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون. ورغم أن الدستور لأول مرة ينص صراحة على الحق في الحصول على المعلومات، من خلال الفقرة الأولى من الفصل27، إلا أنه استثنى في الفقرة الثانية من نفس الفصل مجموعة من الحالات التي لا يجب أن يطالها هذا الحق، إلا بمقتضى القانون، وعلى رأسها حماية الحياة الخاصة للأفراد وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور.

وهو ما يوضح أن المشرع الدستوري أولى أهمية قصوى لحماية الحياة الخاصة للأفراد، وأكد على عدم انتهاكها بدون موجب حق، وجعل الأصل هو تصرف الأشخاص بحرية في خصوصيتهم وأي تدخل في هذا الفضاء الخاص وجب أن يكون بمقتضى القانون.

إذن، في ظل النقاش الدائر بين مؤيد ومعارض لفكرة فرض الإدلاء بعقد الزواج من عدمه من قبل المسؤولين بالفنادق، وهو النقاش الذي يبقى في كل الأحوال صحيا داخل مجتمع يعرف تحولات وتغيرات كبيرة باستمرار، دعونا نناقش هذا الموضوع على الأقل من الناحية القانونية، وهل التشريع الوطني فعلا يتيح هذه الممارسة التي تم التعايش معها لسنوات خلت.

لمعالجة هذا الموضوع سنتناوله من خلال المحاور التالية:
أولا: غياب السند القانوني لفرض الإدلاء بعقد الزواج من قبل المسؤولين عن الفنادق
ثانيا: فرض الإدلاء بعقد الزواج للفنادق هو انتهاك لحق الأفراد في الخصوصية خلافا للمقتضيات القانونية المتعلقة بالحماية الجنائية للحياة الخاصة
ثالثا: قيام التجريم على أركان مادية ومعنوية وليس على الاحتمال وتوقع حدوث الجرائم

أولا: غياب السند القانوني لفرض الإدلاء بعقد الزواج من قبل المسؤولين عن الفنادق

هناك من اعتبر أن المواد 36، 37 و 38 من القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى تشكل سندا قانونيا لمطالبة زبناء الفنادق بعقد الزواج، والحال أنه باستقراء هذه المواد يتضح بجلاء أن الوثائق والمعطيات المطلوبة هي أساسا معلومات لإثبات الهوية، حيث تنص المادة 36 على ضرورة التصريح الإلكتروني من قبل مستغل مؤسسة الإيواء السياحي، بالمعطيات المتعلقة بالزبناء، مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وتنص المادة 37 من نفس القانون على أنه يجب أن يطلب من الزبناء العابرين أو المقيمين بمجرد وصولهم إلى المؤسسة الفندقية تقديم وثائق التعريف وملء وتوقيع استمارة فردية للإيواء يحدد نموذجها بنص تنظيمي. وحسب المادة 38 يعفى مستغلو مؤسسات الإيواء السياحي من وجوب مسك سجل تقييد الزبناء، غير أنه يجب على المستغلين المذكورين الاحتفاظ بالاستمارات الفردية للإيواء، لمدة سنة، ووضعها رهن إشارة المصالح المختصة بالمديرية العامة للأمن الوطني أو الدرك الملكي، كلما طلبت ذلك.

يمكن من خلال هذه المواد الوقوف عند نقطتين أساسيتين، تتجلى الأولى في ضرورة احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي التي نصت عليها المادة 36 أعلاه، حيث نجد أن القانون رقم 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات نص على مجموعة من الاستثناءات الواردة على هذا الحق، تضمنتها المادة السابعة منه، والتي استثنت بشكل صريح المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد أو التي تكتسي طابع معطيات شخصية، والمعلومات التي من شأن الكشف عنها المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور، وحماية مصادر المعلومات؛ وبالتالي المفروض عند التصريح بمعطيات الزبناء عدم إدراج المعلومات والمعطيات المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد، وعدم انتهاك خصوصيتهم عبر طلب معلومات تدخل في صميم حياتهم الخاصة.

وتتجلى النقطة الأساسية الثانية التي وجب الوقوف عندها في هذا الصدد، أنه من خلال المواد أعلاه لم يتم التنصيص على تقديم عقد الزواج ضمن الوثائق المطلوبة عند الوصول إلى الفندق، بل يطلب تقديم وثائق التعريف وملء وتوقيع استمارة فردية للإيواء يحدد نموذجها بنص تنظيمي، وعلى أساس هذه المعلومات يتم القيام بالتصريح للجهات الأمنية المعنية.

وبالرجوع للنص التنظيمي رقم 2.15.865 المنصوص عليه في المادة 37 والمتعلق بتحديد كيفيات التصريح الإلكتروني بالمعطيات المتعلقة بالزبناء العابرين أو المقيمين بمؤسسات الإيواء السياحي، يتضح من خلال الاستمارة الفردية التي يتضمنها الملحق رقم 1، أنه لا وجود نهائيا لعقد الزواج لا ضمن المعلومات الإلزامية (الاسم، الجنس، الجنسية، تاريخ الازدياد، بلد الإقامة، عدد الأطفال، تاريخ المغادرة، رقم وثيقة الهوية وطبيعتها) ولا حتى ضمن المعلومات التكميلية(مكان الازدياد، مقر السكن، المدينة، الفئة الاجتماعية والمهنية..).

من خلال ما سبق، يتضح أن المعلومات والمعطيات التي يجب تقديمها للمؤسسة الفندقية لا تتعلق لا من قريب ولا من بعيد بالحالة العائلية للزبون، إن كان متزوجا أو مطلقا أو أرملا أو أعزبا، ولا بطبيعة العلاقة بين شخصين. كما أن الاطلاع على الوثائق الخاصة كعقد الزواج لا يمكن المطالبة به إلا من قبل من خول له القانون ذلك صراحة، والحال أن مسير الفندق لم يخول له القانون هذه الصفة، بخلاف المطالبة بالبطاقة الوطنية أو جواز السفر التي نص عليها القانون كوسيلة للتعريف، ويحق المطالبة بها من قبل مسيري الفنادق طبقا للمقتضيات القانونية سالفة الذكر، وبالتالي تبقى غاية المعلومات المطلوب التصريح بها من قبل الفنادق للجهات الأمنية المختصة، ذات طابع أمني، أساسا، وليس الرقابة على الحياة الخاصة للأفراد.

ثانيا: فرض الإدلاء بعقد الزواج للفنادق هو انتهاك لحق الأفراد في الخصوصية خلافا للمقتضيات القانونية المتعلقة بالحماية الجنائية للحياة الخاصة

أحاط المشرع المغربي المسكن بمجموعة من الضمانات القانونية حفاظا على حرمته، وذلك لما يكتسيه من أهمية بالنظر لعلاقته بالحريات الشخصية للأفراد، وبالتالي فالمسكن محصن من أي تفتيش أو أي إجراء ينتهك حرمته، إلا طبقا للشروط والإجراءات والحالات المنصوص عليها قانونا. وقد عرفت مقتضيات الفصل 511 من مجموعة القانون الجنائي المنزل بما يلي: “يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى، ثابت أو متنقل، سواء كان مسكونا فعلا أو معدا للسكنى…”، وأكدت المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية أنه لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليلا، إلا إذا طلب ذلك رب المنزل أو وجهت استغاثة من داخله، أو في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون، ولا تطبق هذه المقتضيات إذا تعين إجراء التفتيش في محلات يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة.

من خلال هاتين المادتين يتضح أن المشرع الجنائي خص حرمة المنزل بمجموعة من الضمانات، لعلاقة ذلك بالاستقرار والسكينة والأمن، وبالتالي حتى في حالة قيام الجريمة أحاط المشرع تفتيش المسكن بمجموعة من الشروط والضمانات القانونية، ويمكن اعتبار أن الإقامة بغرفة داخل الفندق تخضع لنفس شروط تفتيش المنازل، لا سيما أن المادة 62 أعلاه استثنت فقط المحلات التي يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة، أو في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون، وبما أن المشرع لم يقم باستثناء الغرف بالفندق بنص قانوني صريح، تظل هذه الأخيرة في حكم المنزل والمسكن كفضاء خاص، أحاطه المشرع بكافة الضمانات لحماية خصوصيته.

وبالنظر لخطورة فعل انتهاك حرمة المنزل، عاقب الفصل 230 من القانون الجنائي بالحبس والغرامة “كل قاض أو موظف عمومي، أو أحد رجال أو مفوضي السلطة العامة أو القوة العمومية يدخل، بهذه الصفة، مسكن أحد الأفراد، رغم عدم رضائه، في غير الأحوال التي قررها القانون..”.

ولتعزيز الحماية الجنائية للحياة الخاصة للأفراد كما أقرها الفصل 24 من الدستور، يمكن الوقوف عند مقتضيات الفصول 1-447 و 2-447 والتي أدرجت في مجموعة القانون الجنائي بمقتضى القانون 103.13، حيث يعاقب بمقتضى الفصل1-447 بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات بالإضافة إلى الغرامة، على القيام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها، كما يعاقب من قام عمدا وبأي وسيلة، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته.

وفي نفس السياق ذهب الفصل 2-447 الذي يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات بالإضافة إلى الغرامة، كل من قام بأي وسيلة ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم.

وبالرغم من الضمانات القانونية المرتبطة بحرية الصحافة، وأحقية ولوج الصحافيات والصحافيين إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر، إلا أن المشرع استثنى المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد، حيث تنص المادة 89 من القانون المتعلق بالصحافة والنشر على أنه “يعد تدخلا في الحياة الخاصة كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص أو تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها علاقة وثيقة بالحياة العامة أو تأثير على تدبير الشأن العام”، وبالتالي يبقى حق الأفراد في الخصوصية محميا حتى من تدخل الصحافة، وباتت ممارسة حرية الصحافة تتم بشكل يحترم الحدود الفاصلة بين ممارسة الحق في الحصول على المعلومة واحترام حرمة الحياة الخاصة.

لذا من خلال المقتضيات القانونية المذكورة أعلاه، يتضح أن المشرع الجنائي أحاط الحياة الخاصة للأفراد بمجموعة من الضمانات القانونية قصد حمايتها من أي انتهاك أو التدخل فيها بدون موجب قانوني، حفاظا على طابعها الشخصي والحميمي، وما يشكله ذلك من استقرار وأمن في بعديه، الخاص والعام.

وهو ما يؤكد أن توجه المؤسسات الفندقية نحو فرض الإدلاء بعقد الزواج للتمكن من الاستفادة من خدمات الفندق، يشكل انتهاكا واضحا لحق الأفراد في الخصوصية، وتدخلا بدون موجب قانوني في حياتهم الخاصة، بشكل يضرب في العمق كل المقتضيات الدستورية والقانونية الرامية إلى حماية الحياة الخاصة للأفراد.

ثالثا: قيام التجريم على أركان مادية ومعنوية وليس على الاحتمال وتوقع حدوث الجرائم

تجرم المادة 483 من مجموعة القانون الجنائي الإخلال العلني بالحياء وتعرفه كونه يمارس بحضور شخص أو أكثر شاهدوا ارتكاب الفعل أو في مكان تتطلع إليه أنظار العموم، بمعنى أن قيام هذا الفعل الجرمي يجب أن يكون على مرأى من العموم وليس داخل فضاء خاص، وبالتالي يمكن اعتبار الحدود التي يجوز لمسير المؤسسة الفندقية أن يتدخل فيها هي الفضاءات العامة داخل الفندق كفضاء الاستقبال، المطعم، المسبح مثلا، دون أن يكون له حق الاطلاع على ما سيقوم به الشخص داخل غرفته، التي تعتبر فضاء خاصا، أو أن يعطي لنفسه حق تقدير ما يمكن أن يقع داخل غرفة زبون معين.

وتعتبر المادة 490 من نفس القانون أن جريمة الفساد هي كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية، وبالتالي ربط المشرع جريمة الفساد بقيام العلاقة الجنسية، كما حددت المادة 493 وسائل إثبات هذه الجريمة على سبيل الحصر.

أما في حالة ارتكاب جريمة الخيانة الزوجية، فلا تجوز المتابعة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه، وبالتالي جعل المشرع تحريك الدعوى العمومية في هذه الحالة حكرا على الزوج المتضرر من الفعل، وفي حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة، أتاح المشرع للنيابة العامة أن تقوم تلقائيا بمتابعة الزوج الذي يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة.

يتضح من خلال هذه المادة أنه في حالة الخيانة الزوجية لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكاية من الزوجة أو الزوج المعني بالأمر، ولم يعط المشرع الجنائي الإمكانية للنيابة العامة أن تقوم تلقائيا بمتابعة الزوج المرتكب لجريمة الخيانة الزوجية إلا إذا كان الزوج المجني عليه خارج أرض الوطن، وشريطة أن تكون جريمة الخيانة الزوجية قد ارتكبت بصفة ظاهرة، بما معناه أنه حتى النيابة العامة لا يمكنها التدخل إذا ارتكبت الخيانة الزوجية في فضاء خاص. وبالتالي يظهر أن المشرع طوق جريمة الخيانة الزوجية بمجموعة من الشروط والجهات التي يمكنها التدخل في حال وقوعها.

وبالنظر للأثر الخطير الذي يتركه الاتهام بممارسة الفساد أو الخيانة الزوجية، أحاط المشرع المغربي إثبات هاتين الجريمتين بتحصينات قانونية، حيث حصر وسائل الإثبات في جريمتي الفساد والخيانة الزوجية حسب المادة 493 من القانون الجنائي في محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي٠

وهو ما يؤكد أن مسير المؤسسة الفندقية لا يدخل ضمن الجهات المحددة قانونا لإثبات جريمة الفساد أو الخيانة الزوجية، كما أن مطالبته بعقد الزواج ومنع من لا يتوفر عليه من خدمات الفندق هو بمثابة توجيه اتهام غير مباشر، دون موجب قانوني، وتقدير منه باحتمال قيام جريمة فساد أو خيانة زوجية في فضاء خاص، علما أن قيام جريمة معينة لا يقوم على الاحتمال أو إمكانية الحدوث، وإنما مرتبط بأركان مادية ومعنوية محددة قانونا لقيامها، كما هو الحال في هاتين الجريمتين اللتين حدد المشرع بشكل واضح وصريح شروط تحققهما ووسائل إثباتهما، دون الحاجة إلى اجتهاد مسير الوحدة الفندقية، خارج القانون، في تقدير إمكانية حدوثهما.

صفوة القول، ومن خلال كل ما سبق، يتضح أن فرض الإدلاء بعقد الزواج للاستفادة من خدمات المؤسسات الفندقية ممارسة تفتقر للسند القانوني، بل الأكثر من ذلك هي ممارسة تضرب في العمق أحكام الدستور التي تضمن حماية الحياة الخاصة للأفراد. ولعل من الممارسات التي تدعوا أيضا إلى الاستغراب، وتتجاوز كونها خرقا للقانون، عندما يمنع من يسكن بمدينة معينة من حجز غرفة بفندق بنفس المدينة، في ضرب صارخ للمبدأ الدستوري المتعلق بحرية التنقل داخل التراب الوطني، وهذه الممارسة تتعرض لها النساء أساسا، اللواتي يتم منعهن من الإقامة بفندق في مدينتهن، والأخطر من ذلك عندما يتعلق الأمر بتعرض امرأة للعنف داخل منزلها وتضطر إلى مغادرته للإقامة بالفندق فتجد نفسها ممنوعة من هذه الخدمة باعتبارها تسكن نفس المدينة. ويظل السؤال المطروح، ألم يحن الأوان بعد لرفع الرقابة على الحياة الخاصة للأفراد؟!