صفقة الأدوية.. المعارضة تتشبت بلجنة تقصي الحقائق والحكومة تبادر بعقد اجتماع
في خضم الجدل الدائر حول “فضيحة” استيراد الأدوية التي فجرها رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بووانو، طالبت عدد من فرق المعارضة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، وذلك رغم مبادرة الحكومة بطلب عقد اجتماع للجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب بحضور الوزير الوصي لتقديم توضيحاتها بخصوص الموضوع.
في هذا السياق، أصر أحمد السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، على تفعيل لجنة لتقصي الحقائق، باعتبارها الآلية الدستورية الكفيلة بكشف الحقيقة، مضيفا أن الفرق البرلمانية فوجئت بدعوة سريعة لاجتماع جديد لمناقشة صفقات الأدوية، في حين لم يتم تفعيل الطلبات السابقة.
وأوضح السنتيسي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب الاثنين 17 نونبر 2025، أن فريقه سبق أن طالب، بعقد اجتماع خاص لمناقشة السياسة الدوائية، تلته مراسلة ثانية حول ضرورة تأمين المخزون الاستراتيجي من الأدوية.
ومن جانبه أصر عبد الله بووانو على عدم الاقتصار على عقد اجتماع في الموضوع، والشروع أيضا في تشكيل لجنة تقصي الحقائق، مؤكدا أن الحكومة “تقول رأيها في الاجتماع بينما هناك رأي طرف آخر لا يمكن أن نستمع إليه إلا من خلال لجنة تقصي الحقائق”.
“إشارة سياسية خطيرة”
ومن جهتها، قالت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، “كلما ظهر ملف كبير فيه شبهة فساد أو سوء تدبير، من صفقة الأدوية إلى غيره،”تسارع الأغلبية إلى إغلاق الأبواب بدل فتحها”، مضيفة أن “رفض الحكومة الضمني لإحداث لجنة هو في حد ذاته إشارة سياسية خطيرة”.
وأكدت أن “لجنة تقصي الحقائق ليست اجتماعاً بروتوكولياً، بل آلية دستورية خطيرة تضع المسؤوليات على الطاولة وتكشف الحقائق للرأي العام دون تجميل”.
وأبرزت النائبة البرلمانية أن “قضية صفقة الأدوية تضعنا أمام فضيحة تتعلق بالمال العام وصحة المغاربة”، مشددة على أنه “كان من البديهي والمفروض أن تُفعّل لجنة تقصي الحقائق فوراً”.
وتابعت أن الحكومة فضلت “اجتماعاً هادئاً” في لجنة القطاعات الاجتماعية مع الوزير، “بدل فتح تحقيق برلماني حقيقي”، معتبرة أن “هذا الأمر ليس نقاشاً، بل محاولة لاحتواء أزمة وإخماد غضب المغاربة”.
ولفتت إلى أن “الحقيقة المرّة هي أن الحكومة تتعامل مع البرلمان كملحقة ادارية للتسجيل، وليس كمؤسسة رقابية”، مشيرة إلى أنه “عندما يتعلق الأمر بملفات محرجة، تُجمَّد الآليات الرقابية ويُكتفى بالحوارات المعلّبة”.
ووجهت التامني تحديها للحكومة وأغلبيتها “إذا كانت لا تخشى شيئاً، فلتقبل بلجنة لتقصي الحقائق، أما رفضها الضمني، فهو في حد ذاته إشارة سياسية خطيرة”.
“خوف من هزيمة انخابية”
وفي هذا الصدد، قال أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد العلي حامي الدين، إن “أحزاب الأغلبية تصر على عدم السماح بتشكيل لجنة تقصي الحقائق خوفا من الهزيمة في الاستحقاقات القادمة”.
وأضاف أن الحقيقة إذا عُرفت سوف تكون “صدمة سياسية قوية”، ستترتب عنها نتائج أيضاً سياسية سوف تنعكس على الانتخابات القادمة، مشيرا إلى أن “هذه الأحزاب تعلم أن المجموعة النيابية العدالة والتنمية لا تملك النصاب الكافي لتشكيل هذه اللجنة”.
وأكد أن هذا التلكؤ في إحداث اللجنة يتعلق أساسا بـ”فرق الأغلبية ومعها بعض فرق المعارضة التي دأبت على وضع رجل في المعارضة ورجل في الحكومة”.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن هذا التلكؤ يهدف إلى حماية الحكومة من نتائج لجنة تقصي الحقائق التي ستدعم الادعاءات التي تتوجه بها المعارضة في موضوع الأدوية، والذي لا يقل أهمية عن “فضيحة الدعم المخصص لاستيراد الأبقار والأغنام”.
وتابع أن ما ستكشف عنه هذه اللجنة في حال تشكيلها “سيكون أكبر دليل على أن هذه الحكومة ترعى الفساد وتحميه وتوفر له الغطاء من أجل مأسسته وجعل المنصب العمومي مدخلا للاغتناء غير المشروع”.