story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

سليمان الريسوني.. من محنة السجن و”معارك الأمعاء الخاوية” إلى نسيم الحرية

ص ص

بعد أن قضى الصحافي سليمان الريسوني أربعة أعوام داخل السجن، كانت حافلة بالإضرابات عن الطعام والاحتجاج على ظروف الاعتقال، عانق الحرية أخيرا بعدما استفاد من العفو الملكي الأخير الذي شمل 2476 شخصا بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش.

وبدا سليمان الريسوني منفرج الأسارير وهو يخطو خارج السجن، كما بدا جميع المعتقلين الآخرين الذين استفادوا من العفو الملكي مساء أمس الاثنين 29 يوليوز الجاري.

عن محنة الاعتقال

ولم تكن المدة التي قضاها الصحافي المغربي المعتقل سليمان الريسوني سهلة، فقد خاض في سنة 2021، “إضرابا عن الطعام” فاق الـ120 يوما، وذلك من أجل المطالبة بتمكينه من “شروط المحاكمة العادلة” واحتجاجا على “اعتقاله التعسفي، وسجنه احتياطيا لمدة ما يقارب سنة دون محاكمة، في غياب أدلة تدينه”، وفق تدونية لزوجته، ليتم بعد ذلك نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وتعود جذور قضيته إلى اليوم الذي أكدت فيه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بتاريخ الـ24 فبراير 2022، الحكم الابتدائي بسجنه، وهو المعتقل منذ العام 2020، وقضت المحكمة حينها بالحكم عليه خمسة أعوام بتهمة “اعتداء جنسي” عقب شكاية مشتك يعرف باسم مستعار “آدم محمد”، وهو ما يتشبث المدعي عليه بنفيه وتكذبيه.

وتولى سليمان الريسوني رئاسة تحرير جريدة “أخبار اليوم”، المتوقفة عن الصدور، بعد سجن مديرها السابق توفيق بوعشرين الذي قضى هو الآخر ست سنوات في سجن عين البرجة بالدار البيضاء، عقب الحكم عليه بـ 15 سنة سجنا نافذا، قبل أن يعانق الحرية هو أيضا يوم أمس مستفيدا من العفو الملكي ذاته.

أزيد من عام دون حكم

وقبع رئيس التحرير السابق لصحيفة “أخبار اليوم” خلف القضبان منذ ماي 2020، بينما حُكم عليه في فبراير 2022 بالسجن خمس سنوات بتهمة نفاها الصحافي ولجنة دعمه جملةً وتفصيلاً.

وفي تقرير صدر عن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة،في وقت سابق، اعتبر أن اعتقال الصحافي واحتجازه لا يستندان إلى أساس قانوني، مضيفاً أنه يقبع خلف القضبان على خلفية ممارسة إحدى الحريات الأساسية (حرية التعبير) كما انتهك حقه في محاكمة عادلة.

وعلى هذا الأساس، دعا الفريق الأممي الحكومة المغربية إلى “اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح وضع سليمان الريسوني دون تأخير، وجعله متوافقاً مع المعايير الدولية المعمول بها، ولا سيما تلك المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.

واعتبر الفريق الأممي أنه “بالنظر إلى جميع ملابسات القضية، بما في ذلك خطر الإضرار بصحته، سيكون الإجراء المناسب هو الإفراج الفوري عن سليمان الريسوني ومنحه الحق في جبر الضرر والحصول على تعويض وفقًا للقانون الدولي”.

وكان خبراء الفريق العامل التابع للأمم المتحدة قالوا إن السبب الحقيقي وراء اعتقال الصحافي واحتجازه هو نشر مقالات تنتقد السلطات، وليس الجرائم الجنسية التي اتُّهم بارتكابها، مُعتبرين أن “الصحافيين في المغرب، بمن فيهم الريسوني، يُستهدفون بسبب ممارستهم لحريتهم في التعبير”. بيد أن الحكومة المغربية نفت كل تلك الاتهامات في ردها على الفريق العامل بتاريخ 31 يناير الماضي.

معارك الأمعاء الخوية

وكان الصحافي سليمان الريسوني يخوض من داخل زنزانته إضرابات متوالية عن الطعام فاقت إحداها الـ 100 يوم، بينما دام آخر إضراب له نحو أسبوع حينما احتج على مصادرة رسائل له في سجنه وذلك مطلع شهر مارس المنصرم.

وبعد مضي أسبوع على معركة الأمعاء الفارغة، أوقف الريسوني إضرابه، وقال وقتها المحامي محمد المسعودي، إن الريسوني استجاب لنداء العائلة والهيئات الحقوقية والدفاع والشخصيات الوطنية.

وعلى إثر ذلك كانت منظمة “مراسلون بلا حدود” نبهت إلى ما قالت إنه “انتهاك جديد للحقوق الأساسية” يطال سليمان الريسوني، مجددة دعوتها إلى إطلاق سراحه.

الريسوني، وبعد تمزيق كتبه ورسائله، ومشروع روايته ومراسلاته مع عمر الراضي، كان قد قرر الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على حجب رسالته الجوابية على مراسلة تلقاها من الكاتب والروائي الأوكراني “آندري كوروكوف” في إطار حملة الكاتب المسجون التي أطلقتها منظمة قلم الدولية.

وقرر الريسوني وقتها إيقاف إضرابه بالإفراج عن رسالته، والتي تقول زوجته إنها بقيت عالقة بيد المسؤولين قبل أن تتسلمها لنقلها إلى كوروكوف.

وحينما أعلن دخوله في الإضراب عن الطعام، توالت مناشدات الحقوقيين والعائلة لسليمان من أجل التراجع، معتبرين أنه لا زال يعاني من مخلفات إضراب عن الطعام كان قد خاضه لـ122 يوما، كما أن زوجته كانت قد حذرت من تدهور وضعه الصحي، وقالت إنه يفقد أزيد من كيلوغرام من وزنه عن كل يوم من الإضراب عن الطعام.

الريسوني.. سيرة البداية

وولد سليمان الذي سيصبح فيما بعد من أهم الأقلام الصحافية بالمغرب، في الخامس من يونيو عام 1972، بمدينة القصر الكبير، حيث كبر وترعرع وأكمل تعليمه المدرسي فيها قبل إكماله التعليم الجامعي.

درس أيضا الأدب العصري، وعقب حصوله على الشهادة الجامعية، التحق بالعمل في إحدى بلديات الشمال كضابط للحالة المدنية (السجل المدني)، والتي بقي مشتغلا فيها إلى حدود عام 2008، قبل أن يغادرها من أجل خوض غمار العمل الصحافي.

وعلى الرغم من كونه الأخ الأصغر لأحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة “التوحيد والإصلاح”، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلا أن سليمان، اختار لنفسه طريقا مغايرا، بتبني توجه سياسي يساري. هذا التوجه الذي كان من محطاته نشاط الريسوني ضمن صفوف حزب “النهج الديمقراطي”.

ويعرف لسليمان، نشاط حقوقي بارز على الساحة المغربية، كان من محطاته تأسيس فرع مؤسسة “أطاك المغرب” بمدينة العرائش، وهي المؤسسة التي تقدم نفسها كجمعية تثقيف شعبي متجه نحو الفعل النضالي، ضد السياسات النيو-ليبرالية للمؤسسات الاقتصادية الدولية.

إلى جانب عضويته ونشاطه في صفوف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعد أكبر منظمة حقوقية في المغرب.

وكان الريسوني أيضا عضوا بارزا في عدد من لجان دعم ومؤازرة صحافيين مغاربة خلال فترة اعتقالهم، من أبرزهم “علي لمرابط”، و”علي أنوزلا”، و”عمر الراضي”، و”توفيق بوعشرين”، و”حميد مهداوي”، و”هاجر الريسوني”.