سقطة البارصا
هزيمة نادي برشلونة أمس في مدينة سان سيباستيان الباسكية أمام ريال سوسيداد المنظم بشكل جيد، وبمدرب ذكي قرأ جيدا طريقة لعب الفريق الكطلاني ووجد مفاتيح الإنتصار عليه، كانت نهاية لسلسة انتصارات متوالية وبحصص عريضة حققها “أطفال” المدرب الألماني هانزي فليك خلال دوري “لاليغا” وكأس رابطة الأبطال الأوربية.
منذ أسابيع طويلة والبارصا وجدت في طريقةِ تصعيد خط الدفاع إلى وسط الميدان وممارسة الضغط على الخصوم وسيلة للإجهاز عليهم، بعدما كان يؤدي ذلك إلى خنقهم في مناطقهم الدفاعية، وخلق كثرة عددية رهيبة في العمليات الهجومية، وهذا ما يفسر الكم الكبير من الأهداف الذي كانت تسجله برشلونة في كل مباراة.
وسط ذلك التفوق المبهر كان يظهر أن طريقة البارصا في اللعب بالكتلة العالية فيها هامش كبير من المخاطرة، وكان من المنتظر أن يأتي اليوم الذي ستظهر فيه عيوبها في ترك مساحة كبيرة بين آخر مدافعيها والحارس إنياكي بينيا، خصوصا إذا تعلق الأمر بخصم يتوفر على مهاجمين سريعين ولديهم فعالية مستمرة أمام المرمى، وهذا الخصم كان أمس هو ريال سوسيداد.
إيمانويل ألغاوسيل مدرب الفريق الباسكي بدا وكأنه فكك مفاتيح لعب البارصا جيدا، وقرأ آلياته التكتيكية التي تفوق بها على أندية عريقة، وقام بوضع شاكلة تشبه إلى حد بعيد نظام لعب الخصم الكطلاني، ألا وهو الضغط العالي عليه في مناطقه لمنعه من بناء الهجمات من الخلف، وتنويع الطرق الدفاعية من الإنكماش في مربع العمليات والشراسة في استخلاص الكرة، وأيضا الصعود إلى نصف الملعب واعتماد خطة التسلل التي كانت تتسم بإتقان كبير خصوصا عندما كان يقودها مدافعنا الدولي نايف أكرد.
ريال سوسيداد وصل إلى مرمى برشلونة في عدة محاولات سانحة، ولولا إضاعتها بكثير من الرعونة لكانت النتيجة أكبر بكثير من هدف واحد لصفر، وهذا المعطى سيفتح عيونا كثيرة ستواجه البارصا مستقبلا بكثير من الخلاصات والدروس التي تركتها مباراة سان سيباستيان، وعلى المدرب الألماني هانزي فليك أن يراجع الكثير من الأمور داخل طريقة اللعب التي اختارها لفريقه طيلة الدورات السابقة، والتي رغم أنها أتت بنتائج مبهرة وجعلت برشلونة يستعيد بعضا من بريقه القديم، إلا أنه يبدو أنها طريقة أصبحت مكشوفة يعرفها الجميع، ويستعد لمواجهتها بكثير من الإختيارات التكتيكية لإسقاطها.
البارصا بعد سقطة سان سيباستيان ستصبح مهمتها أصعب دورة بعد أخرى في الحفاظ على ريادة الدوري الإسباني، وسيظهر مدى توفر عناصرها على النفس الطويل في منافسات محلية وقارية متعبة، وعلى الرصيد البشري الكافي والمجرب للقيام بالمداورة اللازمة حتى تنهي الموسم بنفس تألق البداية.