story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

سعيد السعدي: متفائل بمسار تعديل المدونة والتلويح بمسيرة مليونية وقوف ضد منطق التاريخ

ص ص

قبل أن تضع “حرب المدونة” أوزارها، وفي ظل احتدام السجال بين الحداثيين الطامحين لتحقيق ما ينادون به دائما من ملاءمة للتشريع المغربي مع المواثيق الدولية، ومحافظين يرفضون أي مس بنصوص شرعية يقولون إنها قطعية لا تقبل النقاش، يجلس سعيد السعدي، أول من رمى حجرة ثقيلة في مياه تعديل قوانين الأسرة الراكدة في المغرب خلال تسعينيات القرن الماضي، عندما قدم خطة إدماج المرأة في التنمية وهو وزير دولة للحماية الاجتماعية والأسرة والطفولة، ليراقب النقاش الدائر، معبرا عن “تفاؤل حذر” لتحقق تعديلات اليوم جزءا مما تمنى تحقيقه قبل 25 سنة.

وفي هذا السياق، قال السعدي في حديثه لـ”صوت المغرب” اليوم الخميس 14 مارس 2024، في تعليقه على النقاش اليوم حول تعديل مدونة الأسرة، إن الجدل الدائر حاليا أخذ طابعا سياسيا، يذكره بالنقاش الذي صاحب الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية أواخر تسعينيات القرن الماضي، والذي امتد آنذاك إلى غاية سنة 2004.

ويعود السعدي بذاكرته إلى ما عاشه خلال تقديمه للخطة الوطنية إدماج المرأة في التنمية، ويقول إن الجدل آنذاك بدأ سياسيا، وانتقل انطلاقا من سنة 2001 بعد تنصيب اللجنة الملكية الاستشارية الخاصة بمدونة الأحوال الشخصية، والتي كان من المفترض أن تنهي أشغالها في فترة “معقولة” لكنها استمرت على مدى سنتين وثمانية أشهر وتم تغيير رئيسها، بسبب ما قال السعدي إنه انتقال للجدل إلى داخل اللجنة.

نفس الشيء يقول السعدي إن المغرب يعيشه اليوم، خصوصا بعد تلويح الإسلاميين بمسيرة مليونية، في إشارة لخطاب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، والذي لوح بمسيرة مليونية للتعبير عن الرفض الشعبي لعدد من التعديلات على مدونة الأسرة مثل تجريم تزويج القاصرات.

تلويح الإسلاميين بالمسيرة المليونية يرى فيه السعدي “وقوفا ضد منطق التاريخ، وانعكاس للخوف من أن يسير الإصلاح في مساره الطبيعي بعد 20 سنة من العمل بمدونة الأسرة، وما أظهرته من تناقضات وسلبيات، منها ما هو مرتبط بزواج الطفلات والتعدد والقوامة والولاية الحصرية للرجل ومشاكل غيرها تظهر أن الإصلاح ضروري”، وهي إشكالات يقول السعدي إن التيار المحافظ عندما يرفض المقترحات المقدمة بشأنها لا يقدم أي بديل.

تفاؤل السعدي بعد أزيد من عشرين سنة من تجربة تقديمه للخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، يستمده مما يصفه بـ”استعداد المجتمع لاستقبال التغيير والقبول بالإصلاح، مقابل الجو العام الذي سار فيه النقاش حول خطة إدماج المرأة في التنمية سنة 1999″، آنذاك يقول السعدي إن الإسلامين كانوا يعتبرون مدونة الأحوال الشخصية من المقدسات غير القابلة للتغيير، ويضيف أنهم “لوحوا بحرب أهلية كما وقع في الجزائر ونجد ذلك في مقالات صدرت عن صحيفة ‘العصر’ التي كانت تابعة لهم” .

ويرى السعدي أن تخوف المحافظين تجاه إدخال تغييرات عميقة على مدونة الأسرة، نابع من “هاجس أن يصبح قانون الأسرة ككل القوانين، يمر من نقاش عادي في المجلس الوزاري والحكومة والبرلمان، وهذا سيتحقق طال الزمن أو قصر”.

وبهذه القراءة للوضع القائم، يتخذ السعدي موقف “الحذر المتفائل”، ويقول في هذا الصدد : “لا أريد أن أستبق الأحداث غير أنني مؤمن بوجود حظوظ في تحقيق إصلاح لمدونة الأسرة، ليس بالإصلاح الجذري لكنه قد يكون معتبرا يعكس قيم الحداثة”، غير انه يبقى حذرا لكون “الإصلاح مرتبط بموازين قوى”، والتي يضيف أنها “تبقى الآن أفضل مقارنة مع التسعينيات”.

ويرفض السعدي اعتبار “الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية” التي حملها في نهاية التسعينات خطة سابقة لأوانها، ويقول في هذا الصدد : “ليست خطة سابقة لأوانها، والمساواة لا يمكن أن تكون سابقة لأوانها، لا يمكن أن ننتظر لتحقيق قيم المساواة والقانون هو طريق إصلاح المجتمع”، غير أنه يشير إلى أن ورش تعديل مدونة الأسرة الآن في سنة 2024 توفرت له من الظروف التي لم تتوفر لخطته قبل خمسة وعشرين سنة.

ومن بين المحددات الأساسية التي تجعل نقاش اليوم حول تعديل مدونة الأسرة مختلفا بشكل كلي على ما عاشه المغرب قبل أزيد من عقدين، هو “وجود مؤسسات رسمية تقدم اقتراحات تدفع في اتجاه المساواة التامة في الحقوق، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”، حسب السعدي، وهو ما يؤكد عنده قناعة أن “ميزان القوى أحسن مقارنة بالتسعينيات وبداية الألفية”.