سبعة أرواح إيطالية!
إيطاليا التاريخ والأمجاد والألقاب والكؤوس، والأمة العظيمة في كرة القدم، كان من الكارثي أن تقصى أمس أمام منتخب كرواتي انتهت صلاحيته بفعل العامل البيولوجي وتراجع مستوى نجومه وتدهورت لياقتهم البدنية حتى أصبح من الصعب عليهم امتلاك مفاتيح اللعب خلال المباريات.
المعطيات التقنية لمنتخبي كرواتيا وإيطاليا والمقارنة بينهما كانت تعطي تفوقا كبيرا لمنتخب الـ”سكوادرا أزورا” المتوفرين على معدل سن صغير وجيل صاعد وبدائل مهمة على مستوى كرسي الاحتياط، لكن أكبر نقاط ضعفه تكمن في مدربهم لوتشانو سباليتي الذي سجنهم في عقليته الإيطالية الكلاسيكية التي تستمد آلياتها من طريقة الكاتناشيو الدفاعية الحذرة واللعب على المرتدات وانتظار الخصم.
سباليتي يكاد يقع عليه الإجماع انه مدرب فاشل تكتيكيا لم ينجح في التعامل مع الكثير من المواجهات التي خاضها المنتخب الإيطالي حتى قبل يورو المانيا الحالي، إذ يخطى كثيرا في اختياراته البشرية للتشكيلة، وفي طريقة تمركز لاعبيه داخل الميدان وإجبارهم على اللعب ضد طبيعتهم المهارية، هذا بالإضافة إلى حذره الزائد دفاعيا حتى أمام أضعف المنتخبات هجوميا.
خروج منتخب إيطاليا إلى الهجوم بعد هدف لوكا مودريتش فضح عدم صواب الإختيار التكتيكي لسباليتي في بداية المباراة، إذ شاهدنا سيطرة مطلقة للأزوري هجوما وبعمليات سريعة بالاختراق من متوسط دفاع كرواتيا ومن الأطراف أيضا، الشيء الذي تساءل معه المحللون عن عدم اعتماد الهجوم منذ البداية طالما تتوفر على لاعبين مهاريين قادرين على الوصول إلى مرمى الخصم وإجادة امتلاك الكرة مثلما فعلت إسبانيا بالكروات عندما التهمتم بثلاثة لصفر وسيطرت على مباراتها وضمنتها بأمان كبير.
الشيء الوحيد الذي شفع للإيطاليين بالمرور أمس إلى الدور الثاني هو روحهم القتالية و”الݣريينتا” الشهيرة التي تسكن شخصية الإسكوادرا أزورا تاريخيا وعدم استسلامهم بسهولة أمام الخصوم كيفما كانت طبيعتهم، إذ في الثواني الأخيرة استعمل القط الإيطالي روحه السابعة لينجو من موت محقق ويبقى على قيد الحياة، بعدما خطف تعادلا من فم الكروات، بعملية اختراق رائعة وتمريرة “ناضية” من قلب الدفاع كالافيوري الذي شارك الهجمة الأخيرة ومرّر التمريرة الحاسمة لزاكّـاني الذي سجل هدف الخلاص والعبور إلى الدور الثاني.
تأهلت إيطاليا إلى الدور الثاني رفقة إسبانيا القوية، والمتصدرة للمجموعة بالعلامة الكاملة بعد ثلاث انتصارات.. لكن الواقع بالنسبة لسباليتي وللطاليان يقول أنهم على موعد مع امتحان صعب في المواجهة القادمة وخروج المغلوب، لأن له من الاختلالات التكتيكية وعناصر الضعف في طريقة اللعب المتحفظة ما يجعله فريسة سهلة لخصوم أقوى من كرواتيا.