رغم تحسن القدرة الشرائية سنة 2024.. خبير: الأسر ما زالت تواجه صعوبة في الادخار
كشف تقرير حديث عن تحسن ملحوظ في القدرة الشرائية للأسر المغربية، رغم تباطؤ نمو الدخل المتاح الذي لم يتجاوز 6,7% خلال العام نفسه، وهو ما فسره خبراء بارتفاع مستويات المداخيل وانخفاض مستويات التضخم، نافيا في المقابل أن يكون ذلك دليلا على حدوث تغيير بنيوي في بنية المقدرات المعيشية للأسر المغربية.
وأظهرت الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية خلال سنة 2024، التي تستعرض فيها المندوبية السامية للتخطيط السلسلة المتكاملة للحسابات غير المالية والمالية، أن القدرة الشرائية للأسر عرفت تحسناً بلغ 5,1 نقطة، مقارنة بـ 1,8 نقطة في سنة 2023، وهو أعلى ارتفاع منذ سنوات.
هذا التحسن، الذي يبدو إيجابياً من الناحية الشكلية، يطرح أسئلة جوهرية حول خلفياته ومدى انعكاسه فعلاً على واقع الأسر المغربية، خصوصاً الفئات الهشة التي تظل الأكثر تأثراً بالتقلبات الاقتصادية.
في هذا الصدد، يفسر الخبير الاقتصادي ياسين اعليا هذا التحسن باجتماع عاملين رئيسيين، أولاهما ارتفاع مستويات الدخل الداخلي الوطني المتاح للأسر بنسبة 6%، وثانيهما تراجع مستويات التضخم خلال سنة 2024 مقارنة مع 2023، التي شكلت إلى جانب 2022 ذروة التضخم، بينما توقفت الموجة التضخمية عن الاستمرار في ارتفاعها وعادت إلى مستوى لا يتجاوز 1%.
وأضاف اعليا في حديثه مع صحيفة “صوت المغرب” أن هذا الوضع عزز إمكانيات الأسر المغربية، خاصة في تعزيز قدرتها الشرائية، بفعل ارتفاع مستويات المداخيل وانخفاض مستويات التضخم مقارنة مع 2023.
لكن، وفقاً للخبير، هذا التحسن لا يعني حدوث تغيير بنيوي في بنية المقدرات المعيشية للسكان، إذ أن الإشكالية الأكبر التي تُطرح هي عدم قدرة الأسر المغربية على الادخار، حيث لا تتجاوز مستويات الادخار 11,9% من الناتج الداخلي الخام. وبالتالي، فإن الأسر المغربية ما زالت “توجه أغلب مداخيلها نحو الاستهلاك”، مما يشير إلى أن هذه المداخيل “لا تتيح للأسر الاستثمار أو المساهمة الفعلية في العملية الاستثمارية”.
وبلغت مساهمة الأجور من هذا الدخل 45,3% مسجلة ارتفاعاً بـ 6,7%، في حين ساهم الدخل المختلط، المتضمن لإجمالي فائض خدمة السكن، بنسبة 39,4% من إجمالي الدخل المتاح للأسر مسجلاً ارتفاعاً بـ 4%. كما ساهم كل من صافي دخل الملكية، الذي عرف ارتفاعاً بـ 10,6%، والتعويضات الاجتماعية وصافي التحويلات الأخرى بنسبة 32,9%.
أما بخصوص الضرائب على الدخل والثروة، المكونة أساساً من الضرائب على الأجور والمساهمات الاجتماعية، فقد ساهمت سلبياً بنسبة 17,6% في تكوين الدخل المتاح للأسر.
واستحوذ الاستهلاك النهائي للأسر، بحسب تقرير المندوبية، على 89,2% من إجمالي الدخل المتاح، ليبلغ معدل الادخار 11,3%. كما ارتفعت التحويلات الاجتماعية العينية بنسبة 9,5% مقارنة بـ 4% سنة 2023، مما ساهم في ارتفاع الاستهلاك النهائي الفعلي للأسر إلى 1080 مليار درهم مقابل 1014,9 مليار درهم في السنة السابقة.
وبلغ الدخل المتاح للأسر حسب الفرد 28,808 درهماً سنة 2024، عوض 27,176 درهماً سنة 2023، مرتفعاً بنسبة 6%. وعليه، تحسنت القدرة الشرائية للأسر بـ 5,1 نقطة عوض 1,8 نقطة سنة 2023 نتيجة لارتفاع الأثمان عند الاستهلاك بنسبة 0,9% سنة 2024.
أما الادخار الوطني فقد بلغ 461,7 مليار درهم سنة 2024، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 11,6% مقارنة بسنة 2023. وساهمت الشركات المالية وغير المالية في هذا الادخار بنسبة 60,3%، والأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر بنسبة 26,8%، والإدارات العمومية بنسبة 12,9%.
وبلغ إجمالي تكوين رأس المال الثابت 422,5 مليار درهم سنة 2024، مرتفعاً بنسبة 13,9% مقارنة بسنة 2023، ويعزى ذلك إلى ارتفاع استثمارات الشركات بنسبة 19,9% وزيادة بنسبة 7,9% في إجمالي تكوين رأس المال الثابت للأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر، وارتفاع بنسبة 3,2% لإجمالي تكوين رأس المال الثابت للإدارات العمومية.
كما ساهمت الشركات المالية وغير المالية بنسبة 59,2% في إجمالي تكوين رأس المال الثابت الوطني سنة 2024، فيما ساهمت الأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر بنسبة 26,1% عوض 27,5%، والإدارات العمومية بنسبة 14,7% مقابل 16,2%.