دراسة: الصحراء المغربية عاشت فترة مطيرة قبل 8 ألف عام انعشت حضارتها

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة أكسفورد العريقة والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالمغرب عن تغييرات كبيرة في نمط الأمطار بمنطقة الصحراء الكبرى قبل حوالي 8,000 عام.
وأشارت الدراسة، التي نُشرت في مجلة (Earth and Planetary Science Letters)، إلى أن وسط وصحراء المغرب شهدت فترة مطيرة بين 8,700 و4,300 عام مضت، مما أثر بشكل كبير على المجتمعات الرعوية القديمة.
وسلطت هذه النتائج الضوء على تأثير تغيرات المناخ على تطور استخدام الأرض وتربية الحيوانات، كما تبرز أهمية المغرب كمنطقة رئيسية لفهم تحولات المناخ عبر الزمن، خاصة في ضوء تغير أنماط الأمطار والتحديات البيئية المعاصرة.
أدلة من الكهوف المغربية
واستندت الدراسة إلى تحليل عينات من الأعمدة الصخرية (صواعد الكهوف) التي تشكلت في كهوف جنوب المغرب.
وأكد الباحثون أن وجود هذه التكوينات الصخرية هو دليل على تلقي المنطقة للأمطار في الماضي، حيث تتشكل صواعد الكهوف عندما تتسرب مياه الأمطار عبر التربة إلى الكهوف.
المجتمعات القديمة والفترة المطيرة
وكشف المصدر ذاته، باستخدام نظائر اليورانيوم والثوريوم، أن الفترة الممتدة بين 8,700 و4,300 عام مضت تميزت بأمطار غزيرة، تزامنت مع زيادة في عدد المواقع الأثرية النيوليتية جنوب جبال الأطلس.
وأدى ذلك إلى تحسين الظروف المعيشية لتلك المجتمعات الرعوية، التي كانت تعتمد على المياه لرعي الماشية.
وأظهرت الدراسة أن الأمطار الغزيرة خلال تلك الفترة ساهمت في تغذية الأحواض الجوفية وزيادة تدفق الأنهار، مما سهّل على السكان التنقل داخل المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، وتبادل السلع ونسج علاقات مع المجتمعات الأخرى.
مصدر الأمطار
وأوضحت التحاليل أن الأمطار الإضافية جاءت من سحب مدارية ضخمة تُعرف بـ”الريش الاستوائية” التي تنقل الرطوبة من المناطق المدارية إلى المناطق شبه المدارية. وتعد هذه أول دراسة تكشف تأثير هذه السحب على مناخ المنطقة.
ويساهم هذا الاكتشاف في تعزيز الفهم العلمي لتغير المناخ في المنطقة، خاصة أن البيانات السابقة المستندة إلى رواسب المحيط الأطلسي كانت تفتقر إلى التفاصيل الدقيقة عن التغيرات المناخية الإقليمية.
دراسة الماضي لفهم المستقبل
ويرى الباحثون أن فهم تأثير الريش الاستوائية على المنطقة في الماضي قد يساعد في التنبؤ بنمط الأمطار في المستقبل، وهو ما يمثل خطوة هامة في تطوير استراتيجيات مواجهة تغير المناخ.
كما أكد الفريق العلمي أن هذه الدراسة تمثل خطوة أولى نحو المزيد من الأبحاث الدقيقة حول تأثير المناخ على المجتمعات القديمة، مع التأكيد على أهمية متابعة تحليل البيانات المناخية لتوقع المستقبل بدقة أكبر.