story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حوارات |

خبير: قانون مالية 2026 محدود التأثير على المواطنين والأهداف الحكومية غير محققة -حوار

ص ص

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي يتزامن مع آخر سنة من عمر الولاية الحكومية الحالية، في ظرفية سياسية استثنائية، تغذيها موجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتنمية والعدالة الاجتماعية، فضلا عن تلك التي أطلقتها حركة “جيل Z”، قبل أسابيع بمطالب اجتماعية واقتصادية أبرزها إصلاح قطاعي الصحة والتعليم، وصون كرامة المواطنين، ومحاربة الفساد وإسقاط الحكومة.

وتضمن مشروع مالية السنة المقبلة مقتضيات، قال متابعون إنها “تفاعلت مع مطالب حركة (جيل Z)”، خاصة في ما يتعلق بقطاعي الصحة والتعليم اللذان خصصت لهما ميزانية تصل إلى 140 مليار درهم، غير أن عامل الزمن، على ما يبدو، لا يسعف حكومة عزيز أخنوش في الاستجابة الفعلية لمطالب هؤلاء الشباب، فضلا عن عدم قدرتها على الوفاء بتعهداتها التي التزمت بها أمام البرلمان في برنامجها الحكومي قبل أربع سنوات.

وفي هذا السياق، أجرت صحيفة “صوت المغرب” حواراً مع الخبير الاقتصادي ياسين اعليا حول أبرز المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المالية 2026، ومدى تفاعله مع مطالب الشارع، وقدرته على تدارك التأخر في تنفيذ البرنامج الحكومي.

وفيما يلي نص الحوار:

س: ما أبرز المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2026، مقارنة بقوانين المالية للسنوات الأربع الماضية؟

ج: جاء قانون المالية لسنة 2026 بنفس جديد، حيث ركز على دعم المشاريع الاستراتيجية للحكومة والدولة، وهو ما يمثل الفكرة الأساسية لهذا المشروع المالي.

فقد تم رفع ميزانية الاستثمار إلى رقم قياسي غير مسبوق يصل إلى 380 مليار درهم، وبالإجمال، يمكن القول إنه خلال الفترة من سنة 2021 إلى سنة 2026، من المتوقع أن يكون مجموع هذه الاستثمارات يعادل تقريبًا الناتج الداخلي الخام المحقق سنة 2025.

من جهة أخرى، هناك توجه نحو إصلاحات هيكلية في القطاعات الاجتماعية، حيث تم تعزيز ميزانيات قطاعي الصحة والتعليم، بما يفوق 141 مليار درهم.

وعلى الرغم من ذلك، تواصل الحكومة دعم التغطية الاجتماعية الشاملة، وتخصيص برامج لتحفيز التشغيل ومواجهة البطالة، مع اعتماد ميزانيات خاصة لهذا المجال لضمان تأثير ملموس.

أما الإضافة الثالثة والتي تشكل سابقة، فهي برامج التنمية المحلية المندمجة التي أشار إليها الملك في خطاب العرش الأخير، والتي سيتم تنسيقها من طرف الولاة والعمال، أي السلطات المحلية.

وقد تم تخصيص برنامج أولي لذلك، بغلاف مالي قدره 20 مليار درهم، يهدف إلى تغطية جميع القطاعات وتعزيز التنمية في المناطق القروية الهشة وضواحي المدن، مع التركيز على تحقيق أهداف قصيرة المدى لضمان نتائج ملموسة وسريعة.

س: في ما يتعلق بالتعديلات الضريبية، هل يمكن أن نلمس بعض الإجراءات التي قد تؤثر إيجابا في القدرة الشرائية للمواطنين؟

ج: شهدت السنوات الماضية تحقيق مجموعة من الإصلاحات الضريبية المهمة، أبرزها الإصلاح المتعلق بالضريبة على الدخل، والإصلاح التدريجي لضريبة الشركات، حيث تم توحيد معدل الضريبة على الشركات إلى 20% بشكل موحد لجميع أنواع الشركات وأحجامها.

وجاء هذا في إطار محاولة لتوحيد القيمة الضريبية المفروضة على الشركات بما يتناسب مع طبيعة نشاطها، مع استثناء بعض القطاعات التي ترتفع فيها الضريبة إلى 40%، خاصة القطاعات ذات التأمينات والاستثمارات المحددة.

وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات تعد خطوة هامة، إلا أن أثرها المباشر على الاقتصاد أو المواطن كان محدودًا نسبيًا خلال السنوات الماضية.

وفي مشروع قانون المالية لسنة 2026، أشارت الحكومة إلى رفع ضريبة التسجيل بنسبة نقطتين مئويتين في حالة عدم قيام المتعاملين في العقارات بإثبات مصدر الأموال أو طريقة الأداء، خصوصًا أمام هيئات قانونية منظمة، أو في حال تجاوز المعاملات النقدية الحد القانوني.

كما فرضت الحكومة زيادة ضريبة الطابع، في حال عدم الالتزام بالشروط القانونية، وتوسيع نطاق ضريبة الاقتطاع من المنبع لتشمل المؤسسات المالية، القروض، التأمينات، والشركات التي تتجاوز معاملاتها 50 مليون درهم، أو 5 ملايين درهم لبعض الحالات الأخرى.

وبالنسبة لعمليات الكراء، فقد نص القانون على خضوع الأشخاص المعنويين للاقتطاع من المنبع بنسبة 5%، على أساس الاسترجاع الضريبي، في حالة تجاوز قيمة الضريبة القانونية المحددة.

وفي المجمل، يمكن القول إن الإجراءات الضريبية المقترحة بسيطة نسبيًا ولن تحدث تغييرًا عميقًا في أوضاع المواطن اليومية.

س: قانون مالية 2026 جاء في سياق سياسي واجتماعي خاص، هل يمكن القول إن هذا القانون يتفاعل مع المطالب الاحتجاجية لحركة “جيل Z”؟

ج: يبرز البُعد الاجتماعي بقوة في مشروع قانون المالية لسنة 2026، خاصة في ظل السياق الاجتماعي المرتبط بالاحتجاجات الأخيرة التي قادها شباب “جيل Z”، والتي حظيت بتفاعل واسع من المواطنين.

وكما نعلم، فقد ركزت الاحتجاجات على قطاعي الصحة والتعليم، وكان لذلك أثر مباشر على توجه الحكومة لتعزيز ميزانيات هذين القطاعين ورفع مستويات التشغيل فيهما.

كما شمل التوجه الحكومي تحسين البنية التحتية في القطاعين، بما يعكس محاولة الاستجابة لمطالب المحتجين وللرأي العام الذي دعم هذه الاحتجاجات.

وتأتي هذه الإجراءات ضمن محاولات الحكومة معالجة الإخفاقات السابقة التي شهدتها البلاد خلال بدايات الحكومة الحالية منذ توليها تدبير الشأن العام عام 2021، والتي لم تستطع تلبية الاحتياجات الأساسية في بعض القطاعات الحيوية.

ومع ذلك، فإن الإشكالات الهيكلية لا تتعلق فقط بالموارد المالية أو فرص الشغل والموارد البشرية، بل تشمل أيضًا مسألة الحكامة الفعلية، وهي قضية محورية لم يتم التطرق إليها بشكل كافٍ في قانون المالية، إلى جانب قضايا تضارب المصالح وانتشار شبهات الفساد في بعض المعاملات.

س: باعتبار هذا المشروع هو الأخير في عمر حكومة عزيز أخنوش، هل استطاعت الحكومة أن تفي بما التزمت به في برنامجها الحكومي؟

ج: إجمالًا، لم تتمكن الحكومة من تحقيق الأهداف الحقيقية والكمية التي أعلنت عنها في برنامجها الحكومي سنة 2021، سواء فيما يتعلق بخلق مليون فرصة شغل، أو توظيف عدد كبير من المواطنين، أو زيادة الأجور إلى مستوى 2500 درهم، أو تحقيق مستويات نمو اقتصادي تتجاوز 5%.

كما لم تثمر السياسات الحكومية عن تحسن ملموس في مؤشرات الشفافية ومكافحة الفساد، بل شهد المغرب تراجعًا في ترتيبه الدولي حسب مؤشرات مدركات الفساد، وارتفاعًا في حالات الفساد السياسي، بما في ذلك متابعة العديد من النواب البرلمانيين وأعضاء مجلس الأمة قضائيًا.

كل هذه المؤشرات تؤكد أن الوعود المعلنة لم تتحقق، على الرغم من بعض المكاسب، مثل تعميم نظام التغطية الصحية الشاملة، والانخراط في مشاريع كبرى للبنية التحتية.

غير أن هذه المشاريع تُعد استراتيجية كبرى ولا تُعزى إلى قرارات الحكومة وحدها، بل هي جزء من سياسات طويلة المدى، كما أن طريقة تنفيذها تثير علامات استفهام حول كفاءتها ونجاعتها.