story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

حمزة الأنفاسي يكتب: على الرجل المغربي أن يكون حليفا للنساء

ص ص

هوريس مان Horace Mann، سياسي أمريكي من القرن التاسع عشر، يلقب ب “أب التعليم الأمريكي” لما قدمه من تضحيات ونضال من أجل تعليم عمومي مجاني ومتاح للجميع، يقول في إحدى مقولاته: “ومن ثم، فإن التعليم، بعيدًا عن كل الانقسامات الأخرى المتعلقة بالأصل البشري، هو أعظم مساو بين ظروف الإنسان، وهو عجلة التوازن للآلة الاجتماعية.” أي أن التعليم هو أهم محدد يمكن من خلاله للفرد أن يرتقي اجتماعيا حتى وإن جاء من محيط بسيط. ويستحضر الأمريكيون هذه المقولة لتبرير الإنفاق العمومي على التعليم، لما له من آثار إيجابية على حياة الأفراد والمجتمع.

تمت دراسة هذه الفكرة بشكل علمي من طرف عراب التنمية البشرية والعالم الهندي الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد أمارتيا سن. قام سين بدراسة جهات مختلفة من الهند والصين وقارن بين معدلاتها في مجالات مختلفة، ووجد أن ولاية كيرالا الهندية متفوقة في مؤشرات تنموية عديدة رغم أنها أفقر من ولايات أخرى من الهند كولاية بنجاب.

عند تفكيك الأرقام، وجد أمراتيا سن أن سر ولاية كيرالا، يكمن في التمدرس الكامل للنساء (أي نسبة تمدرس النساء هي %100). ووجد أن تمدرس النساء له آثار إيجابية على عدد الأطفال لكل أسرة، والحمية الغذائية، والجانب الصحي للعائلة. بل إن تمدرس النساء له صدى إيجابي حتى على فرص نجاح الأبناء في حياتهم الدراسية والمهنية.

في هذا الإطار، حل هذا الأسبوع اليوم العالمي السنوي للمرأة، ولازال المغرب يحتل مستويات متدنية في مجال العدالة الجندرية، رغم الموارد المهمة التي ترصد لذلك من طرف الدولة والفاعلين الآخرين.

هناك أسباب متعددة تساهم في استمرار هذا التحدي، لكن تمدرس النساء وتمكينهم من القدرات اللازمة لولوج سوق العمل يبقى من أهمها، خصوصا بالنسبة لتمدرس البنات في المجال القروي.

هنا لا يمكن أن نبخس العمل المحترم الذي قام به المغرب في العقود الأخيرة للحد من اللامساواة الجندرية في مجال التعليم. لكن يبقى هناك عمل كبير يجب القيام به من أجل الحد من غياب العدالة المجالية في ما يخص تعليم البنات، حيث إن البنات في العالم القروي أقل تمدرسا من نظيراتهن في المجال الحضري.

كما أن معدل الهدر المدرسي عبر ترك آلاف البنات لأقسام الدراسة سنويا، سواء بسبب قضايا ثقافية أو اقتصادية أو لوجستية. يجب أن تتكاثف الجهود من طرف جميع المتدخلين من أجل جعل المدرسة في المجال القروي آمنة بالنسبة للفتيات، عبر دعم النقل المدرسي القروي.

وبالحديث عن النقل، فقد أشارت نسبة كبيرة من النساء في المغرب في استطلاع الدورة السابعة من الباروميتر العربي أن غياب وسائل النقل يعد من أهم الأسباب التي تجعلهن لا يلجن سوق العمل.

لذا، فإن توفير الأمن في مجال النقل يعتبر من أهم التحديات التي تواجهها النساء في المغرب سواء فيما يخص التعليم أو العمل. لا يمكن إنكار أن الرجل أكثر استغلالا للفضاء العمومي في المغرب، لذا على الدولة أن تتدخل لموازنة ولوج الرجال والنساء إلى الفضاء العمومي وإحساسهم بالأمان داخله، بما في ذلك النقل العمومي. لكن هناك مسؤولية تقع على الرجل المغربي كذلك، مادامت النساء تشتكين من سيطرة الرجل على الفضاء العام وعدم إحساسهن بالأمان بداخله، فعلى الرجل المغربي ألا يطبّع مع أي سلوك يراه من رجل آخر في الفضاء العمومي يجعل امرأة لا تحس بالأمان وأن يتدخل لوقفه، أو بعبارة أخرى يجب على الرجل المغربي أن يكون حليفا للنساء، لأن لا مجتمع ينهض إلا بتشجيع طاقات كل مواطناته ومواطنيه.