حقوقيون يكشفون تفاصيل حول مقتل محتجين بالقليعة ويطالبون بتحقيق مستقل
طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق قضائي رسمي في مقتل ثلاثة أشخاص أصيبوا بأعيرة نارية خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة القليعة الخميس 2 أكتوبر 2025، مؤكدة أن التحقيق يجب أن “يتم بموجب أحكام قانون المسطرة الجنائية وعلى يد قاضي التحقيق المختص، دون تدخل مباشر من الوكيل العام للملك، نظرًا لخطورة الجريمة التي تصل عقوبتها إلى ثلاثين سنة سجناً”.
وأشار تقرير الجمعية، حول “انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات”، المقدم ضمن ندوة صحافية بالمقر المركزي للجمعية الجمعة 24 أكتوبر 2025، إلى أن “القتل تم بواسطة الرصاص الحي من طرف عناصر الدرك الملكي بالقليعة، ما أدى إلى المس بحق ثلاثة شبان في الحياة، فيما أصيب عدد آخر بجروح بليغة”.
وأوضح المصدر أن أحد الضحايا كان يوثق الأحداث كونه خريج معهد السينما بورززات، “وأصيب على بعد حوالي 70 مترًا من مقر سرية الدرك الملكي، فيما كان الثاني على بعد يزيد عن 80 مترًا من المقر”، حسب شهادات عائلته وشهود آخرين.
وأكدت الوثيقة أن “إصدار بيان من الوكيل العام للملك بأكادير قبل الشروع في أي تحقيق يمثل تجاوزًا للاختصاصات القانونية، حيث تضمن البيان رواية تبرئ عناصر الدرك من المسؤولية بدعوى حالة الدفاع الشرعي، دون تقديم أي دليل قضائي أو استكمال البحث، ما يشكل خرقًا لمبادئ استقلال القضاء وشفافية التحقيق”.
وإلى جانب ذلك، سجل التقرير عدة ملاحظات على مستوى التعامل مع القضية، من بينها “إعلان نتائج البحث القضائي قبل أوانه، بحيث أصدرت النيابة العامة استنتاجات غير مؤسسة على محاضر قضائية رسمية قبل بدء التحقيق الفعلي”، معتبرا ذلك، “استباقًا غير قانوني للنتائج”.
“كما تم عرض الوقائع بشكل انتقائي ومجتزأ، مع تجاهل حوادث القتل بالرصاص ضمن نطاق البحث، وهو ما يخالف مبدأ شمولية البحث القضائي”، يضيف المصدر ذاته.
وأشار التقرير أيضًا إلى “وجود تضارب مصالح في إسناد مهمة البحث، بحيث تم تكليف عناصر الدرك بالقليعة بالتحقيق في وقائع قد يكونون متورطين فيها”، عادّا الأمر “خرقًا صريحًا للقانون والمنطق القضائي”.
وأضاف أن الوكيل العام للملك اعتمد على “فيديوهات مجتزأة صدرت عن عمالة إنزكان، تم التلاعب بتسلسلها الزمني لتدعيم روايته، دون إجراء بحث قضائي مستقل”.
ولفت التقرير إلى ما وصفه بالتباين الواضح في تكليف الجهات القضائية المختصة، “إذ تم تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بقضايا بسيطة مثل التدوينات على مواقع التواصل، بينما لم تُكلف بالتحقيق في أحداث القليعة الخطيرة، ما يثير أسئلة حول معايير الاختصاص”.
كما أشار إلى أن عناصر الدرك الملكي يخضعون للقضاء المدني وليس العسكري، واصفا استبعاد القضاء المدني في هذه القضايا “بالمخالف للدستور والقانون”.
واستحضر المصدر، في هذا الصدد، شهادات عائلات الضحايا، مشيرا إلى أن “والدي أحد الشبان أكد أن عناصر الدرك كانوا يطلقون النار عشوائيًا على المواطنين من مسافة نحو 500 متر من مركز الدرك”، لافتا إلى أن هذا الأمر “يتناقض مع الرواية الرسمية حول محاولة اقتحام المقر”.
وفضلا عن ذلك، أظهرت الفيديوهات المصورة قاصرًا مصابًا برصاصة من مسافة بعيدة، “ما يرفض فرضية الاشتباك المباشر مع مقر الدرك”، تقول الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقريرها الأولي.
وخلص التقرير بالإشارة إلى أن مختلف القوات العمومية، بما فيها الدرك الملكي، وقوات التدخل السريع، والقوات المساعدة، والشرطة بالزي المدني، وأشخاص مجهولو الهوية الأمنية، “تعاملت بعنف شديد واستخدمت القوة المفرطة وغير المتناسبة خلال التدخلات”، ما أدى إلى العديد من “الانتهاكات بحق المواطنين أثناء الاحتجاجات”، يؤكد المصدر ذاته.