story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

حقوقيون: الحكم الاستئنافي ضد المهدوي تراجع خطير في حماية حرية التعبير

ص ص

أبدى حقوقيون مغاربة استياءهم من تأييد محكمة الاستئناف بالرباط الحكم الابتدائي بحق الصحفي ومدير نشر موقع “بديل” حميد المهدوي القاضي بسنة ونصف حبسا نافذا مع أدائه تعويضا قدره 150 مليون سنتيم لفائدة وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، معتبرين أن هذا الحكم يُشكّل “تراجعًا خطيرًا” في مسار حماية حرية التعبير والصحافة بالمغرب.

وفي السياق، عبّر نوفل البعمري، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، عن أسفه لكون القضاء لم يذهب في اتجاه تعديل الحكم الصادر ضد الصحافي حميد المهدوي أو على الأقل جعله غير نافذ، مشيرًا إلى أن الحكم الصادر يُلزِم من جهة استكمال المسار القضائي من خلال الطعن بالنقض، ومن جهة أخرى يستدعي فتح نقاش حقوقي وقانوني أوسع حول السياسة الجنائية المتبعة تجاه الصحافيين أثناء مزاولتهم لمهنتهم.

وأوضح البعمري في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن الحكم يعيد إلى الواجهة الإشكال المتعلق بمتابعة الصحافيين بمقتضيات القانون الجنائي، بدلًا من قانون الصحافة والنشر، رغم أن الوقائع موضوع المتابعة تتعلق بمضامين صحفية نُشرت في سياق الممارسة المهنية، مما يجعل قانون الصحافة هو القانون الأوجب بالتطبيق، انسجامًا مع مبدأ “القانون الأصلح للمتهم” وضمانًا لتوازن حقيقي بين حقوق الأطراف المشتكية وحماية حرية الصحافة من العقوبات السالبة للحرية.

وأضاف رئيس المنظمة أن هذا الوضع يفرض ضرورة حسم التوجهات الجنائية للدولة في هذا المجال، سواء من خلال ما تُصدره النيابة العامة من تعليمات بخصوص الشكايات ضد الصحافيين، أو من خلال أحكام القضاء في قضايا تتعلق بالتعبير والنشر، مشددا على ضرورة أن يكون هناك توجه واضح ومُلزم في هذا الصدد، يقر بأن الصحافيين يُتابَعون على خلفية موادهم المهنية بقانون الصحافة والنشر دون سواه.

ولفت البعمري إلى أن النقاش بات ملحًا خاصة مع اقتراب صدور نسخة جديدة من مدونة القانون الجنائي، مما يمثل “فرصة حقيقية” لإدخال مقتضيات تكرّس احترام حرية التعبير والصحافة، وتحول دون استخدام القانون الجنائي كأداة للحد من حرية الإعلام، بما ينسجم مع الالتزامات الدستورية والدولية للمغرب في هذا المجال.

وختم البعمري تصريحه بالتأكيد على أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تعتبر هذه اللحظة مناسبة للدفع في اتجاه إصلاح تشريعي يضمن عدم متابعة الصحافيين بالقانون الجنائي، ويكرّس الاحتكام الحصري لقانون الصحافة والنشر في كل ما يتعلق بممارسة المهنة، ضمانًا لحرية التعبير، وصيانةً لكرامة الصحافيين، دون المساس بحقوق الأطراف الأخرى في التظلم والإنصاف عبر آليات متوازنة.

من جانبه، عبّر عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن “خيبة أمل” عقب صدور الحكم الاستئنافي في قضية الصحافي حميد المهدوي، مشيرا إلى “الانتظارات التي كانت معلقة عليه لتصحيح الحكم الابتدائي، عبر إصدار قرار بالبراءة انسجامًا مع الضمانات الدستورية والدولية لحرية التعبير”.

وأشار تشيكيطو إلى أن اللجوء إلى القانون الجنائي في قضية تتعلق بالتعبير يمثل “تراجعًا خطيرًا” عن روح دستور 2011، وعن التزامات المغرب الدولية، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل حرية الرأي والتعبير، ويدعو إلى تقييد العقوبات السالبة للحرية في مثل هذه القضايا.

وأضاف رئيس العصبة أن تغليب المقاربة الزجرية على المقاربة الحقوقية، لا سيما حين يتعلق الأمر بكشف قضايا تهم الرأي العام، “يمسّ بمبدأ التوازن بين حماية السمعة الشخصية وضمان حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة، وهو ما يسيء لصورة المغرب داخليًا وخارجيًا”.

وفي هذا السياق، جدد المتحدث ذاته، مطالبته بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، واعتماد قانون الصحافة والنشر بدل القانون الجنائي، بما يضمن احترام حرية الإعلام وعدم التضييق على الصحافيين، داعيا إلى مراجعة القوانين ذات الصلة لضمان انسجامها مع المعايير الدولية لحرية التعبير.

ويذكر أن الصحفي ومدير نشر موقع “بديل” حميد المهدوي كان قد توبع بتهم “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة ومن أجل التشهير بالأشخاص، القذف، والسب العلني”، حسب الفصول 447-2 و444 و443 من مجموعة القانون الجنائي، منذ فبراير 2024، على خلفية الدعوى القضائية التي رفعها ضده وزير العدل عبد اللطيف وهبي.