story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

جيل جديد يدق الباب!

ص ص

عندما عاد المنتخب الوطني المغربي للشباب من كأس العالم التي نظمت بهولندا سنة 2005 والتي عرفت إنجازا مبهرا للعناصر الوطنية، بعد دحرهم لقوى كروية عالمية وتأهلهم إلى نصف النهاية وسط إشادة العالم بمستواهم المهاري وطريقة لعبهم الممتعة، اجتمعت وسائل الإعلام حول المدرب فتحي جمال داخل صالة مطار محمد الخامس لأخذ تصريح حول تلك المشاركة التاريخية للمغرب.

كانت كلمات فتحي جمال مختصرة وعميقة عبرت عن مخاوف الرجل على مستقبل ذلك الجيل الذهبي في ظل منظومة كروية معطوبة قد لا تضمن لهم طريقا سليما لفئات الكبار في أنديتهم وفي المنتخب الوطني.. قال بالحرف:”كنتمنى تتم العناية بهاذ الوليدات ونحميوهم من الضياع”.. وكأن حدس الإطار المربي كان صائبا، إذ لم تمض إلا سنتان على تلك المشاركة التاريخية حتى تشتت ذلك الجيل الرائع، ومعظمهم لم يجد مكانا أساسيا في ناديه، وآخرون جرتهم مزالق المراهقة وطيشها إلى عوالم أنهكت قدراتهم البدنية والذهنية وشغلتهم عن مستقبلهم الكروي حتى انتهى معظمهم إلى مصير مأسوف عليه، باستثناء لاعب واحد عرف كيف يشق طريقه إلى فئة الكبار في ناديه والمنتخب أيضا، ويتألق فيهما بعد ذلك لسنوات طويلة، ويتعلق الأمر بلاعب فاينورد الهولندي كريم الأحمدي.

تذكرت ذلك الجيل المأسوف عليه وأنا أشاهد بالأمس مراسيم تتويج المنتخب الوطني الأولمبي بالميدالية البرونزية بعدما احتلوا الصف الثالث بين مدارس كروية عملاقة، ولعبوا كرة قدم ممتعة أثارت إعجاب كل من شاهد مبارياتهم، وسط إجماع أنهم أحسن منتخب في الدورة وكان يستحق الميدالية الذهبية لولا التدبير الخاطئ لمباراة نصف النهاية أمام إسبانيا.

أولمبياد باريس أفرزت لنا جيلا خارقا من المواهب الشابة قلما يجتمعون “فدقة” لدى أي منتخب في العالم.. لاعبون لهم من النضج والشخصية والعقل الإحترافي ما يؤهلهم ليصبحوا نجوما عالميين داخل أعرق الأندية الأوربية، والأمر أصبح يطرح مسؤوليات جسيمة على مسؤولي كرة القدم الوطنية في كيفية استغلال هذه الهبة الربانية من الفلتات الكروية التي صنعتها الأكاديميات الأوربية، ورسم مسارات لها للوصول إلى منتخب الكبار بطريقة سلسة وسليمة وفي أقرب الآجال، من أجل ألا يقع لجيل طارق السكيتيوي ما وقع لجيل فتحي جمال قبل حوالي 20 سنة.

وليد الرݣراݣي ستصبح مهمته أكثر عسرا في الإختيار بين اللاعبين، وسيزداد الضغط الجماهيري عليه من أجل الإشراك الفوري لعناصر المنتخب الأولمبي التي قدمت عروضا مبهرة في فرنسا وأثبتت عن أحقيتها في المنافسة على مكانة أساسية في المنتخب الأول، فالمراكز الأساسية ستصبح أغلى، ومن يريد حمل القميص الوطني من الآن فصاعدا، عليه أن “يفيق بكري” ومن المفروض في الناخب الوطني أن يتخلى عن تدبيره “العاطفي” الذي كثيرا ما جلب له الإنتقادات الحادة حول بعض اختياراته، والمطلوب أن تصبح الجاهزية والمستوى المقدم داخل النادي هي المعايير الوحيدة للعب في الفريق الوطني وليس معايير نوستالجيا مونديال قطر والثقة المفرطة في لاعبين تكونت معهم علاقة خاصة اختلط فيها الشخصي بالمهني.

سننتظر المعسكر القادم للمنتخب الأول لنرى كيف سيتعامل وليد الرݣراݣي مع هذا المستجد، وهل ستكون له الجرأة الكافية ليقول لبعض من لم تعد لهم مكانة في الفريق الوطني “الله يجعل البركة”، وهل سيثق في العناصر التي تألقت في أولمبياد باريس ليمنح لها مكانة رسمية، بدل آخرين صاروا يتعاملون كأن أماكنهم الرسمية أصبحت محجوزة لهم إلى الأبد؟

موعدنا بداية شهر شتنبر المقبل، لنرى ما الذي سيحدث من تغييرات يمكن أن تكون بداية لتجديد دماء الفريق الوطني، وانطلاق الإستعداد الفعلي لكأس إفريقيا للأمم 2025 في نهاية السنة القادمة.