story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

جر مسؤولين للتحقيق.. هل نعيش “حملة تطهير” جديدة؟

ص ص

شدت قضية “إسكوبار الصحراء” أنظار المغاربة، بعدما كشفت التحقيقات القضائية أسماء كبيرة من عالم السياسة والرياضة والأعمال، لتنضاف إلى لائحة من المتابعات والأحكام السابقة في حق وزير سابق ومنتخبين محليين وبرلمانيين وإدانتهم في قضايا فساد، وسط تساؤل الكثيرين، حول ما إذا كان الأمر يتعلق بـ”حملة تطهير جديدة” يعيشها المغرب.

حملة التطهير الأولى 

عرف المغرب “حملة تطهير” انطلقت صيف 1995، جرت شخصيات عديدة من عالمي المال والسياسة إلى التحقيقات القضائية والإدانة، وكانت لها ارتدادات كبيرة ليس فقط على مستوى رجال الأعمال الذين توبع منهم المئات، بل على المستوى السياسي أيضا، حينما أقدم وزير حقوق الإنسان في حكومة عبداللطيف الفيلالي آنذاك محمد زيان، على تقديم استقالته احتجاجا على الخروقات التي واكبت هذه الحملة.

وكان الغرض من هذه الحملة، كما روج المسؤولون الحكوميون ساعتها، هو محاربة التهريب بكل أنواعه، لكن صدور العفو بعد سنتين على جميع المعتقلين على خلفيتها، طرح أكثر من علامة استفهام حول أهدافها الحقيقية.

قضايا وليست حملة 

وفي تعليقه على موضوع متابعة المتورطين في ملف “إسكوبار الصحراء”، نفى محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن يكون الأمر متعلقا بحملة تطهير جديدة، وإنما فقط بقضايا أثيرت إعلاميا وحقوقيا، وتطلب الأمر عدم السكوت عنها.

وقال الغلوسي إنه “لا يمكن إلا أن نسجل بإيجابية مثل هذه الخطوات، لأنها تروم إيقاف نزيف الفساد في بعض القطاعات، وفي نفس الوقت إعطاء إشارات للمجتمع ولمختلف الفاعليين، أنه لا يمكن التساهل مع قضايا الفساد، وإن كان الأمر  بعيدا عن أي استراتيجية لمكافحة الفساد”.

وأضاف الغلوسي، أن التعامل التكتيكي والانتقائي مع الفساد سيكون ضرره أكبر من نفعه، وبالتالي من الممكن أن تقع انتكاسات على هذا الستوى.

من جانبه اعتبر  عبد الحفيظ اليونس  أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، في تصريح لصحيفة” صوت المغرب” أن نوعية  المتابعات في  الملفات الأخيرة، تختلف عن سابقاتها بالنظر لطبيعة الاتهامات الموجهة إلى المتابعين، مضيفا “أن هذه المتابعات، هي استمرار لمسار يتعلق بمتابعات قانونية لشخصيات عمومية، تضطلع بمهام انتدابية”.

الفساد خطر على الدولة 

 واعتبر الغلوسي أن استمرار الفساد وتعمقه في المجتمع والدولة والتطبيع معه، أصبح خطرا محذقا بالمغرب وبمستقبله، موضحا كيف عرى زلزال  الأطلس غياب البنيات التحتية والمرافق، حيث أصبح الوصول إلى الضحايا وإنقاذهم أمرا صعبا ومستحيلا في بعض الأحيان، “بسبب نخب سياسية تمسك بزمام القرار العمومي وتوظفه من أجل تكوين شبكات جهوية ومحلية، تستفيد من الريع والفساد”.

 الحاجة إلى استراتيجية 

وأكد الغلوسي أن المغرب في حاجة إلى استراتيجة للوقاية من الفساد، تمكّنه من تحديث  ترسانته القانونية والمؤسساتية، من أجل التصدي للفساد والوقاية منه قبل حدوثه.

من جانبه أبدى اليونسي ملاحظات بخصوص المتابعات الأخيرة ،والمرتبطة أساسا  بالبناء المؤسساتي الذي يجب أن يتعزز وتعطاه صلاحية الممارسة الإستباقية لمواجهة هذا النوع من الجرائم المرتبطة بالأموال أو المخدرات أو استغلال النفوذ، إضافة إلى توفير الدولة ضمانات للقضاء لكي يمارس مهامه باستقلالية فعلية في مباشرة هذا النوع من الملفات.

وفي نفس السياق، أضاف اليونسي، أن بعض الثغرات القانونية والمسطرية المرتبطة بهذا النوع من المتابعات، قد يتم استغلالها  إما لإ طالة أمد الملفات،  أو للإفلات من العقاب، مما قد يسقط مؤسسات الدولة في نوع من الانتقائية في تطبيق القانون.

إخراج قوانين جديدة 

وفي ما يتعلق بالقوانين المتعلقة  بحاربة الفساد، قال الغلوسي”  لاحظنا كيف تم إقبار مشروع القانون المتعلق بمحاربة الإثراء غير المشروع، وكيف أن الهيئة الوطنية للنزاهة وللوقاية من الرشوة ومحاربتها، استغرقت وقتا طويلا لتخرج  قانونا جديد يوسع من صلاحياتها، وهي مؤسسة لا زالت تفتقد للإمكانات والوسائل”.

وأوضح نفس المتحدث، أن خارطة الفساد في المغرب ليست فقط تلك التي يكشف عليها المجلس الأعلى للحسابات، بل هناك مؤسسات ومرافق لا تصل إليها يد هذا المجلس.

من جهته طالب اليونسي بضرورة إخراج قانون الإثراء غير المشروع والقانون الجنائي والمسطرة الجنائية في صيغتها الجديدة لتعزيز دور القضاء والضابطة القضائية في محاربة هذه الجرائم.

وخلص اليونسي إلى أن “بعض مؤسسات الحكامة التي تعنى بقضايا الفساد من قبيل مجلس المنافسة وهيئة النزاهة ومحاربة الرشوة، أصبحت عبئا، نظرا لانعدام دورها في مثل هذه  القضايا”.