story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تقرير يرسم صورة “قاتمة” عن استغلال مياه البلاد ومقالع رمالها

ص ص

وقف تقرير حديث أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يحمل عنوان “آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية (الموارد المائية والمقالع)” عند مجموعة من الاختلالات والإكراهات التي تشوب مقالع الرمال واستغلال الموارد المائية، أبرزهما الاستغلال المفرط وغياب الشفافية والمراقبة.

وقال التقرير إن “العديد من القطاعات في البلاد تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية الحيوية أو الاستراتيجية مثل المياه والمقالع” إلا أنه أقر أنها “تشهد تدهورا متزايدا نتيجة عوامل متعددة، بما في ذلك الاستغلال المفرط والاستغلال غير المشروع”.

وبالرغم من أن “السلطات العمومية وضعت مساطر لمنح التراخيص ومراقبة الاستغلال بهدف تقنين الولوج إلى هذه الموارد”، أورد التقرير أن هذه الموارد الطبيعية ما تزال تخضع لضغوط متزايدة بشكل يهدد تحقيق التنمية المستدامة والأمان الإنساني.

استغلال غير مشروع

وسجل التقرير انتشارا ملحوظا في السنوات الأخيرة لممارسات الجلب غير المشروع للمياه، خصوصـا فـي ظـل موجـات الجفـاف المتكـررة، مضيفا أن إحصائيات برسـم سـنة 2017 تشير إلـى أن عـدد الذيـن يقومـون بجلـب الميـاه دون ترخيـص يفـوق 100 ألف شـخص مقابـل 52 ألف شـخص مرخـص لـه بذلـك، وهو رقم يعتبر جد مرتفع، حسـب مـا ورد فـي تقريـر المجلـس الأعلى للحسـابات.

وأفاد المصدر ذاته أن عملية جرد نقاط المياه المهجورة والتي تفتقر لتدابير السلامة الضرورية، المنجزة من قبل وزارة التجهيـز والمـاء بالتنسـيق مـع وزارة الداخليـة، كشـفت عـن وجـود 292 ألف نقطـة ميـاه، تتوفـر 30 ألفا منهـا علـى تراخيـص رسـمية، مؤكدا أن هذا الواقع يؤثر سلبا على أم الموارد المائية بالبلاد وعلى حق المواطنين في الاستفادة من المياه.

آبار غير مرخصة

وكشف مجلس الشامي، وفقا للتقديرات المنجزة سنة 2023 إلى زيادة في نسبة الآبار والأثقاب غير المرخصة لها بالمغرب لتصل إلى 80 بالمائة، متوقفا عند إحصائيات صادرة عن وزارة التجهيز والماء، والتي أحصت 409 مخالفـة فـي مجـال الحفـر غيـر القانونـي للآبار والأثقاب، بالإضافة إلـى 117 حالـة متعلقـة بجلـب الميـاه السـطحية.

وتشير معطيات التقرير إلى أنه مـن ضمن مجمـوع هـذه المخالفـات التي تم إحصاؤها، جرى البـت قضائيـا فـي 21 حالـة منها، وتـم التوصـل إلـى تسـوية 9 حـالات منها بشـكل ودي فيمـا ما تـزال الحالات المتبقيـة معروضـة علـى أنظـار القضـاء.

وعدد المصدر إياه الإكرهات المرتبطة بتنفيذ آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال في مجال المياه، والتي منها “وجود عدد كبير من المستخدمين الذين يجلبون المياه خارج نظام التراخيص، بالإضافة إلى محدودية عدد التراخيص الممنوحة لنشاط صب المياه العادمة”.

وأشار في ذات الوقت إلى ما قال إنه تعقيد وبطء في إجراءات منح التراخيص أو الامتيازات، بسبب صعوبة التنسيق بين أعضاء اللجنة الخاصة المكلفة بإجراء البحث العلني، وكثرة الشكاوى والتعرضات المقدمة.

تنصل من المراقبة واستنزاف

وفي الجانب المتعلق بوضعية مقالع الرمال، أكد مجلس الشامي أن غالبية المشاركات و المشاركين في الاستشارة حول آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال المقالع يرون أن “تنزيل هذه الأليات لا يراعي مبادئ الشفافية والانصاف بين المتقدمين بطلبات الترخيص خلال مختلف مراحل هذه العملية”،

وأكدت في هذا الصدد أن التعليقات دعت إلى إرساء مزيد من الشفافية على مستوى المساطر وتعزيز مبادئ الإنصاف والمساواة. فضلا عن تشديد المراقبة مع سن عقوبات رادعة في حالة مخالفة القوانين ذات الصلة.

وقال المجلس، في التقرير إياه، إن هناك “نقصا في الموارد البشرية والإمكانيات التشغيلية المخصصة لتدبير المقالع على مستوى وزارة التجهيز والماء”، مشددا على أن “ثمة عدد لا يستهان به من هذه المقالع يفلت من المراقبة المنتظمة”.

ومن ضمن ما كشفه مجلس الشامي كذلك نتائج الاستغلال غير المقيد والمفرط لبعض أنواع المقالع، والتي أكد أن لها “تأثيرات طويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد لا ينبغي تجاهلها”، وتابع أن هذا الاستغلال يهدد بشكل كبير استدامة هذه الموارد، وكذلك حق الأجيال المستقبلية في الاستفادة من مستويات مماثلة للموارد التي تنعم بها الأجيال الحالية.

المقالع وحقوق العمال

وكشف مجلس الشامي “ضعف امتثال ظروف العمل في المقالع للنصوص التنظيمية والمعايير الفضلى في مجال المسؤولية الاجتماعية للمقاولات ويتجلى هذا عادة في علاقات عمل غير منظمة بالشكل الكافي وأجور متدنية، وعدم التصريح الكامل أو التصريح الجزئي بالعاملين بالإضافة إلى ارتفاع مخاطر حوادث الشغل والأمراض المهنية”.

وأشار المجلس إلى أن عملية إعادة تأهيل المقالع القديمة ماتزال تصطدم بعقبات، ومن ضمن ذلك إقدام المستغلين“على مغادرة هذه المواقع بعد الانتهاء من استغلالها دون القيام بأشغال إعادة التهيئة اللازمة، أو القيام بها بشكل لا يتوافق مع المعايير المحددة”.

هذه الممارسات وفق الوثيقة ذاتها، ينجم عنها “تشويه المناظر الطبيعية، و تحول هذه المواقع إلى بؤر خطرة أو مصادر للتلوث، خاصة عند استغلالها كمطارح نفايات عشوائية، مما يؤثر سلبا على النظم البيئية والمياه الجوفية”.

توصيات المجلس

ومن ضمن التوصيات التي قدمها المجلس في تقريره، تعزيز فعلية النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، مع الحرص على التنفيذ الفعّال لآليات منح التراخيص و المراقبة في مجال المياه والمقالع على حد سواء، وتبسيط المساطر واحترام الآجال القانونية لمنح التراخيص، فضلاً عن تسوية وضعية مستغلي الموارد بكيفية غير قانونية.

ودعا إلى تعزيز الإطار القانوني المنظم لآليات منح التراخيص والمراقبة، من خلال إضفاء الطابع الملزم على المخططات الجهوية لتدبير المقالع، مع تسريع عملية إعداد هذه المخططات، واعتماد النصوص التطبيقية الضرورية لتنفيذ القانون رقم 49-17، لاسيما بخصوص التقييم البيئي الاستراتيجي للمخططات والبرامج والمشاريع الوطنية والجهوية لاستغلال المياه والمقالع.