تزويد أوروبا بالغاز.. ساحة منافسة بين المغرب والجزائر
منذ أن عاد الملك محمد السادس، إحياء الحديث عن خط أنبوب الغاز الذي سيربط المغرب بنيجيريا، في نونبر الماضي، أصبح المجال مسرحا جديدا للتنافس بين المغرب والجزائر، حيث تسعى الدولتان إلى استكمال مشروعيهما في بناء أنبوب الغاز قادما من نيجيريا، بطموح تزويد أوروبا بالغاز.
وحسب تقرير لموقع L’inteligence economique الفرنسي المتخصص في التحليلات الاقتصادية، فبعد إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي في 2021، اشتدت المنافسة في مجال الطاقة بين المغرب والجزائر، حيث تمضي الرباط، بالتعاون مع أبوجا، قدما في مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، لينافس خط أنابيب الغاز العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر مرورا بالنيجر.
وحسب الموقع فإن هذه المنافسة تعكس حقيقة سباقاً نحو تلبية الطلب المتزايد على الغاز في أوروبا، بعد تراجع واردات الغاز الروسي، مما سيسمح لهما بتعزيز مواقفها الاستراتيجية على الصعيد الأوروبي.
مشروع معلق
يتوقع أن يمتد أنبوب الغاز النيجيري- الجزائري على مسافة 4400 كيلومتر تقريبا مرورا بدولة النيجر، بتكلفة تقدر ب 13 مليار دولار ومن المنتظر أن تصل قدرة النقل بين 20 إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
وفي المقابل، يقول التقرير، إن المشروع يبقى معلقا في الفترة الحالية نتيحة عدة صعوبات أمنية تتعلق بمساره، حيث يمر الخط عبر النيجر، التي تعاني من مشكلة أمنية، وخاصة بسبب نشاط الجماعات المسلحة مثل جماعة بوكو حرام وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ويضاف إلى هذا، الجماعات الإسلامية المسلحة التي تنشط في صحراء الجزائر، حيث يمكن لهذه المجموعات أن تنظر إلى خط الأنابيب باعتباره هدفًا ذا قيمة مضافة عالية، حسب ذات التقرير.
سوق إقليمية
على الجهة الأخرى، يواجه المغرب تحديا من نوع آخر بسبب مرور أنبوب الغاز المغربي النيجيري من 11 دولة إفريقية، حيث يهدف المشروع إلى ربط جميع بلدان غرب إفريقيا بالمغرب، وبالتالي خلق سوق إقليمية للغاز الطبيعي.
لكن في المقابل، يرى التقرير أن عمل المغرب على إنجاح هذا المشروع سيأخذ الرباط في طريق تعزيز علاقاته مع دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وهو ما قد تكون له انعكاسات على قضايا إقليمية أخرى، بما في ذلك قضية الصحراء المغربية.
وأورد التقرير أن الجزائر من جهتها، ترى في المشروع الجديد تهديدا لمصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، خوفا من تقليل نفوذها ليس فقط في غرب إفريقيا ولكن أيضا في أوروبا، التي صارت الجزائر فيها موردا تقليديا.
وخلص التقرير إلى أن “مشروعي خط الأنابيب المتنافسين ليسا مجرد بنية تحتية اقتصادية، بل هما تجسيد لاستراتيجيات جيوسياسية أوسع نطاقا”، مؤكدا أن “هذه المشاريع، ستستمر في إعادة تحديد ميزان القوى في المنطقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار تمتد إلى ما هو أبعد من صناعة الغاز”.