تراجع الاستثمارات المغربية نحو الخارج.. خبير: المقاولات المغربية تمر بمرحلة صعبة
سجل حجم الاستثمارات المغربية نحو الخارج تراجعًا خلال السنة الماضية بنسبة 5% مقارنة بسنة 2023، بحيث انتقل الرقم من 25 مليونًا إلى 24 مليون درهم، وذلك في ظل الأزمة التي بات يعرفها النسيج المقاولاتي بالمغرب، والتي أدت إلى ارتفاع حالات إفلاس المقاولات بالمملكة خلال السنوات الماضية.
وعلى الرغم من ارتفاع مداخيل الاستثمارات بالخارج بنسبة 4% خلال سنة 2024، حسب أرقام مكتب الصرف، إلا أن نفقات المقاولات المغربية بالخارج سجلت انخفاضًا نسبته 5%، وهو ما يؤشر على تراجع الاستثمارات المغربية خارج المملكة، كما سجل صافي التدفقات انخفاضًا نسبته 23.2%.
وتعليقًا حول الموضوع، أوضح الخبير الاقتصادي، يوسف كراوي الفيلالي، أن الوضع المتأزم الذي يعرفه النسيج المقاولاتي في المغرب، يجعل المقاولات منغمسة في العجلة الاستهلاكية، المرتبطة بتسييرها اليومي والشهري، وهو ما لا يترك لها متنفسًا للاهتمام بالعجلة الاستثمارية، وبالتالي رفع وتيرة استثمارها وطنيا وخارجيا.
وأوضح الخبير أن المقاولات المغربية باتت تواجه ضغطًا ماليًا متزايدًا مرتبطًا بدورة التشغيل الخاصة بها، يعوق عليها مهمة أداء نفقاتها الشهرية مثل الأجور والمستحقات المالية لصندوق الضمان الاجتماعي، وتأدية السومة الكرائية والمصاريف المتعلقة بالاستهلاك والمصاريف السلكية واللاسلكية.
وأمام هذا الوضع، أكد الخبير أن تراجع الاستثمارات الأجنبية للمقاولات المغربية نحو الخارج لم يكن مفاجئًا، حيث تمر المقاولات المغربية بمرحلة صعبة، خاصة المقاولات الصغيرة والصغيرة جدًا، التي تمثل أكثر من 95% من النسيج المقاولاتي في المغرب.
وأضاف أن ارتفاع نسبة الإفلاس يعكس هذه الوضعية المتأزمة، حيث ارتفع الرقم بين المقاولات القانونية المصرح بها داخل الاقتصاد المهيكل بنسبة 13% خلال السنة الماضية، متوقعًا مزيدًا من التفاقم إذا لم يكن هناك اهتمام حقيقي وجاد من طرف السلطات الحكومية المكلفة بدعم المقاولات الصغيرة والصغيرة جدًا.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد سلط الضوء على عدد من التحديات التي تواجه المغرب ووضعها كأربع “نقاط يقظة” يجب الانتباه لها، واضعًا ظاهرة إفلاس المقاولات المغربية كـ “نقطة اليقظة الأولى”، وذلك لتأثير هذه الظاهرة على عدد من القطاعات الأخرى، مما رفع نسبة البطالة خلال السنة الماضية إلى مستويات قياسية.
وأبرز التقرير أن خطورة الوضع تكمن في أهمية المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة بالنسبة لقطاع التشغيل، حيث تُشَغِّلُ هذه المقاولات أزيد من 76 في المائة من العاملين المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو ما يجعل هشاشتها تطرح رهانات كبرى سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي.
وفي ذات السياق، تابع التقرير أن استمرار أو تفاقم إفلاس المقاولات لا يتسبب في تدمير الرأسمال الإنتاجي فحسب، بل يخلق توترات اجتماعية تزيد من حدتها هشاشة الشغل داخل هذه المقاولات.
وكان النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، عبد النور الحسناوي، قد أكد أن الحكومة اليوم “عجزت عن تأهيل المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والارتقاء بها لتسهم في منظومة التجارة الخارجية بالبلاد”، مستدلا في ذلك بـ”النزيف المتواصل” في إفلاس هذه المقاولات والذي من المتوقع أن يصل إلى 40 ألف حالة بنهاية السنة الجارية.
وطالب الحسناوي خلال جلسة الأسئلة الشفهية الخاصة برئيس الحكومة عزيز أخنوش بمجلس النواب، الاثنين 04 نونبر 2024 بتوفير دعم للمقاولات المغربية لتدارك العجز التجاري من خلال فتح المزيد من الأسواق أمام الصادرات، وتعزيز وجودها في السوق العالمية وكذلك بلوغ إمكاناتها التصديرية، داعيا في الوقت ذاته إلى ابتكار آليات ناجعة لتعزيز إمكانية حصول هذه الفئة من المقاولات على التمويلات الضرورية.