تخفيف العبء الأسري وإعفاءات جديدة .. أبرز المستجدات الضريبية في مالية 2026
جاء قانون المالية لسنة 2026، الذي صادق عليه البرلمان بشكل نهائي، وهو في طريقه للنشر بالجريدة الرسمية، (جاء) بعدد من الإجراءات والتعديلات الضريبية التي تهدف، بحسب القانون إلى تبسيط المساطر، تعزيز الشفافية، ودعم فئات وقطاعات محددة.
نسبة ضريبية ملائمة لمؤسسات التمويل الأصغر
أدخل القانون تعديلات جديدة لدعم قطاع التمويل الأصغر، بهدف تشجيع جمعيات القروض الصغرى على التحول إلى بنوك أو شركات تمويل، مع الحفاظ على بعدها الاجتماعي.
ويتمثل الإجراء في تطبيق نسبة ضريبية ملائمة على هذه المؤسسات خلال السنوات الخمس الأولى من استغلالها، إذ استثنى القانون مؤسسات التمويل الأصغر المكوَّنة على شكل شركات مساهمة والتي تم تحويل أصولها والتزاماتها من جمعيات التمويل الأصغر من تطبيق نسبة 40% من الضريبة على الشركات.
هذا الإجراء من شأنه وفق القانون، أن يعطي لهذه المؤسسات فرصة للنمو والتوسع، ويحفزها على تحويل نشاطها الرسمي إلى شكل مصرفي أو تمويلي، دون أن تفقد طابعها الاجتماعي ودورها في دعم الفئات الأكثر احتياجًا.
إعفاءات خاصة بالسفن المخصصة للنقل البحري الدولي
في إطار دعم تنافسية المغرب في قطاع النقل البحري الدولي، أتاح قانون المالية إعفاءات ضريبية للشركات فيما يتعلق بالسفن المخصصة لهذا النوع من النقل.
وينص القانون على إعفاء الضريبة على الشركات المحجوزة عند المصدر على حقوق الإيجار والمكافآت المماثلة المتعلقة باستئجار السفن، وكذلك الصيانة والبراءة، عندما تُسدّد أو تُقيَّد لفائدة أشخاص غير مقيمين.
ويضع هذا الإجراء المغرب في انسجام مع الممارسات الدولية ويعزز قدرة الفاعلين المغاربة في هذا القطاع على المنافسة عالمياً، مع تخفيف العبء الضريبي على الشركات التي تعمل في النقل البحري الدولي.
تبسيط تسوية الزيادات في قيمة بيع العقارات بالنسبة لغير المقيمين
قبل هذا القانون، كانت الشركات غير المقيمة التي لا تتوفر على منشأة دائمة في المغرب مضطرة للإدلاء بتصريح سنوي للزيادات في القيمة الناتجة عن بيع العقارات داخل المغرب، خلال ثلاثة أشهر من إقفال السنة المالية.
لكن التعديل الجديد يسمح لهذه الشركات بتسوية وضعيتها الضريبية مباشرة بعد كل عملية بيع، ما يجعل الإجراءات أكثر سلاسة ووضوحًا، ويقلل من الأعباء الإدارية على الشركات غير المقيمة، مع الحفاظ على دقة تحصيل الضرائب المتعلقة بالمعاملات العقارية.
توسيع نطاق الاقتطاع عند المصدر ليشمل عائدات الإيجار العقاري
يسعى القانون إلى تعميم تطبيق الاقتطاع عند المصدر على جميع عائدات الإيجار العقاري، سواء تعلق الأمر بالشركات الخاضعة للضريبة على الشركات أو الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة المهنية.
وتلتزم الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والبنوك وشركات التأمين بتطبيق هذا الاقتطاع ابتداءً من فاتح يوليوز 2026، بشكل تدريجي حسب رقم المعاملات: الشركات التي يتجاوز رقم معاملاتها 500 مليون درهم ستبدأ تطبيق الاقتطاع من يوليوز 2026، والشركات ذات رقم معاملات 350 مليون درهم ستبدأ من يناير 2027، والشركات التي يبلغ رقم معاملاتها 200 مليون درهم ستبدأ من يناير 2028.
ويحتسب الاقتطاع بنسبة 5% من المبلغ الخام للإيجارات، مع إمكانية خصمه من الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل، ما يمنح الشركات المرونة مع الحفاظ على إلزامية تحصيل الضرائب.
واجب تسجيل إضافي للحد من الأداء نقدًا في المعاملات العقارية
يهدف هذا الإجراء إلى الحد من استخدام الأداء النقدي وتعزيز الشفافية في المعاملات العقارية، إذ أنه بموجب هذا القانون، يفرض واجب تسجيل إضافي بنسبة 2% على العقود المتعلقة بالعقارات أو الحقوق العينية العقارية التي يفوق ثمنها 300.000 درهم أو أصول تجارية، إذا لم يتم تحديد طريقة الأداء في العقد أو إذا لم يتم الأداء عبر شيك أو تحويل بنكي أو أوراق تجارية.
وفي حالة أداء جزء فقط من الثمن بالوسائل المعتمدة، يطبق الواجب الإضافي على الجزء غير المؤدّى بهذه الوسائل، ما يعزز الالتزام بالشفافية ويحد من التعامل النقدي في المعاملات ذات القيمة الكبيرة.
خصم بنسبة 50% لفائدة الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة
أقر القانون خصمًا ضريبيًا بنسبة 50% للأشخاص الطبيعيين الذين تحدد مداخيلهم المهنية وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة ولا يتوفرون على نظام تقاعد. يشمل الخصم الأرباح المتعلقة بالعناصر المعنوية للأصل التجاري عند التوقف النهائي عن النشاط، في حدود مليون درهم، شريطة أن يكون المستفيد قد بلغ سن 65 سنة على الأقل.
ويعكس هذا الإجراء حرص الحكومة على تخفيف العبء الضريبي على أصحاب الأنشطة الصغيرة والمتوسطة وضمان التوازن بين تحصيل الضرائب وتشجيع الاستثمار.
رفع التخفيض عن الأعباء العائلية
تم تعديل قواعد التخفيض الضريبي على الدخل المرتبط بالأعباء العائلية، حيث ارتفع المبلغ السنوي المخصوم من 500 إلى 600 درهم عن كل شخص، وتم رفع السقف الإجمالي من 3.000 إلى 3.600 درهم، مع الإبقاء على الاستفادة لستة أشخاص تحت الكفالة.
ويأتي هذا التعديل لدعم الأسر وتخفيف العبء الضريبي عليها، بما يواكب ارتفاع تكلفة المعيشة ويعكس حرص الحكومة على تحسين العدالة الاجتماعية في النظام الضريبي.
تبسيط مراقبة الأشخاص الطبيعيين
أصبح الإجراء الخاص بمراقبة الأشخاص الطبيعيين أكثر بساطة ووضوحًا، حيث ستوجه الإدارة إشعارًا واحدًا فقط للمعنيين، مع تحديد مدة المراقبة لتكون مساوية لمدة التحقق من المحاسبة.
ويتم عقد جلسة شفوية واحدة لمناقشة التعديلات المقترحة، وتعتبر إجراءات التصحيح لاغية في حال عدم إشعار المعنيين بالمراقبة.
وتهدف هذه الإجراءات إلى تقليص التعقيدات الإدارية وتسهيل التواصل بين المكلفين بالإقرار الضريبي والإدارة، مع الحفاظ على حق الإدارة في التدقيق والرقابة.
أداء الضريبة على أرباح بيع القيم المنقولة خلال 30 يومًا
قبل قانون المالية 2026، كان يجب على المكلفين أداء الضريبة السنوية على أرباح بيع القيم المنقولة قبل فاتح أبريل من كل سنة، أما الآن، فأصبح لزامًا أداء الضريبة على كل عملية بيع خلال 30 يومًا من تاريخها، مع الإبقاء على التصريح السنوي لاسترجاع أي فائض محتمل.
ويشمل التوضيح الجديد أيضًا الالتزامات المتعلقة بالتصريح بالأرباح والدخول من رؤوس الأموال المنقولة ذات المصدر الأجنبي، مما يجعل العملية أكثر مرونة ووضوحًا للمكلفين.
تمديد المساهمة الاجتماعية للتضامن
استمرارًا لجهود تعبئة الموارد لدعم التماسك الاجتماعي، تم تمديد العمل بالمساهمة الاجتماعية للتضامن لسنوات 2026 و2027 و2028.
وتشمل هذه المساهمة الأشخاص المعنويين والأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية، الذين يبلغ دخلهم السنوي مليون درهم أو أكثر، وتُحتسب النسب وفق مستويات الأرباح (1,5%، 2,5%، 3,5%، 5%).
ويأتي هذا التمديد ضمن استراتيجية الحكومة لتعزيز الموارد المخصصة لدعم التضامن الاجتماعي والتخفيف من الفوارق بين مختلف الفئات.