“تتضمن مغالطات”.. مدير إقليمي ينتقد مبررات وزارة التعليم لإنهاء مهامه

انتقد المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بخريبكة محمد أجود، مبررات إنهاء مهامه، إلى جانب 15 مديرا إقليميا آخر، التي قدمتها الوزارة، مؤكدًا أن المديرية التي كان يشتغل بها “لم يسبق لها أن خضعت لأية زيارة من طرف المفتشية العامة أو الوحدة المركزية لدعم الإصلاح، مما يطرح تساؤلات حول الأسس التي استند إليها القرار”.
وأضاف أجود، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن “بلاغ وزارة التربية الوطنية يحتوي على مغالطات كثيرة”، مشيرًا إلى أن التقييمات التي أُجريت سابقًا صنفت مديرية خريبكة ضمن المديريات الأفضل أداءً على الصعيد الوطني، إذ احتلت، إلى جانب مديرية خنيفرة، المرتبة الأولى جهوياً ضمن التصنيف “الأخضر”.
وجاءت عملية الإعفاء، التي أعلنت عنها الوزارة الأربعاء 12 مارس 2025، “تفعيلا لنتائج عملية تقييم الأداء التربوي والتدبيري للمديرات والمديرين الإقليميين، وقدرتهم على المساهمة في تنزيل برامج الإصلاح وتحقيق أهدافه، حسب بلاغ في الموضوع.
واعتبر المسؤول التربوي السابق أن نتائج المديرية “تتناقض” مع مبررات الوزارة بوجود “اختلالات تدبيرية”، قائلا: “ربما يجب البحث عن مبررات أخرى لإنهاء المهام”.
وتروم هذه العملية، “التي تمت في إطار من الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبتنسيق مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين”، إلى مواصلة تعزيز وتطوير أداء المديريات الإقليمية، ودعمها بالأطر المؤهلة من أجل تنزيل برامج الإصلاح، وبلوغ النتائج التربوية المنتظرة” حسب البلاغ.
وكان القرار قد أثار موجة من الجدل داخل الأوساط التعليمية والنقابية في المغرب، بحيث أنه في الوقت الذي بررت فيه الوزارة هذه الخطوة بكونها تهدف إلى “تعزيز القدرات التربوية والتدبيرية والحكامة” على مستوى المديريات الإقليمية، خلَّف هذا القرار تساؤلات حول “خلفياته الحقيقية” ومدى استناده إلى معايير موضوعية في التقييم والمحاسبة.
وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب الوطني العام للجامعة المغربية للتعليم، عبد الله اغميمط، أن حجم هذه الإعفاءات يستوجب التوقف عنده بجدية، متسائلًا عن “مدى كفاية ثلاثة أشهر فقط، وهي الفترة التي قضاها الوزير الحالي في منصبه، لتقييم أداء المسؤولين الإقليميين”.
وأشار اغميمط في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” إلى ما وصفه “بتناقض مواقف الوزارة”، حيث بررت الإعفاءات باختلالات في تنزيل مشاريع “مدارس الريادة”، رغم أن الوزير سبق وأشاد بهذه التجربة وقرر تعميمها على السلكين الابتدائي والإعدادي، مما يزيد من “الغموض حول دوافع القرار”.
ولم يخفِ المسؤول النقابي خوفه من أن تكون هذه الحملة من الإعفاءات محاولة لـ”توطين عناصر موالية لخدمة أجندات انتخابية وسياسية، خاصة وأن بعض المديرين المحسوبين على حزب الوزير لم تشملهم قرارات الإعفاء رغم مسؤوليتهم عن اختلالات تدبيرية”.
من جانبه، اعتبر الخبير التربوي ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، عبد الناصر الناجي، أن من حق وزير التربية الوطنية اتخاذ قرارات الإعفاء في حق أي مسؤول إذا ثبت إخلاله بمهامه، وذلك في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه الدستور.
واستدرك الناجي بالقول “لكن من الضروري أن يخضع ذلك للضوابط والمعايير الموضوعية التي تحكم مثل هذه القرارات، نظرًا لتأثيرها الكبير على سيرورة الإصلاح التربوي”.
وأثار الناجي إشكالية تحميل المسؤولية للمسؤولين الإقليميين عن تعثر مشروع “مؤسسات الريادة”، في حين أن تدبير هذا المشروع يتم على المستوى المركزي، وهو ما يطرح تساؤلات، حسب الخبير، حول مدى مسؤولية الإدارات المركزية والجهوية في نجاح أو فشل تنزيل المشروع على المستوى الإقليمي، وكذا مدى توفر هؤلاء المسؤولين الإقليميين على الإمكانات والموارد اللازمة لأداء مهامهم بالشكل المطلوب.
وأضاف الخبير التربوي أن توقيت هذه الإعفاءات، الذي جاء في الربع الأخير من السنة الدراسية، “قد يتسبب في ارتباك إداري داخل المديريات المعنية، خاصة وأنه يتزامن مع مرحلة حاسمة من عملية تعميم المشروع، مما قد يؤثر على انخراط الفاعلين في إنجاحه”.