story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

بوخبزة: تدخل الجزائر في الشأن المالي هو تصدير لأزماتها الداخلية نحو الخارج

ص ص

استنكرت دولة مالي تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، والتي تحدث فيها عن “الاستراتيجية المالية لمكافحة الإرهاب”، معتبرة إياها “تدخلا” في شأنها الداخلي، متهمة في نفس الوقت الجزائر بدعم “مجموعات إرهابية” على مستوى الشطر الشمالي للبلاد الذي يشهد تمردا للطوارق.

وقالت الخارجية المالية، في بيان لها أمس الأربعاء، إنها “تبلغت عبر الصحافة بتصريحات” وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف والتي علق فيها على “الاستراتيجية المالية لمكافحة الإرهاب”، منددة “بشدة بهذا التدخل الجديد للجزائر في الشؤون الداخلية لمالي”.

وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي محمد العمراني بوخبزة، إن المنهج الذي تعتمده الجزائر في التعامل مع جيرانها، يجسد اختيارات السياسة الخارجية في الجزائر “التي تعتمد هذه الوسيلة من أجل التغطية على مشاكلها الداخلية أو ما يسمى بتصدير أزماتها للخارج”.

وأضاف الأستاذ الجامعي، أن “الجزائر للأسف الشديد لا زالت متشبثة بهذا المنهج، وهو ما قد يؤدي إلى الإضرار بأمن واستقرار المنطقة التي تعيش على هشاشة أمنية كبيرة جدا”، مشيرا إلى أن تبعات ذلك لن تنحصر فقط في العلاقات الثنائية بين الجزائر ومالي، “بل قد تجر المنطقة إلى اللا استقرار الذي تحاول دول أخرى أن تحافظ عليه بكل الوسائل”.

وفي ذلك، ذكرت الخارجية المالية بأن “الخيارات الاستراتيجية لمكافحة المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من دول أجنبية، تندرج فقط في إطار سيادة مالي” وجارتيها بوركينا فاسو والنيجر، والتي شكلت معهما كونفدرالية بعد انسحاب الدول الثلاث من المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا.

وأشار بوخبزة، في هذا السياق، إلى أن هذا الأمر قد يؤدي كذلك إلى “عزلة حقيقية بالنسبة للنظام في الجزائر إذا ما واصل اعتماد نفس المنهج”، موضحا أن الجزائر لم تغير من أسلوبها في التعامل مع جيرانها، بحيث أنه “في السابق لم تكن بعض الدول ترغب في التصريح بذلك بشكل علني، لكن الآن تغيرت بعض الأمور خاصة بعد التحولات التي عرفتها بعض الأنظمة في دول المنطقة”.

ومن شأن هذا الأمر أن يدفع دول أخرى للتعبير عن نفس الرفض للتدخل الجزائري في الشؤون الداخلية لدول الجوار، “وهو ما قد يؤدي في الحقيقة إلى نشوب خلافات بين دول المنطقة، وهنا نستحضر تصريح الجنرال الليبي خليفة حفتر، وتصريحات عدد من دول الجوار ضد النظام الجزائري من قبيل مالي، تشاد، النيجر، المغرب، وموريتانيا”، يقول الأستاذ الجامعي.

واستطرد المتحدث، أن كل هذه الدول تعاني صراحة من اختيارات الجزائر التي “لا تواكب التحولات التي تعرفها المنطقة والتغيرات التي تعرفها الأنظمة في هاته المنطقة”.

وسبق للخارجية المالية أن دانت، في وقت سابق ما قالت إنه “قرب الجزائر وتواطؤها مع المجموعات الإرهابية التي تزعزع استقرار مالي”، داعية إياها إلى “الكف عن جعل مالي رافعة لتموضعها الدولي”.

وسجل العمراني بوخبزة أن الأمر لا يتعلق بمالي بمعزل عن باقي الدول المجاورة للجزائر، لافتا إلى أن هذا “التدخل” يجسد بشكل واضح طبيعة العلاقة التي تجمع الجزائر بجيرانها.

وتابع قائلا: “عوض أن تبحث الجزائر عن حلول لأزماتها الداخلية (…) تختار الطريق الأسهل وهو تصدير أزماتها للخارج”، مبرزا أن النظام الجزائري الحالي يهدف إلى تسميم العلاقات الخارجية على مستوى محيطه الإقليمي “من أجل أن يكون هناك رد فعل بغاية استغلاله داخليا لتجييش الرأي العام الداخلي والقول بوجود تهديد أو عدو خارجي يهدد الجزائر”.

وخلص أستاذ العلاقات الدولية إلى أن هذا الأمر “تم اعتماده في فترات سابقة من قبل مجموعة من الدول خاصة الدول ذات النظام الأحادي سواء كان حزبيا أو كان أيديولوجيا وغير ذلك، لكن اتضح أنه غير مجدي، علما أن جميع الأنظمة التي اعتمدت على هذا الأسلوب في تصدر أزماتها الداخلية نحو الخارج، انهارت”.

وفي غضون ذلك، كان المجلس العسكري المالي قد أعلن في 25 يناير 2024 “إنهاء” اتفاق السلام الذي وقع في الجزائر عام 2015 “بمفعول فوري”، والذي اعتبر لوقت طويل عاملا حيويا لإرساء الاستقرار في مالي.

واعتبر الاتفاق كأنه لم يكن منذ تجدد الأعمال العدائية العام 2023 ضد الدولة المركزية والجيش المالي من قبل مجموعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق، إثر انسحاب بعثة الأمم المتحدة (مينوسما) بناء على مطالبة المجلس العسكري بعد انتشار استمر عشرة أعوام.