story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحة |

“بوحمرون” يحصد 8 أرواح بشيشاوة.. ومندوب الصحة: دخلنا حالة الطوارئ الصحية

ص ص

“أنقذونا، أطفالنا يموتون، لا مستشفى بقريتنا ولا دواء”، كانت هذه صرخة جدة أمازيغية ذات ليلة ظلماء بقرية “أيت حدو يوسف” الجبلية نواحي شيشاوة، وهي تناشد السلطات لإنقاذ ثلاثة من أحفادها نال منهم مرض بوحمرون (الحصبة)، عبر فيديو حصلت عليه صحيفة “صوت المغرب” بدوا فيه بحالة جد سيئة جراء داء يتربص بالأطفال، وقد يسلب روح بالغ أحياناً كما يفعل هذه الفترة وهو يحوم بين قرى إقليم شيشاوة.

توفي طفل من الذين يظهرون بمقطع الفيديو وهو أكبر أشقائه ملتحقاً بوالدته التي رحلت عنهم قبل أسبوع جراء المرض نفسه، حسب مصدر محلي، بينما يخضع الطفلان الآخران للعناية المشددة بقسم الإنعاش في مستشفى مدينة مراكش؛ حيث تم نقلهم مباشرة بعد تسجيل المقطع.

حالة طوارئ

ومع تواصل تفشي مرض الحصبة في شيشاوة، كشف مسؤول بقطاع الصحة أنه تم إعلان “حالة الطوارئ الصحية” بالإقليم، مشيراً في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إلى أن جميع المراكز الصحية التابعة لمديرية وزارة الصحة تأهبت لرصد الإصابات والتكفل بالحالات المريضة.

وأفاد محمد الموس مندوب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم شيشاوة بأن المندوبية باشرت، الإثنين 5 غشت 2024، حملة تشخيص بمختلف مناطق الإقليم بدءاً من دائرة إمنتانوت “التي أرسلت إليها 6 أو 7 فرق صحية لمتابعة الوضع في الميدان”، مروراً بدائرة مجاط ثم امتوكة وانتهاء بدائرة شيشاوة.

وقال الموس لصحيفة “صوت المغرب” إن الرفع من وتيرة المتابعة الصحية لمرض الحصبة خلال هذه الفترة، يأتي بعد رصد السلطات المختصة تفشي هذا المرض بشكل كبير بالمنطقة، ما تطلب تنظيم حملة تشخيص واسعة لمتابَعة الحالات المشتبه في إصابتها، بموازاة حملة تلقيح تستهدف الأطفال، والبالغين الذين لم يستفيدوا من اللقاح ضد “بوحمرون”، مشدداً على أنه سيجري في الأيام المقبلة زيادة عدد الأطقم الصحية لتغطي جميع الدواوير التابعة للإقليم.

وحثّ المسؤول الوزاري المواطنين على ضرورة إحضار أي شخص ظهرت عليه أعراض مرض الحصبة بمحيطهم إلى أقرب مؤسسة صحية من أجل تقديم العناية الطبية اللازمة، وأوضح أن الأساليب التقليدية تزيد الوضع خطورة، مناشداً الآباء بالحرص على أن يستفيد أطفالهم من عمليات التلقيح ضد هذا الداء، لافتاً إلى أن هذه الأخيرة “كانت ولاتزال متواصلة دائماً، إذ أنها لم تتوقف حتى بموازاة إضرابات شغيلة قطاع الصحة”.

وشدد المصدر ذاته على أن مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم شيشاوة تجاوزت مرحلة دعوة المواطنين إلى مركز الإقليم لأخذ اللقاح، وبدأت اليوم تأخذ اللقاح إليهم في الدوائر التي يقيمون بها، وذلك من خلال إرسال الفرق الطبية التي تعمل في الوقت ذاته على الكشف عن الحالات، وتوزيع الأدوية.

8 وفيات ومصاب يعدي 18 آخرين

يوضح مصطفى الناجي مدير مختبر الفيروسات التابع لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن أحد أبرز أسباب انتشار مرض الحصبة هذه الفترة، “هو التراخي الذي حصل من قبل الآباء بالتزامن مع تفشي جائحة فيروس كوفيد-19” وهو ما ترتب عنه، يضيف البروفيسور، “عدم استفادة عدد من الأطفال من اللقاح، ضد مرض الحصبة، رغم توفره، ما جعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض”.

وأشار الناجي إلى أن 7 أطفال وسيدة توفوا خلال هذه الفترة جراء تفشي هذا الداء، مشدداً على أنه إذا لم يتم “حصر المرض في شيشاوة فإنه سيتفشى في أماكن أخرى، باعتبار تنقل المصابين بين المدن، وعدم ظهور أعراض المرض بسرعة”، حيث أن شخصاً واحداً يمكنه نقل العدوى إلى 18 شخصاً بحكم أن هذا المرض الفيروسي ينتشر بسرعة، حسب المتحدث.

ولفت الخبير في علم الفيروسات إلى أن من أسباب تفشي المرض أيضاً، اقتصار بعض المواطنين على جرعة واحدة من اللقاح، مؤكداً أن “هذا سلوك خطأ” إذ لا بد من الحصول على اللقاح الكامل مرتين، وإلا فإن الفيروس سيقاوم وقتاً قصيراً ليتغلب على مناعة الإنسان، وهذا ما يفسر تفشي ما يسميه المواطنون “بوحمرون” اليوم بين البالغين في قرى شيشاوة، والذين إما حصلوا على لقاح غير كامل أو لم يستفيدوا منه أبداً.

اللقاح واجب

وحثّ مدير مختبر الفيروسات بالدار البيضاء مصطفى الناجي المواطنين على الانتباه لأعراض مرض الحصبة، والتي تظهر على كبار السن من خلال انتفاخ وألم على مستوى الجفون والعينيين، بينما تظهر بالنسبة للأطفال على شكل انتفاخ خلف الأذن وبتور، مشدداً على ضرورة استشارة الطبيب فور ظهور هذه الأعراض، “وهو بدوره يشرف على هذه الحالات ويعطي الدواء المناسب، واللقاح اللازم”.

وأكد الخبير أن حصول الأطفال على اللقاح ضد الحصبة “واجب ومؤكد” ابتداء من سن 8 أشهر، واسترسل قائلاً “وكذلك الذي لم يسبق له أن أخذ اللقاح حتى وإن بلغ عمر 70 عاماً يجب أن يحصل عليه كي يحمي نفسه من هذا المرض”.

وفي وقت سابق كانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد أعلنت أن تحرياتها الوبائية الميدانية سجلت انخفاض الإقبال على التلقيح بمجموعة من التجمعات السكانية، مما ساهم في انتشار الفيروس وظهور بؤر الحالات المرضية.

وقالت في مارس الماضي إنه تم رصد ارتفاع ملحوظ لعدد حالات الحصبة منذ منتصف شتنبر 2023 بجهة سوس- ماسة بالخصوص، مشيرة إلى أن مصالحها الجهوية والإقليمية قامت بمجموعة من التدابير الميدانية من خلال تعزيز أنشطة الرصد الوبائي وحملات للتلقيح، مما مكن من احتواء سرعة انتشارها لتتمركز آنذاك بإقليمي تارودانت وشتوكة آيت باها، حسب بلاغ الوزارة.